مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة

قال مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة إن "عدم المساواة العالمية قضية هامة يزداد تأثيرها يومًا بعد يوم، ومن المرجح أن تتفاقم خلال العقد الحالي، بما يؤثر على قدرة المجتمع الدولي على إنجاز بعض أهداف التنمية المستدامة، مثل: الهدف الخاص بالقضاء على انعدام المساواة في النوع الاجتماعي، أو القضاء على الفقر المُدقع، أو القضاء على الجوع".

وأوضح المركز ضمن تحليل له أن قضية عدم المساواة هي إحدى القضايا المحورية على أجندة صانعي السياسات على المستويين المحلي والدولي منذ مطلع العقد الثاني من الألفية. ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية إثر الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما نتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية، سواء في البلدان المتقدمة أو النامية على حد سواء، أدرك المجتمع الدولي خطورة هذه الظاهرة على النمو الاقتصادي على المدى المتوسط والبعيد، كما اتضحت أيضًا آثارها الاجتماعية والسياسية لما خلقته من تفاوت بين قلة تمتلك الثروة والنفوذ، وكثرة لا تمتلك شيئًا على الإطلاق.

وحسب المركز فقد "ظهر اهتمام المجتمع الدولي بخطورة هذه الظاهرة في التغير الملحوظ في خطاب بعض المؤسسات الدولية المعروفة بعقيدتها النيوليبرالية الراسخة، مثل (الصندوق الدولي، والبنك الدولي)، إذ أصبحت قضية عدالة توزيع عوائد النمو الاقتصادي ضمن أولوياتها، وهو ما يتضح من خلال مراجعة العديد من الدراسات والتقارير الدولية الصادرة عن هاتين المؤسستين، التي تحدثت بوضوح عن خطورة انعدام المساواة على تحقيق النمو الاقتصادي على المدى البعيد، وأوصى بعضها بضرورة اتخاذ بعض الإجراءات والإصلاحات الاجتماعية من أجل تفادي أي نوعٍ من القلاقل والاضطرابات في المستقبل".

ويستدل التحليل بتقرير التنمية البشرية لسنة 2019 المعنون بـ"أوجه عدم المساواة في القرن الحادي والعشرين: ما وراء الدخل، والمتوسط، والحاضر"، والذي يشير إلى "تنامي قناعة لدى الأفراد على مستوى العالم بضرورة تقليل عدم المساواة في الدخل والثروة".

وحسب التقرير فقد "تضاءلت فرص الحراك الاجتماعي أمام الكثيرين ممن يعيشون على هامش المجتمعات، بينما استطاع أقرانهم الحصول على فرص أفضل لتحقيق الازدهار والنمو، وهي الظاهرة التي لم تعد تقتصر على البلدان النامية أو الأقل نموًّا، كما سبقت الإشارة".

ويذكر المصدر نفسه أن العالم شهد في الأشهر القليلة الماضية اندلاع الموجة الثانية من الحركات الاحتجاجية الشعبية، التي خرج معظمها للتنديد ببعض القرارات الاقتصادية التقشفية، مثل: رفع أسعار المحروقات، أو فرض نوع جديد من الضرائب، وسرعان ما تحولت إلى أعمال شغب وعنف، أدت إلى تعطيل الحياة، وزعزعت الاستقرار في بعض العواصم في أماكن متفرقة من العالم، مثل: تشيلي في أكتوبر 2019، وإيران في نوفمبر 2019، وزاد: "على غرار الموجة الأولى من الاحتجاجات، رفعت تلك التظاهرات عددًا من المطالب المرتبطة بتحقيق العدالة الاجتماعية، مثل: فرض الضرائب على الثروات، وإعفاء الفقراء ومحدودي الدخل من الضرائب على السلع والخدمات الأساسية، وتبني سياسات حماية اجتماعية أكثر شمولًا للفئات المتضررة من سياسات التقشف".

"لم تقتصر هذه المطالب على البلدان النامية والأقل نموًّا، ولا البلدان التي تعيش شعوبها تحت وطأة نظم استبدادية، بل امتدت إلى عددٍ ليس بقليل من البلدان التي تحتل موقعًا متقدمًا في مؤشرات النمو الاقتصادي والتنمية البشرية، وعدد من الديمقراطيات العريقة -خاصة في الموجة الأولى- مثل: اليونان، وإسبانيا، والولايات المتحدة، وفرنسا، وهي البلدان التي من المفترض أن يتمتع فيها المواطنون بقدرة على التأثير في عملية صنع القرار، بما يضمن تحقيق مصالحهم؛ إلا أنّ واقع هذه البلدان -كما أوضحت الكثير من الدراسات- شهد تناميًا في ظاهرة المال السياسي على حساب الديمقراطية التمثيلية، فلم يجد المواطنون من سبيل سوى الخروج إلى الساحات والميادين العامة من أجل التعبير عن مطالبهم ومصالحهم"، يضيف التحليل.

قد يهمك ايضا :

"التمويل الأخضر" فرصة لمصر لتوفير الحوافز المالية وتعزيز التنمية المستدامة

الشيخ نهيان بن مبارك يتسلم شهادة التميز لمركز المستقبل