الرئيس التونسي قيس سعيد

خلّف إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن تطبيق حظر التجول في تونس، يوم أمس (يبدأ من السادسة مساءً إلى السادسة صباحاً)، جدلاً واسعاً حول مدى نجاعة هذا الإجراء في الحد من فيروس كورونا المستجد. لكنه كشف أيضاً عن «صراع صلاحيات دستورية» بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان)، وطرح تساؤلات حول الإجراء الأنجع الذي يجب تنفيذه: هل هو حظر التجول؟ أم عرض حالة الطوارئ؟ أم فقط الاكتفاء بتنفيذ ما ورد في القانون الجزائي التونسي.

وكشف طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان، عن طبيعة الصراعات التي برزت بين السلطات الدستورية الثلاث، مؤكداً محاولة كل طرف الاستفادة القصوى من «خوف التونسيين من انتشار فيروس كورونا ليوسع صلاحياته، ومن ذلك استدعاء رئيس البرلمان رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لمساءلته أمام النواب حول التدابير المتخذة لحماية تونس من انتشار الوباء، وأيضاً امتناع الفخفاخ عن الحضور، وتوجهه في المقابل إلى لقاء الرئيس قيس سعيد». وللبرهنة على صحة حديثه، خرق الفتيتي واجب التحفظ ليؤكد بالفعل وجود صراع سياسي حقيقي بين الرئاسات الثلاث خلال الفترة الحالية. وقال إن رئيس الحكومة رفض الحضور الثلاثاء الماضي اجتماع مكتب المجلس ورؤساء الكتل، واكتفى بإخبار البرلمان بذلك عبر اتصال هاتفي «بطريقة فيها الكثير من التعالي، واحتقار للمجلس ونواب الشعب»، على حد تعبيره.

في السياق ذاته، اعتبر بعض السياسيين أن تونس تعيش حالة طوارئ منذ سنوات، وهو وضع يتيح لوزارة الداخلية والولاة اتخاذ تدابير استثنائية في حالة «الخطر الداهم» دون حاجة إلى إقرار حظر التجول. وقد تعرض الإجراء الرئاسي إلى انتقادات حادة؛ إذ اعتبر أحمد نجيب الشابي، مؤسس حزب «الحركة الديمقراطية»، المعارض، أن إعلان رئيس الدولة حظر التجوال ليلاً، ومطالبة البرلمان بإقرار تشريعات وقوانين إضافية «يؤكد وجود صراع محتدم على النفوذ والصلاحيات بينهما». وطالب الرئيس سعيد باتخاذ مبادرة قانونية على مستوى رئاسة الجمهورية، تتمثل في مشروع قانون يساعد المتضررين، ويمدد تسديد القروض البنكية، ملمحاً إلى أن هذا القرار قد يتجاوز صلاحيات الحكومة.

وكان الرئيس قد دعا السلطة التشريعية (البرلمان) إلى أن تضع في قادم الأيام التشريعات الضرورية حتى يظهر التآزر الفعلي بين المواطنين، خاصة فيما يتعلق بالتعويض للمتضررين من الإجراءات الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية، ومنعته من العمل، مقترحاً في هذا الشأن إمكانية إقرار إجراءات تتعلق بـ«إعادة جدولة الديون لمن أجبر على تعليق نشاطه الاقتصادي».

كما أشار الشابي إلى وجود صراع صلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، الذي استدعى رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة إلى مكتبه للتشاور، في حين أن الدستور التونسي والنظام الداخلي للمجلس لا يتضمنان ما يخوّل له التدخل في عمل سلطة مستقلة عنه من الناحية الدستورية.


على صعيد متصل، انتقد خالد الكريشي، رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بالبرلمان، تطبيق قانون الأمراض السارية بعد صدور أمر حكومي بإضافة «فيروس كورونا» للأمراض السارية، معتبراً أن هذا الإجراء «غير كاف بالمرة نظراً لوجوب المرور بمراحل قضائية ضد المخالفين للإجراءات، خلافاً لأمر حالة الطوارئ الذي يتيح مجموعة من الصلاحيات خارج المسار القضائي، بما يتماشى مع الخطر الحالي، وعلى رأسها فرض منع التجمعات، والإقامة الإجبارية على من يرفض الحجر الصحي الذاتي».

وفي حين أعلنت الحكومة أنها تعتمد قانون الأمراض السارية، والفصل 312 من القانون الجزائي، الذي يقضي بالسجن لمدة ستة أشهر لمن يخالف الإجراءات القانونية، فإن البرلمان اعتبر أن الأزمة تتطلب اعتماد الأمر المتعلّق بحالة الطوارئ، فيما ذهبت رئاسة الجمهورية نحو حظر التجوال ليلاً فقط.

قد يهمك ايضا:

الرئيس التونسي يخطر البرلمان بتحديد جلسة منح الثقة لحكومة الفخفاخ

حزب سياسي شبابي جديد في تونس يتبنى أفكار الرئيس قيس سعيّد