قتلي في صفوف الجيش السوري
دمشق ـ جورج الشامي
يغيب قتلى القوات السورية، من الجيش والأمن والشبيحة، عن الإعلام الرسمي، إلا فيما ندر، فيما يحضرون في إحصاءات الثورة السورية وتنظيماتها، ويرجع بعض المعارضين ذلك الغياب إلى رغبة حكومة الرئيس بشار الأسد في تخفيف وطأة الأحداث عن مناصريها والحفاظ على معنوياتهم، فيما يرى
المؤيدون له والمطلعون على أعداد القتلى، أن "ذلك فيه تقليل من قيمة التضحية التي يقدمها القتلى في سبيل بقاء النظام ورئيسه"، ويأتي ذلك وسط تقارير إعلامية تفيد بقيام الجيش الحكومي بحرق المئات من جثث جنوده، الذين قتلوا في المعارك لكثرتها وعدم وجود أماكن للاحتفاظ بهم.
ولا يأتي الإعلام السوري الرسمي على ذكر قتلاه اليوميين، إلا فيما ندر، حيث يركز على الانتصارات اليومية لـ"الجيش الباسل"!، فيما يغيّب عدد القتلى في صفوفه الذي يصل إلى معدل 200 يوميًا حسب صفحات الثورة للتوثيق، فالصحف والإذاعات والتلفزيونات التابعة للحكومة السورية تفيد بين الحين والآخر بـ"استشهاد" عناصر من الجيش، ولك لا يتجاوز عدد هؤلاء الذي تعلن عنهم العشرات في أسبوع، فيما يسقط ما يعادل مائة يوميًا.
ويقول الناشط الميداني هادي محمود أبو البراء، "لا يصرح إعلام النظام الأسدي عن أعداد قتلاه لأنهم بالمئات يوميًا، ولا أبالغ في ذلك، وهناك من تحدث عن سقوط أكثر من 17 ألف بين عسكري وشبيح، وآخرون قالوا إن معظم الشبيحة هم من العلويين الذين ساقهم الأسد إلى المحرقة من أجل كرسي الحكم الذي ورثه عن المقبور حافظ"، مضيفًا أن "معظم القتلى الذين نحصيهم موثقين بالإسم والصورة، وبخاصة الذين قضوا في اشتباكات عنيفة استولى بعدها الجيش الحر (المعارض) على الأماكن التي كانوا يحتلونها، وتركهم النظام فيها لمصيرهم المحتوم، ونحاول أن ننشر كل الأسماء والصور التي تردنا عن قتلى جنود الأسد، لم يعد بإمكانه أن يخفي حجم الخسائر البشرية التي يتكبدها".
وبثت قناة "بي بي سي" الناطقة باللغة الإنكليزية، فيلمًا وثائقيًا صوّرته في دمشق، يتحدث عن "توابيت الجنود والضباط المتكدسة في مستشفى تشرين العسكري، تلك التوابيت ترحل بصمت إلى قرى الساحل، ليدفن القتلى بهدوء تام، بعيدًا عن أعين الإعلام الرسمي وغير الرسمي، فمثل هذه الأخبار والصور ستوهن عزيمة الشبيحة القادمين للمشاركة في القتال، أو ربما تدفع بذويهم إلى منعهم من الدخول في حرب ورطهم بها الأسد ليطيل مدة استيلائه على السلطة"، فيما بدأت صفحات الثورة السورية في الأشهر الأخيرة، في توثيق أعداد القتلى بالأسماء والصور من الجيش الحكومي والأمن والشبيحة الذين يسقطون في المعارك مع الجيش الحر، وتشير الأعداد إلى أن المعدل الذي يتراوح بين 100 و200 يوميًا، لا يعلن عنه في الإعلام السوري، وذلك يفسر استعانة الحكومة السورية بمقاتلين من "حزب الله" وإيران، حيث تقوم صفحات الثورة يوميًا بنشر أعداد القتلى وأماكن سقوطهم، والمعارك التي سقطوا بها، مرفقة بما توافر من أسماء وصور.
وتعتمد الحكومة السورية إستراتجية "إكذب حتى تصدق"، حيث تنفي أي أخبار عن مقتل مقاتليها، في محاولة لمحافظة على ما تبقى من معنويات أتباعها، الذين بدؤوا يفقدون الثقة بها وفي طريقة تعاملها مع الأزمة، وربما المسيرات الأخيرة التي دعت إليها الشهر الماضي، والتي لم يتواجد فيها إلا العشرات، أكبر دليل على ذلك، في حين أن تظاهرات المعارضة مستمرة في كل جمعة، وتزامناً مع توثيق الثوار، تقوم بعض الصفحات المؤيدة للنظام السوري بإحصاء عدد القتلى، ومنها صفحة "كتائب أنيسة" التي تعمل على رصد هؤلاء القتلى من خلال مصادرها الخاصة المتواجدة مع الكتائب المقاتلة، وأيضًا من خلال متابعة الصفحات الموالية للأسد في المناطق التي تصدّر الشبيحة، حيث تنعى هذه الصفحات قتلى القرية أو البلدة واصفة إياه بـ"الشهيد" الذي قضى في سبيل "القائد المفدى".
وأفاد ناشطون سوريون، بزيادة أعداد القتلى في صفوف الجيش السوري، مما أصابه بالإرتباك، حيث تتحدث بعض الجهات المعارضة عن قيام قوات من الجيش الحكومي بحرق المئات من جثث الجنود الذين قتلوا في المعارك مع كتائب الثوار المقاتلة في دمشق، لكثرتها وعدم وجود أماكن للاحتفاظ بهم، حيث أفادت شبكة "أوغاريت" الإخبارية أن "الجيش السوري قام بحرق مئات الجثث التابعة له في منطقة جبل قاسيون في دمشق، وذلك لكثرتهم ولعدم وجود أماكن للاحتفاظ بهم في البرادات أو لعدم القدرة على تسليمهم إلى أهلهم، وأن رائحة اللحم المحروق كانت تملأ أجواء المنطقة والدخان المتصاعد كان يملأ سماء المدينة من جراء عملية الحرق".