عناصر من "الجيش السوري الحر"
دمشق - جورج الشامي
أعلنت مصادر المعارضة السورية، أنه تم اكتشاف مجزرة في قرية رسم النفل في الريف الشرقي لحلب، راح ضحيتها 191 شخصًا قضوا ذبحًا وحرقًا، وسط أنباء عن حركة نزوح كبيرة للمدنيين تشهدها أحياء دمشقية قريبة من ساحة العباسيين بعد اشتداد المعارك، في حين حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر،
من عواقب مأساوية نتيجة عدم إيصال المساعدات الإنسانية لعشرات آلاف المدنيين في سورية، فيما غادر خبراء الأمم المتحدة دمشق، بعد محادثات أجروها مع المسؤولين السوريين بشأن تقارير عن استخدام السلاح الكيميائي في النزاع الدائر.
وأفادت وكالة "سانا الثورة" السورية، بمقتل 15 من عناصر "حزب الله" بعد إصابة موقعهم في البحارية في ريف دمشق، فيما وصل "الجيش الحر"، إلى حرستا، إذ أفادت تنسيقيات الثورة بقطع "الجيش الحر" أوتوستراد حرستا الدولي بشكل كامل، بعد أن تمكّن من تفجير وحدة المياه في المدينة، والتي تعتبر مركزًا مهمًا للحكومة التي حولتها لثكنة عسكرية.
وتواصلت الاشتباكات بين الطرفين على أطراف أحياء جوبر والقابون وبرزة، وذلك بالتزامن مع قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون والدبابات وراجمات الصواريخ على هذه الأحياء المحاصَرة من قبل قوات الحكومة.
وارتفعت حصيلة القتلى إلى 80 قتيلاً، الخميس، سقط معظمهم في حلب ودمشق ودرعا، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان، وتحدثت الهيئة العامة للثورة عن سقوط قتلى وجرحى بانفجار عبوة ناسفة قرب قلعة دمشق، في حين شن الطيران الحربي غارتين جويّتين، استهدفت الأولى برج المعلمين في حي جوبر، بينما استهدفت الثانية المنطقة الفاصلة بين حيي جوبر والقابون.
من جهة أخرى، استهدفت المعارضة المسلحة تجمّعات قوات الحكومة في كل من مركز البحوث العلمية العلمية ومشفى تشرين العسكري بعدد من قذائف الهاون، فيما قال ناشطون إن "الجيش الحر" تمكن من تحرير عشرين عائلة كانت احتجزتهم قوات الحكومة في مدرسة الصناعة في حي القابون بعد اشتباكات عنيفة قُتل فيها عدد من عناصر قوات الحكومة.
وجاءت هذه القذائف والانفجارات في حي القابون الدمشقي كرد على تقدم "الجيش الحر" وتمكّنه من تحقيق إصابات مباشرة باستهدافه مقرّ الوحدات الخاصة، كما يقول الناشطون.
وأفادت لجان التنسيق المحلية عن حركة نزوح كبيرة للمدنيين يشهدها حي شرقي التجارة وشارع فارس الخوري نحو مناطق أكثر أمنًا، ويتوقع ازديادها في الساعات المقبلة جرّاء الاشتباكات العنيفة بين "الجيش الحر" وقوات الحكومة في العباسيين، والقصف العنيف المتواصل، ويتوقّع أن تزداد حدّة المعارك لا سيما مع وجود أنباء أن "الجيش الحر" يعتزم التقدم نحو الداخل، فيما أعلنت العديد من الشبكات الإخبارية نقلاً عن ناشطين، أن ثمانية دبابات من طراز "تي82"، وهي أحدث ما يملك الجيش السوري، تقدّمت باتجاه العباسيين.
في حين أعلن "الجيش الحر" تفجير عربة مدرّعة في العباسيين، كما أكد ناشطون أن "الجيش الحر" سيطر على مؤسسة الكهرباء هناك، وتردّدت أنباء عن قيام "الجيش الحر" بقصف مواقع للحكومة في المنطقة بوابل من قذائف الهاون.
