تظاهرات تعم المحافظات في جمعة " الفرصة الأخيرة للمالكي
بغداد - جعفر النصراوي
شهدت المحافظات العراقية، الجمعة، توترًا أمنيًا احتجاجًا على أداء حكومة نوري المالكي، حيث تم إلغاء صلاة الجمعة في جامع "الإمام أبو حنيفة" في الأعظمية ذات الغالبية السنية في بغداد، لسبب "الحصار الأمني والعسكري عليه، ومنع المصلين من الدخول"، في حين هدد معتصمو ساحة الأحرار في الموصل، بـ"ثورة عارمة" ردًا على
قيام قوة من الجيش العراقي باعتقال أحد وجهاء عشائر جبور ومقتل أحد المتظاهرين وإصابة 4 آخرين برصاص عناصر الشرطة، وكذلك توعّد أهالي الرمادي، باحتلال المدينة وفصلها عن حكومة بغداد، بعد قيام قوة من الجيش العراقي باقتحام منزل ضابط سابق واعتقاله بعد عودته من ساحة الاعتصام.
وأكد أهالي منطقة الأعظمية العراقية، ذات الغالبية السنية، في العاصمة بغداد، أن إمام وخطيب جامع "الإمام أبو حنيفة" في الأعظمية الشيخ عبدالستار عبدالجبار قد أعلن إلغاء صلاة الجمعة في الجامع، لسبب "الحصار الأمني والعسكري" عليه، ومنع المصلين من دخول المنطقة.
وأفاد عدد من أهالي المنطقة، أن الأجهزة الأمنية عززت من قواتها المنتشرة هناك منذ الخميس، حيث قالوا في اتصالات هاتفية مع "العرب اليوم" إن إمام وخطيب جامع "أبي حنيفة" الشيخ عبدالستار عبدالجبار قد نادى عبر مكبرات الصوت، الجمعة، بإلغاء الصلاة، لسبب "الحصار الأمني والعسكري" الذي فرضته الحكومة على الجامع، وعلى مدينة الأعظمية عمومًا، لافتين إلى أن "القوات الأمنية منعت المصلين من الدخول، وأن قوات مشتركة من الجيش والشرطة أغلقت جامع "أبو حنيفة النعمان" وسط مدينة الأعظمية شمال بغداد والأحياء المحيطة به، ومنها شارع 20، وشارع عمر عبدالعزيز، وأن هذه الأحياء تبعد نحو 500 متر من الجامع، وقامت بمنع المصلين من التوجه إلى الجامع.
ووصف الأهالي بأن الأعظمية تحولت إلى "ثكنة عسكرية"، وقد أصيبت الحياة بالشلل منذ أسابيع، نظرًا للإجراءات الأمنية هذا الأسبوع غير المسبوقة، حيث أرسلت الأجهزة الأمنية، الخميس، تعزيزات إلى قواتها الموجودة أصلاً في الأعظمية، موضحين أن "القوات الأمنية المنتشرة عند مداخل ومخارج مدينة الأعظمية منعت المواطنين من الدخول أو الخروج من المدينة، على عكس الجمعة الماضية، عندما كانت تلك القوات تسمح للمواطنين بالخروج من المدينة ولا تسمح بالدخول إليها".
وشهدت مدينة الأعظمية، عقب صلاة الجمعة، في الأول من آذار/مارس 2013، اعتقال ثلاثة أشخاص من أهالي الأعظمية للاشتباه بهوياتهم الثبوتية، كانوا قد أدوا الصلاة في جامع "أبي حنيفة" وتم اعتقالهم بعد خروجهم منه، حيث تشهد المدينة انتشارًا أمنيًا كثيفًا، كل جمعة، عند مداخلها ومخارجها وفي محيط جامع أبي حنيفة، وتقوم تلك القوات بتدقيق هويات المصلين وتفتيشهم، وقد تضاعفت تلك الإجراءات في ضوء إعلان متظاهري الأنبار الزحف إلى بغداد، لأداء صلاة موحدة في جامع "أبي حنيفة النعمان".
