تونس- الجزائر اليوم
وجَّه ممثلو عدد من الكتل في البرلمان التونسي انتقادات حادة ضد نواب "الحزب الدستوري الحر" ذي التوجه الليبرالي، والذي تقوده عبير موسى، إثر محاولة تعطيل الجلسة البرلمانية العامة المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، مؤكدين أنه "لا يمكن قبول اعتصام كتلة (الدستوري الحر) إذا تسبب في تعطيل مؤسسة سيادية كمجلس نواب الشعب (البرلمان)".
واعتلى نواب "الدستوري الحر" يوم أمس، منصة رئاسة البرلمان، لمنع انعقاد الجلسة العامة، مما اضطر سميرة الشواشي، النائبة الأولى لرئيس المجلس، إلى إدارة الجلسة من منصة مغايرة، وذلك بعد نحو خمسة أيام من الاعتصام داخل مقر البرلمان، في ظل انتقادات واسعة لهم، وتحول هذا المشهد إلى فوضى عارمة داخل المجلس، ومحاولات للاعتداء بالعنف اللفظي. وعبر ممثلون عن "التيار الديمقراطي" و"ائتلاف الكرامة" و"كتلة الإصلاح الوطني" وحزب "قلب تونس"، عن امتعاضهم من مواصلة نواب "الدستوري الحر" الاعتصام داخل البرلمان التونسي، منذ يوم الثلاثاء الماضي، دون أن تهرع رئاسة البرلمان إلى تطبيق مقتضيات النظام الداخلي للبرلمان.
واعتبر سيف الدين مخلوف، رئيس كتلة "ائتلاف الكرامة" المؤيدة لـ"حركة النهضة"، أن ما ارتكبته كتلة "الدستوري الحر" باعتصامها في منصة رئاسة المجلس يعد "جريمة"، مبينًا أن العقوبة تصل إلى السجن ثلاث سنوات وغرامة مالية، ودعا رئاسة البرلمان والنيابة العامة التونسية إلى التحرك وتطبيق القانون ضد المعتصمين في المجلس. وأضاف أن البرلمان التونسي أمام استحقاقات دستورية واقتصادية ينتظرها التونسيون، وكتلة "الدستوري الحر" تتعمد "تعطيل المجلس بهدف إيصال رسالة لمموليها والجهات التي تتعامل لحسابها، بأنهم قادرون على تعطيل مؤسسات الدولة"، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، وجَّهت سامية عبو، النائبة عن "الكتلة الديمقراطية"، انتقادات لاذعة لعبير موسى، وأعادت النعوت نفسها التي وصفتها بها جميلة الكسيكسي النائبة عن "حركة النهضة"، مؤكدة أنه ليس من حق موسى تعطيل المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2020، وتعطيل صرف رواتب الأجراء، على حد تعبيرها.
بدوره، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ"الشرق الأوسط"، إن الخلاف بين التيار الإسلامي ممثلًا في "حركة النهضة"، والتيار الليبرالي ممثلًا في "الحزب الدستور الحر" ليس جديدًا؛ بل هو امتداد للخلافات العميقة التي تعود إلى فترة نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وأضاف العرفاوي أن عبير موسى كانت قيادية في "حزب التجمع الدستوري" المنحل، وقد شهدت على العلاقة المتوترة التي ربطت بين الطرفين خلال العقود التي سبقت ثورة 2011. وقد استغلت وجود راشد الغنوشي رئيس "حركة النهضة" على رأس البرلمان التونسي، لمحاولة إحراج الإسلاميين وإظهارهم في مظهر من لا يؤمن بالاختلاف وبالنظام الديمقراطي. وتوقع العرفاوي أن يتواصل الخلاف خلال هذه الدورة البرلمانية، نظرًا لطبيعة النفي المتبادل للآخر الذي ساد لعقود متتالية.
يذكر أن البرلمان التونسي مطالب بالتصديق النهائي على مشروع قانون المالية الجديد، قبل العاشر من الشهر الحالي، وفي حال تعطلت هذه المصادقة، فستكون الانعكاسات سلبية على مجمل التمويلات الأجنبية الموجهة للاقتصاد التونسي، وستهدد مناخ الاستثمار.
من ناحيتها، جددت عبير موسى، رئيسة "الحزب الدستوري الحر" خلال كلمة ألقتها أمام النواب، تمسكها بضرورة اعتذار رئاسة البرلمان و"حركة النهضة" عن "النعوت البشعة" التي وصفت بها إحدى نائبات "النهضة" ممثلي الحزب. وأكدت أن الثقافة التي يعمل البعض على تكريسها هي ثقافة السب والشتم، معتبرة أن "من يعطل أعمال المجلس هو الذي أخطأ ولا يريد الاعتذار".
قد يهمك أيضًا
توقيع اتفاقية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سورية وأوسيتيا الجنوبية
شرطة منطقة الجوف تواصل حملتها لضبط مخالفي أنظمة العمل والإقامة وأمن الحدود