أنقرة ـ جلال فواز كشفت مصادر كردية، الاثنين، أن رئيس حكومة الإقليم الكردي في العراق نيجرفان البارزاني قد بحث مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة ترتيب دخول مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، المتمركزين في تركيا، إلى الإقليم الكردي العراقي، ونزع أسلحتهم، وذلك بموجب اتفاق السلام بين زعيم الحزب عبد الله أوجلان والحكومة التركية.
وقال القيادي البارز في التحالف الكردستاني محمود عثمان، في تصريحات صحافية، أن "نزع أسلحة عناصر الحزب، الموجودين في معسكرات الحزب في الإقليم الكردي، سيكون موضع بحث بين أردوغان ونيجرفان البارزاني الذي يزور أنقرة، وأن نيجرفان البارزاني قد كان طرفًا في التفاوض بين الجانبين"، منتقدًا "زعيم حزب العمال الكردستاني على قبوله مغادرة مقاتلي الحزب وطنهم تركيا، ولجوئهم إلى الإقليم العراقي"، حيث قال "كان على أوجلان عدم القبول بشرط لجوء مقاتلي الحزب إلى الإقليم الكردي، وكان على أردوغان القبول بالسلام دون شروط".
وردًا على سؤال بشأن ما يتردد عن قرب إطلاق سراح أوجلان، المسجون في سجن أومرلي المنعزل، وانتقاله للإقامة في أربيل، قال عثمان "إن من السابق لأوانه أن يحصل ذلك"، موضحًا أن أوجلان يمكن أن يقيم في أي بلد يختاره، وأضاف أن "هناك تنسيقًا بين الحكومة التركية وحكومة الإقليم وحزب العمال الكردستاني، بشأن تنفيذ الاتفاق ووضعه موضع التطبيق".
ولقيت الدعوة إلى القاء السلاح، التي وجهها أوجلان، الخميس، ترحيبًا واسعًا في تركيا، لاعتبارها خطوة مهمة على طريق السلام، وإن كانت العقبات مازالت كثيرة أمام التوصل إلى تسوية لنزاع يعصف بهذا البلد منذ 30 عامًا.
وتحت عناوين مثل "وداعًا للسلاح"، و "ربيع تركيا"، شددت الصحف التركية على الطابع التاريخي لرسالة مؤسس حزب "العمال الكردستاني"، التي تُليت في ديار بكر (جنوب شرق تركيا) لمناسبة عيد رأس السنة الكردية "النوروز".
وكان مؤسس حزب "العمال الكردستاني" قد تخلى منذ سنوات عن المطالبة بدولة كردية مستقلة، والاكتفاء بالدعوة إلى حكم ذاتي واسع، لما بين 12 إلى 15 مليون كردي داخل إطار الدولة التركية، فيما تثير ردود الحكومة، المنبثقة عن التيار الإسلامي المحافظ، المتوقعة على دعوة عبد الله أوجلان الكثير من التكهنات، وينتظر أن تتيح حزمة القوانين التشريعية، التي عرضت أخيرًا على البرلمان، إطلاق سراح المئات من السجناء، المتهمين بإقامة علاقة وطيدة مع حزب "العمال" الكردستاني، والإصلاح الدستوري، الذي يُعد حاليًا، سيكون فرصة لأن تُدرج في الدستور الحقوق التي تطالب بها الأقلية الكردية منذ زمن طويل.
وعلى الرغم من هذه الضمانات، ما زالت الشكوك تساور العديد من الأكراد في النوايا الحقيقة لسلطات أنقرة، حيث قال كردي شاب في تجمع في مدينة ديار بكر، لـ "فرانس برس"، "لقد قدمت لنا في الماضي العديد من الوعود، التي لم نحصل منها على شيء".
من جانبه، حذر نواب الحزب "القومي" المتشدد، الخميس، من "خيانة"، وقال بكير جوسقون في تصريحات صحافية، "إنهما يتفقان جيدًا، الإرهابي ورئيس الوزراء، اللذان يوحد بينهما الإسلام"، مضيفًا "ستعلمون قريبًا التنازلات التي قدمتها الجمهورية التركية لهذا الرجل الموجود في السجن".
وفي سياق متصل، ألقت الشرطة التركية القبض على عشرة أشخاص، الاثنين، فيما يتعلق بهجمات تفجيرية، استهدفت وزارة العدل، ومقر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وقال عنها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان "إنها محاولة لإخراج محادثات السلام مع المتمردين الأكراد عن مسارها".
وأعلنت جبهة "حزب التحرير الشعبي الثوري" المسؤولية عن الهجمات التي وقعت في العاصمة أنقرة، وقالت وكالة أنباء "الأناضول"، الاثنين، أن زعيم الجبهة في أنقرة كان ضمن الذين ألقي القبض عليهم، أثناء مداهمة 21 موقعًا، من بينها مقر نقابة لعمال الموانئ.
يذكر أن جبهة "حزب التحرير الشعبي" قد انتهجت مسارًا ثوريًا مناهضًا للولايات المتحدة، بينما ركز حزب "العمال الكردستاني" على الهوية الكردية، ووقعت الهجمات الأخيرة، الثلاثاء، بعد سلسلة مداهمات استهدفت أعضاء في جبهة "حزب التحرير الشعبي الثوري".