وتأتي هذه التطورات في دمشق في وقت تستمر فيه الحملة العسكرية على مدينة حمص للأسبوع الرابع، حيث يتركز القصف على وادي السايح وجورة الشيّاح الحي الذي استُهدف بصاروخ أرض أرض، ما أدى إلى انهيار بناء تسكنه عائلات محاصرة، فيما جرت اشتباكات عنيفة على أطراف الخالدية.
وتحدثت شبكة "شام" الإخبارية عن قصف بالطيران الحربي شمالاً، استهدف حي القاطرجي وقصف بالمدفعية الثقيلة بستان القصر، تزامناً مع اشتباكات في حيي الراشدين والخالدية.
وفي الريف الحلبي أعلن "الجيش الحر" سيطرته على بلدة الحجارة في ريف مدينة السفيرة، وهو ما رأى فيه "الجيش الحر" تطورًا مهمًا، لاسيما أنه يقطع طريق إمداد قوات الحكومة المتمركزة في مدينة حلب بالذخيرة، حسب قولهم.
وقال ناشطون، إن مجزرة تفوق التصوّر تم اكتشافها في قرية رسم النفل بالريف الشرقي لحلب، وذلك بعد أسابيع من نشر "مركز حلب الإعلامي" تقريرًا عن اختطاف مليشيا الحكومة و"حزب الله" لسكان من القرية.
وتناقل الناشطون إن 191 شخصًا قضَوا ذبحًا وحرقًا، في هذه القرية الواقعة على الطريق بين خناصر ودير حافر والسفيرة على يد مليشيا "حزب الله" وقوات الحرس الجمهوري، قبل أن تُرمى جثثهم في الآبار.
وتعود قصة المجزرة إلى 12/ 6/ 2013، حين تواردت أنباء عن مجزرة في قرية الزراعة في ريف السفيرة، وهي قرية مجاورة لـ"رسم النفل"، وقد تناقل ناشطون حينها أن العشرات من أهالي رسم النفل احتجزتهم قوات الحكومة ومليشياتها، قبل أن تنقطع أخبارهم.
وقد سارع إعلام الحكومة حينها إلى القول إن "جماعات إرهابية" ارتكبت مجزرة في قريتي الزراعة ورسم النفل، وتتبع رسم النفل إداريًا لمنطقة السفيرة ناحية خناصر، ويبلغ عدد سكانها قرابة 1600 نسمة، حسب التعداد السكاني في 2004.
وقال المستشار في بعثة الأمم المتحدة في دمشق خالد المصري، لوكالة فرانس برس، إن رئيس لجنة شؤون نزع السلاح في الأمم المتحدة أنجيلا كاين، ورئيس لجنة التحقيق الدولية في استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية آكي سيلستروم، وأعضاء الوفد، غادروا دمشق بعد زيارة رسمية التقوا خلالها عددًا من المسؤولين السوريين، بينهم وزير الخارجية وليد المعلم.
ولم يدل المصري بأي تفاصيل تتعلق بمضمون وسير المباحثات بين الخبراء ومسؤولي الحكومة السورية، إلا أن مصدرًا سوريًا قريبًا من السلطات، أفاد أن المسؤولين السوريين جددوا تمسكهم بأن تركز الأمم المتحدة تحقيقها على حادث سقوط صاروخ يحمل ذخيرة كيميائية في بلدة خان العسل في ريف حلب، في 19 آذار/مارس، والذي تبادلت بشأنه المعارضة السورية والحكومة الاتهامات بإطلاقه، وأن المسؤولين السوريين أبلغوا الوفد الأممي بأن "خان العسل سقطت أخيرًا بين أيدي المسلحين، وأن هناك اشتباكات في محيطها، وبالتالي لابد من الانتظار قبل القيام بالتحقيق".
