"لا يوجد مبرر لبقاء الإيطاليين في إيطاليا إذا فاز بيرلسكوني بالانتخابات الإيطالية المقبلة"
روما ـ مالك مهنا
في الوقت الذي تستعد فيها إيطاليا لواحدة من أهم انتخاباتها العامة على مدى عقود، قامت مراسلة "الغارديان" البريطانية في إيطاليا ليزي ديفيز بجولة تستطلع فيها آراء المواطن العادي وتستمع إلى حكاياتهم مع الانتخابات، وفي مدينة جنوة التقت بألسياندرا تيرزي التي قالت "نحن بلد يائسة ولكنها تبتسم، ومن هنا
يمكن القول بإننا أفضل من غيرنا لأننا من المنظور الحضاري اعتدنا أن نناضل يوميا مع كم ضخم من المشاكل الفارغة مثل مشكلة مكان انتظار السيارات والانتظار داخل مكاتب البريد وتوقف العمل في المستشفيات والمرافق العامة الأساسية ووسائل النقل العام ،نحن نستيقظ يوميًا ونعلم أننا على مدار اليوم سوف نصطدم بمشاكل تافهة وحمقاء تستهلك الوقت والطاقة".
كما تشير إلى صورة بلادها في العالم وما تتمتع به من مناظر طبيعة وتاريخية خلابة وما تشتهر به من جودة الطبع ، ولكنها تعترف أيضا بحقيقة وجود عصابات المافيا والفساد، وتؤكد على أن الشعب الإيطالي شعب مبدع وذكي وسريع البديهة وعلى الرغم من أنه عنيد إلا أنه منفتح حضاريا وعلى استعداد لمواجهة أي حدث غير متوقع.
و بشأن الانتخابات المقبلة تقول أليساندرا "إنه وعندما تتاح لنا فرصة تغيير المستقبل المتمثلة في ترشيح ماتيو رينزي لقيادة حزب يسار الوسط (بارتيتو ديموقراتيكو)، فإن الغالبية تتجه نحو اختيار النظام القديم وتصوت لصالح بيير لويجي بيرساني، وهذا خيار يعني بالنسبة لي تسليم الشعب الإيطالي من جديد إلى مجموعة قديمة من الساسة لا أمل فيهم وبالتالي استمرار الفساد. وتختتم حديثها بالقول انها في الماضي سبق وأن صوتت لصالح سيلفيو بيرلسكوني ولكنها في هذه المرة ترى أنه لا يوجد أي حزب من الأحزاب الإيطالية الرئيسة يستحق التصويت لصالحه، ولهذا فإنها سوف تصوت لصالح أوسكار جيانينو على الرغم من أنها ترى أنها فرصه لا تزيد عن نسبة 4%، والسبب في ذلك أنها تريد أن تمنح صوتها إلى شخص ما مهني وصاحب خلفية راسخة يؤمن بما يفعله ويمتلك الأمل والابتسامة من أجل شعب يعيش حالة من اليأس.
أما رينالدو كريستوفوري فيقول "إن هناك قضيتين لا يتعامل معها السياسيون ووسائل الإعلام بجدية، وتتمثل الأولى في الخطر الذي تمثله حركة النجوم الخمسة ، فهي تسعى إلى حكم البلاد بدون أجندة حقيقية. إن إيطاليا باتت مهددة، من خلال هؤلاء، ببرلمان يعاني من الشلل ويفتقد إلى الفعالية".
و عن القضية الثانية التي يبدو أن الجميع يتجنبها فهي البطالة وخاصة في أوساط الجيل الذي تتراوح أعماره ما بين 25 و35 سنة . وهناك أيضا الحالة السيئة التي وصلت إليها الجامعات الإيطالية والتي لا يرغب أحد من الساسة في الاقتراب منها.
و يضيف كريستوفوري، "إنه وعلى المستوى الشخصي يحاول أن يهرب من إيطاليا إلى اي بلد آخر ولا يدري لمن سوف يدلي بصوته فهو لا يؤمن بأي من الوجوه المرشحة ولا بأفكارهم لحل مشاكل البلاد. ولهذا فهو يتوقع إما أن يبقى في البيت دون تصويت أو أن يسد أنفه ويختار ماريو مونتي والحزب الديمقراطي المسيحي".
هذا وقد التقت المراسلة في روما بأندريه إيركولينو إنه وعائلته مثلهم مثل كل العائلات في إيطاليا يخشون مما سوف تسفر عنه الانتخابات المقبلة. ويقول أيضا "إن حزب بيرلسكوني يرغب في تدمير كل فعله مونتي خلال العام الماضي ، أعرب عن تأييده لمونتي لأنه سياسي يتمتع بالأمانة ولكن مشكلته لسوء الحظ أنه لا يحظى بحب كبار السن ولهذا فإنه سوف يفقد أصوات الذين انخدعوا بوعود بيرلسكوني الحمقاء".
و يضيف أيضا "إنه مع كثرة الفضائح لم يعد أحد يرى أي شيء إيجابي في السياسيين، إنهم في نظر الشارع الإيطالي باتوا أشبه بآلهة الشر الذين لا يهتمون إلا بمصالحهم دون مصالح بقية أفراد الشعب الإيطالي. ويختتم إيركولينو حديثه بقوله أنه في حالة فوز بيرلسكوني بالانتخابات فإنه لن يكون هناك مبرر لبقاء الإيطاليين في إيطاليا".
وعلى الجانب الآخر فإنه لو فازت أحزاب اليسار أو الوسط فإن السؤال الذي سوف يطرح نفسه هو : كم من الوقت سوف يبقى الشعب الإيطالي تحت سياسيات التقشف وخفض الميزانية التي سوف تتبناها الحكومة المقبلة.