الجنرال كاريغ فرانكلين الذي أسقط اتهامات التعدي الجنسي عن الكولونيل الأميركي
واشنطن ـ يوسف مكي
أثار قرار القائد الأميركي الجنرال كريغ فرانكلين بإسقاط اتهامات الاعتداء الجنسي عن الكولونيل جيمس ويلكيرسون، الكثير من الانتقادات من جانب جماعات الضغط الحقوقية ونواب الكونغرس الأميركي، مما دعا وزارة الدفاع الأميركية إلى إعادة النظر في هذا القرار. وقد أجرت صحيفة "الغارديان البريطانية"مقابلة صحافية مطولة
هي الأولى مع إحدى ضحايا هذا الكولونيل الذي سقطت عنه التهمة، والتي أعربت عن "دهشتها للقرار"، وقالت "أشعر بالصدمة والذعر".
وكانت المرأة وهي تعمل مساعدة طبيب، قد تعرضت لاعتداء جنسي على يد الكولونيل جيمس ويلكيرسون" 44 عامًا" الذي يعمل طيارًا ومفتشًا عاما في الوحدة رقم 31 الجوية في الجيش الأميركي، وذلك أثناء نومها، وهو ما أكدته محكمة عسكرية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
لكن قائد القوة الجوية الأميركية الثالثة في قاعدة رامشتاين في ألمانيا، الجنرال كريغ فرانكلين، مارس حقه الذي يمنحه له القانون العسكري الأميركي، وتوصل إلى قرار مفاده أن "دليل ارتكاب الجريمة غير كافٍ ولا يدينه على نحو لا يدع مجالا للشك". ولم يدل الجنرال فرانكلين الذي يمثل المحكمة العسكرية والذي لم يحاور الضحية، بمزيد من التفاصيل في هذا الشأن على أساس أن حكمه نهائي".
وستعقد لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ جلسة استماع حول موضوع الانتهاكات الجنسية العسكرية وسط تزايد المخاوف والقلق من اتساع نطاق المشكلة. وستستمع اللجنة إلى بيان صادر عن الضحية وسيلقي البيان نيابة عنها منظمة تدعم ضحايا الاعتداءات الجنسية في الجيش والمعروفة باسم "احموا من تدافع عنا".
وقالت الضحية إنها "تعرضت للمهانة والخزي، وأن قرار الجنرال فرانكلين مشين ومخيب للآمال بعد أن قام بجرة قلم بإسقاط تهمة وإدانة توصل إليها المحققون والإدعاء العام العكسري والقاضي وهيئة المحلفين". وأضافت أنها "فعلت ما كان ينبغي عليها فعله، فقد تعرضت لاعتداء جنسي وقامت بالإبلاغ عنه".
وقالت الضحية "ها هو الجنرال فرانكلين يأتي الآن بقرار نهائي من المؤكد أنه لا يمكن الطعن فيه" وأضافت أن "ما يخيفها في واقع الأمر، هو أن المجرم سيظل في منصبه القيادي في الجيش".
وقد حمل وزير الدفاع الأميركي الجديد تشوك هاغل بشدة مساء الإثنين على "القرار، وأصدر تعليماته إلى البنتاغون بضرورة مراجعة القرار، لتحديد ما إذا كان الأمر يتطلب تغيرات في أساليب تناول قضايا الانتهاكات الجنسية في الجيش".
وكتب هاغل إلى اثنتين من نواب الكونغرس وهما باربارا بوكسر وجين شاهين اللتين طلبتا منه النظر في القضية يقول إنه "في الوقت الذي لا يمكن نقض قرار الجنرال فرانكلين، فقد طلب من المحامين في البنتاغون وسكرتارية القوات الجوية مراجعة الطريقة والأسلوب الذي تم به معالجة القضية، كما طلب كذلك تحديد ما إذا كان الأمر يتطلب تعديلات لأزمة في هذا الشأن".
وكانت المحكمة الأولى بعد أسبوع من المحاكمة، قد أدانت ويلكيرسون بالاعتداء الجنسي، وحكمت بسجنه سنة، وتجريده من منصبه العسكري وحرمانه من أي مزايا مادية. وكان الادعاء قد وصفه بالطيش وهو يتهجم على امرأة في وقت كانت امرأته وطفله يقيمان تحت سقف الغرفة التي ارتكب فيها جريمته، كما أنه لم يبد ندمًا على فعلته.
وقد أثارت القضية اهتمامًا كبيرًا على المستوى القومي، لكونها تلقى الضوء على نظام العدالة العسكرية التي يرى البعض أنه "يعاقب الضحايا ويبرئ المجرمين".
ويأتي هذا القرار بعد وعود من كبار المسؤولين العسكريين بمعالجة جادة لمسألة الاعتداءات الجنسية في الجيش في أعقاب فضيحة جنسية مماثلة في قاعدة لاكلاند الجوية، وصل عدد ضحاياها إلى 59 ضحية.
وقد أصاب القرار الأخير القوات الجوية الأميركية بالحرج، ونشرت صحيفة "العلم الأميركي العسكرية" أن "اسم الكولونيل الطيار قد تم رفعه من كشف الترقيات".
وتقول المحامية سوزان بورك التي دافعت عن العشرات من ضحايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسية في الجيس إن "إسقاط التهمة عن الكولونيل، لا يمثل انحرافًا وشذوذًا، فهو أمر دائمًا ما يتكرر في الجيش". ووصفت القرار الأخير بأنه "هراء وحماقة، وهو قرار يحمل رسالة واضحة للجميع، بأنه لا مجال للعدالة هناك".
وطالبت المحامية سوزان بورك بـ "تعديل القوانين العسكرية في هذا الشأن من خلال تشريعات تجرد القائد العسكري من سلطة الحكم الفردي".
وأشارت كذلك إلى "ما جاء في تقارير وزارة الدفاع التي تقول إن "ما يزيد عن 80 % من الجرائم الجنسية في الجيش، لا يتم التحقيق فيها".
وتطالب منظمات حقوقية بسرعة إجراء إصلاحات شاملة تشبه تلك التي أجريت في بريطانيا وكندا وأستراليا والتي حولت النظام القضائي العسكري الداخلي إلى هيئة مدنية مستقلة. وهناك من يطالب بوضع حد ونهاية لثقافة فشل الضحية في عقاب المجرم.
وتقول العضو في لجنة الخدمات العسكرية في مجلس النواب، جاكي سبيير إنها "ستتقدم بمشروع قانون يجرد القادة العسكريين من سلطاتهم التي تخولهم بإسقاط الأحكام القانونية، أو تخفيف أحكام قام بإصدارها قضاة وهيئة محلفين في المحاكم العسكرية".