واشترطت الحكومة السورية، منذ تشكيل لجنة التحقيق الدولية بعد حادث خان العسل، أن يقتصر عملها على هذا الحادث، فيما طلبت الأمم المتحدة السماح لها بالتجول في كل أنحاء سورية والتحقيق في حوادث أخرى، فيما قدمت لندن وباريس وواشنطن، ما تقول إنها أدلة على حوادث أخرى يشتبه باستخدام أسلحة كيميائية خلالها، واتهمت القوات السورية الحكومية بالوقوف وراءها، في حين تبلغت الأمم المتحدة بوقوع 13 هجومًا كيميائيًا في سورية.
وذكر تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن عشرات آلاف المدنيين في سورية يعيشون في ظروف صعبة للغاية في مناطق مغلقة، ويُمنع إيصال المساعدات الإنسانية إليهم، محذرًا من عواقب مأساوية.
وقال التقرير ذاته، أن المدنيين القاطنين في مناطق تحاصرها القوات الحكومية لا يتلقون إمدادات مستمرة من مواد غذائية أو مستلزمات أساسية أخرى، ومن الضروري الحصول على موافقة كل الأطراف لإيصال المساعدات إليهم، مما يمكن أن يشكل أمرًا صعبًا للغاية في بعض الأحيان.
وأفاد رئيس بعثة اللجنة الدولية في سورية ماغني بارت، "من الضروري أن نواصل الحوار مع كل المعنيين من أجل الوصول إلى المحتاجين، ومن شأن تلقي ما يبلغ 5000 محتجز في سجن حلب المركزي المواد الغذائية باستمرار في الأسبوعين الأخيرين، أن يبين أن الحوار المستمر مع الأطراف يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة، فالطرفين معًا وافقا على السماح بتنفيذ العمل الإنساني، وقد أُغلق سجن حلب المركزي لأشهر، وتلقت اللجنة الدولية والهلال الأحمر العربي السوري تقارير تفيد بنقص حاد في المواد الغذائية في أوساط السجناء، وبعد مفاوضات مكثفة سهلتها اللجنة الدولية، تُجرى عمليات مستمرة لتوزيع مأكولات تطبخها جمعية خيرية محلية، ويسلمها متطوعون في الهلال الأحمر العربي السوري، ورغم هذا النجاح الأخير، لا يزال الوصول إلى الأشخاص الموجودين في مناطق تحاصرها القوات الحكومية أو مختلف جماعات المعارضة المسلحة يشكل أحد أصعب التحديات التي تواجهها اللجنة الدولية في سورية، وإن أطراف النزاع ملزمة، بموجب القانون الدولي الإنساني، بالسماح بتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين وتسهيل مرورها السريع وعدم إعاقته، ويجب على هذه الأطراف أيضًا أن تسمح للمدنيين الموجودين في مناطق محاصرة بسبب القتال بالمغادرة إلى مناطق أكثر أمانًا، إذا أرادوا، علمًا بأنه لا يجري الوفاء دائما بهذه الالتزامات".
وأضاف بارت، "نحاول منذ 20 يومًا إيصال الإمدادات الطبية وغيرها من مواد الإغاثة إلى مدينة حمص القديمة، ورغم المفاوضات الطويلة مع الطرفين، والقيام بثلاث رحلات ذهابًا وإيابًا بين دمشق وحمص، لم نتلقَ بعد الضوء الأخضر من السلطات السورية، ولو كان لدى كل الأطراف إرادة للسماح لنا بالقيام بذلك، لتمكنا من مساعدة المزيد من الأشخاص في حمص وأنحاء أخرى في سورية، وفضلاً عن الجهود التي تبذلها اللجنة الدولية للوصول إلى المدنيين في حمص وحلب، قدمت المنظمة حتى الآن خلال الشهر الجاري، المواد الغذائية لـ215000 شخص والمستلزمات المنزلية لـ 42000 شخص في دمشق وريف دمشق ودير الزور وحماة وإدلب واللاذقية، وذلك بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، وعلاوة على ذلك، أمَّنت اللجنة الدولية مدّ مياه الشرب النظيفة لأكثر من 20 مليون نسمة في كل أرجاء سورية، وأصلحت المرافق العامة التي تُستخدم كأماكن سكن موقتة لأكثر من 20000 نازح".