الخرطوم ـ جمال إمام
أطلقت الشرطة السودانية، أمس الخميس، الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المشاركين في مسيرة حاولت الوصول إلى القصر الجمهوري في الخرطوم للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير الذي أجرى محادثات مع مسؤولين في قطر أمس.
ولبى آلاف السودانيين، أمس، دعوة "تجمع المهنيين السودانيين" للتظاهر في 17 موقعاً، وخرجوا في مظاهرات حاشدة من أكثر من 30 موقعاً في الخرطوم، وبعض مدن البلاد.
وكان المتظاهرون قد دأبوا منذ منتصف الشهر الماضي على التجمع في مكان وزمان يحددهما تجمع المهنيين، وهو ما سهل على الأجهزة الأمنية حشد قواها، والسيطرة على المكان المحدد قبل بدء الاحتجاجات.
أقرأ يضًا
- الشرطة السودانية تفرق المحتجين في كسلا وتعتقل نجل شخصية بارزة
لكن احتجاجات أمس كانت مختلفة، بعد أن غير التجمع تكتيكات التظاهر، ودعا إلى التظاهر في أكثر من موقع وفي وقت واحد، وجاء ذلك - على ما يبدو - رداً سريعاً على التحدي الذي بذله مدير الأمن والمخابرات صلاح غوش للمتظاهرين، تقليلاً من عددهم، بأن يتظاهروا في أكثر من مكان في وقت واحد.
وفي تمام الواحدة ظهراً، خرجت أحياء بري، والديوم، والكلاكلة، وحبرة، والصحافة، والفتيحاب، ودنوباوي، والأزهري، والكدرو، والجريق غرب، وشمبات، وديوم بحري، والشعبية، والشجرة، والحاج يوسف، والجريق شرق، وأم بدة، والموردة، والثورة، والحلفايا، إضافة إلى طلاب الجامعة الوطنية في العاصمة وحدها. كما تظاهر سكان مدن ود مدني، وأربحي، والمناقل، والشكابة، والمسعودية، وفداسي (وسط)، وسنار، وكركوج (جنوب)، وعبري (شمال)، وبورتسودان، والقضارف (شرق)، وفي عدد آخر من القرى، بحسب حصر لـ"تجمع المهنيين".
وجعلت مظاهرات الأطراف مركز الخرطوم أمس أشبه بمدينة أشباح، إذ أغلقت 90 في المائة من المتاجر أبوابها، وخلت الطرقات المكتظة بالناس والسيارات من الزحام، بعد أن احتلتها أعداد كبيرة من سيارات الدفع الرباعي التابعة للأجهزة الأمنية، والسيارات نصف النقل التي اعتلاها ملثمون بثياب مدنية.
ولم توقف قنابل الغاز المسيل للدموع التي استخدمتها أجهزة الأمن في وقف التظاهرات، أمس، لكن المحتجين اضطروا إلى التفرق على مساحات واسعة ومتباعدة في العاصمة، وفي مدن البلاد المختلفة، ما أفقد الأمن أفضلية توظيف الكثافة البشرية والآلية لتفريق المتظاهرين.
وكان تجمع المهنيين السودانيين قد دعا السودانيين أمس إلى التظاهر في "مواكب الرحيل"، التي كانت ستنطلق حسب تقديراته من 17 منطقة حول الخرطوم، وبعض مدن البلاد، بحيث تتحرك المواكب مجتمعة إلى القصر الرئاسي لتسليم مذكرة التنحي. لكن استجابة المواطنين فاقت توقعاته، على رغم من أنهم لم يفلحوا في الوصول إلى القصر الرئاسي عند ضفة النيل الأزرق.
وحافظت الاحتجاجات على سلميتها وشعاراتها التي أطلقتها منذ البداية، وهتف الآلاف "سلمية سلمية"، و"ضد الحرامية"، إضافة إلى هتافات "حرية سلام وعدالة" و"الثورة خيار الشعب" و"تسقط تسقط بس".
وفي بورتسودان، قتل أحد عناصر جهاز الاستخبارات السوداني، خلال اشتباك مع مجموعة من الجنود في ساعة متقدمة من ليلة أول من أمس، وفقاً للشرطة. ولم يتضح سبب الاشتباك على الفور. لكن الشرطة أكدت أمس احتواء الموقف من قبل قيادة الطرفين، والأوضاع الأمنية الآن مستقرة في الولاية.
وقال شهود عيان إن كثيراً من القرى على طول الطريق السريع الذي يربط الخرطوم بمدينة مدني (وسط) شهدت هي الأخرى احتجاجات في الشارع، حيث نزل المئات إلى شوارع حي بوري في العاصمة.
وقطعت مجموعة من المتظاهرين جميع الطرق المؤدية إلى الحي بجذوع الأشجار والأنابيب الحديدية والأحجار الكبيرة والإطارات المشتعلة، بحسب شهود عيان. وتصاعد الدخان الأسود الكثيف في سماء بوري.
غضون ذلك، طلبت كثير من الشركات والمتاجر في الخرطوم من موظفيها المغادرة قبل بدء المظاهرات، فيما التحق عدد قليل من التلاميذ بمدارسهم. وأفادت حصيلة رسمية بأن 26 قتيلاً سقطوا في المظاهرات منذ منتصف الشهر الماضي، فيما تلقي السلطات باللوم على محرضين، وتقول إنهم تسللوا بين صفوف المتظاهرين لإثارة الفوضى. لكن منظمات حقوق الإنسان تؤكد أن أكثر من 40 شخصاً، بينهم عاملون في المجال الصحي، قتلوا في الاشتباكات منذ اندلاع الاحتجاجات في 19 من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقد أثارت حملة السلطات الأمنية انتقادات بريطانيا وكندا والنروج والولايات المتحدة، التي حذرت الخرطوم من تداعيات ما تقوم به على العلاقات مع حكوماتها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا
- ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات والشرطة السودانية تنفي استخدام الرصاص الحي
- الشرطة السودانية تطلق النار على مشيعين خارج منزل محتج توفي صباح اليوم