سجن أبو غريب في العراق
بغداد-جعفر النصراوي
كشفت مصادر مطلعة عن تفاصيل "دراماتيكية" جديدة تم عرضها ومناقشتها في اجتماع خلية الأزمة بشأن استهداف السجون وإطلاق المئات من معتقلي "القاعدة" من سجن أبو غريب تؤكد أن التحقيقات الأولية أكدت عدم وجود حالة اقتحام لسجن أبو غريب وأن ما حصل عبارة
عن عملية منسقة تمت على مرحلتين، الأولى "تمرد داخل السجن" بالتزامن مع المرحلة الثانية وهي "الهجوم الخارجي لإشغال القوات المسؤولة عن حراسة سجن أبو غريب "وتمت العملية برمتها بمساعدة موظفي دائرة إصلاح الكبار التابعة لوزارة العدل العراقية .
وأضافت المصادر المقربة من مكتب القائد العام للقوات المسلحة لـ "العرب اليوم" إن "بيان وزارة العدل، الذي تحدث عن استخدام المسلحين لـ 9 انتحاريين و3 انتحاريين وقصف بـ 100 قذيفة هاون خلال الهجوم على أبو غريب، انطوى على مبالغات اذ أن التحقيقات الميدانية لم تشهد سوى أثر لـ 4 قذائف هاون ومفخخة واحدة"، مرجعًا ذلك الى ان "وزارة العدل تريد إبعاد المسؤولية عنها وعن موظفيها وإلقائها على جهات أخرى".
وتذكر المصادر التي طلبت عدم الكشف عن اسمها أن معطيات جديدة عن ليلة الهجوم على سجن أبو غريب، حيث كشفت التحقيقات الأولية لنا عدة معطيات، منها انشاء تلة صغيرة داخل السجن بالقرب من الأسوار الخارجية قبل يومين من الحادث لتسهيل هرب المعتقلين"، واضافت "كما اننا اكتشفنا ايقاف الكاميرات الخارجية ايضا قبل يومين وهذا ما فوت علينا معطيات مهمة للتحقيقات".
وتابعت "تزامن الهجوم وبشكل مريب مع اطفاء للتيار الكهربائي واطفاء اجهزة تشتيت بث الهواتف النقالة التي عادة ما تعمل وهو ما سهل اتصال المعتقلين بالقوة المهاجمة"، لافتة الى أن "تشتيت البث يتم ايقافه في اوقات محددة من اليوم او الاسبوع لغرض تسهيل اتصال المعتقلين مع ذويهم في الخارج".
وفيما اتهمت المصادر الأمنية الرفيعة مسؤولي دائرة الاصلاح بـ"التقصير بسبب فسادهم"، قالت إن "القوات الأمنية تفاجأت وهي تصد هجوم المجموعات الارهابية بتعرضها لنيران من ابراج سجن ابو غريب بعد ان سيطر عليه بعض السجناء وهذا ما اربك هذه القوات وجعلها تخوض قتالا أشبه ما يكون بمعركة طارق بن زياد"، مشيرة إلى أن "السجناء كانوا يملكون مسدسين استخدموهما بعد أن فتح شخص ما بشكل متعمد، جميع أبواب القاعات بما في ذلك قاعة للمشجب كانت تحتوي على عدد من البنادق.
وكشفت أن الأسلحة التي استخدمها السجناء، إضافة إلى الأسلحة التي حصلوا عليها، كانت قنابل يدوية ورماحا وسكاكين تم تصنيعها داخل السجون.
وحملت المصادر "قطعات الجيش واستخبارات الدفاع مسؤولية الهجوم خصوصا وان الطرق كانت مزروعة بالعبوات والالغام وهو ما اخر وصول قوات الطوارئ، إضافة إلى أن المعلومات تشير الى ان المجاميع الارهابية، وقبل يوم من الهجوم، حذرت اهالي ابو غريب من الخروج من بيوتهم".
وتؤكد المصادر، المطلعة على مجريات التحقيق التي شكلتها خلية الازمة ويرأسها الفريق حسن كوكز مدير شؤون الامن في وزارة الداخلية، بأن "الهجوم على ابو غريب كان الهدف منه اطلاق سراح 20 – 30 فقط من نخبة القاعدة الذين تم نقلهم بـ 3 سيارات نوع كيا على وجه السرعة من المنطقة فيما بقي المئات مختبئين في المزارع والمبازل المحيطة بالسجن لساعات وتم إلقاء القبض على بعضهم وقتل آخرين".
واتهمت المصادر إدارات الاصلاح وحراس السجون بالتورط في فساد كبير كان سببا رئيسيا في هذا الخرق الامني الخطير. واوضحت المصادر ان "المعلومات تفيد ان مدراء الاصلاح يحصلون على 200 الف دولار كرشاوى واتاوات من السجناء"، واضافت "ان ايقاف اجهزة تشتيت البث تم مقابل مبالغ كبيرة".
وتابعت "من أوجه الفساد الذي تشهده السجون هو ان سعر جهاز الموبايل نوع كلاكسي يبلغ 3 مليون دينار والاجهزة العادية يتراوح سعرها بين 1 – 2 مليون دينار، وسعر المروحة الارضية وصل الى 300 دولار، وكل هذه الأموال لمدراء الاصلاح حصة فيها، وبعض المنتسبين من الإصلاحيين كان هاتفه النقال يحمل رصيدا بـ 500 دولار وهو ما يكشف حجم الفساد المالي الموجود".
مشيرة إلى أن "المبالغ يتم تسليمها خارج السجون عبر وسطاء ماليين"، مؤكدة ان "هذا الفساد الكبير كان سببا باستمرار الاتصالات بين السجناء وزملائهم في التنظيمات"، ولفتت إلى أن "التحقيقات ستتركز على إصلاح فساد دوائر العدل والتشدد مع مدرائها.
وعزت المصادر عدم حدوث حالة هروب في سجن التاجي والتي حصلت في توقيت متزامن مع الهجموم على سجن أبو غريب إلى كون السجن بعيدًا عن الشارع العام ويقع في منطقة محصنة تقريبا، وان القطاعات المكلفة بحماية المعتقل نجحت في صد الهجوم الذي استخدم فيه انتحاريان كان أحدهم مصري الجنسية، كاشفة عن إقالة مسؤول رفيع في الاستخبارات برتبة فريق.