وقد هاجم إمام وخطيب جامع "أبو حنيفة"، في 15من شباط/فبراير 2013، الإجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات الجيش العراقي في المنطقة، وأكد في خطبته أن سكان الأعظمية "لا يريدون هذه الحماية من قبل الجيش"، وعدَّ منع زيارة جامع "أبو حنيفة" استهدافًا طائفيًا لمكَون مُعين، في حين تستمر القوات الأمنية في حصار المنطقة، وغلق الطرق المؤدية إلى الجامع.
واستنكر أهالي الأعظمية، تطويق الجيش لمنطقتهم، والاعتداء الذي تعرض له مرقد الإمام "أبي حنيفة" في المدينة، وطالبوا بـ"اعتذار رسمي وضمانات لعدم تكرار الحادث"، ووضع حد لـ"الاستفزازات" الحكومية، فيما حذروا الحكومة من "موقف الشارع العربي والإسلامي".
وفي الموصل، هدد معتصمو ساحة الأحرار، الجمعة، بـ"ثورة عارمة" ردًا على قيام قوة من الجيش العراقي باعتقال أحد وجهاء عشائر جبور من المؤيدين للتظاهرات من داخل موقع الاعتصام، وطالبوا بإطلاق سراحه خلال 24 ساعة، منددين بـ"الإجراءات التي تقوم بها القوات الأمنية ضد المتظاهرين".
وقال رئيس اللجان التنسيقية لمتظاهري ساحة الأحرار في الموصل، حمد سلمان، لـ"العرب اليوم"، إن "قوات الجيش العراقي اعتقلت، صباح الجمعة، الشيخ حسين العبيد أحد وجهاء عشائر جبور من داخل ساحة الأحرار، وسط الموصل، ولم نعرف أسباب الاعتقال، لكن الشيخ العبيد هو من المؤيدين للتظاهرات، وكان يحضر إلى ساحة الاعتصام يوميًا، ونهدد الأجهزة الأمنية في حال لم يطلق سراح الشيخ العبيد خلال 24 ساعة، فستكون ثورة عارمة في الموصل احتجاجًا على ما تقوم به القوات الأمنية ضد المتظاهرين"، مشيرًا إلى أن "العبيد هو رجل في الخمسينات من عمره وليس بشاب صغير كي يجرّ ويعتقل".
وأثار حادث اعتقال الشيخ العبيد غضب المتظاهرين والمتحدثين على منبر ساحة الاعتصام في جمعة "كفى تبعية لإيران"، كما هتفوا بـ"إسقاط النظام"، وأشادوا ببطولات الجيش السابق ومعاركه، ورددوا شعارات وأهازيج تؤكد أن التظاهرات ستصل إلى بغداد كـ"قادمون يا بغداد"، و"بغداد في الطريق إليك"، إلى جانب لافتات تطالب بتنفيذ مطالب المتظاهرين.
وقال مصدر في شرطة نينوي لـ"العرب اليوم"، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "الشرطة الاتحادية فتحت النار، ظهر الجمعة، على متظاهرين في ساحة الأحرار وسط الموصل، مما أسفر عن مقتل أحد المتظاهرين وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة، وأن إطلاق النار جاء على خلفية اعتقال الشيخ حسين العبيد وفق مذكرة قضائية بتهمة الإرهاب"، مشيرًا إلى أن "قوات الشرطة الاتحادية استخدمت الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين الذين التفوا حول الشخص المطلوب".
وأضاف المصدر ذاته، أن "الشرطة الاتحادية في محافظة نينوي فرضت حظرًا التجوال في مناطق الدواسة والنبي شيت ووادي حجر والمنصور وباب جديد، على خلفية الاشتباكات التي جرت بينها وبين المتظاهرين، وأن الحظر سيستمر حتى إشعار آخر بسبب التوتر الحاصل على خلفية تلك الاشتباكات".
وتعرض قادة التظاهرات والمتحدثين باسمها في محافظات الأنبار وصلاح الدين وكركوك وديالي ونينوي منذ انطلاقها، إلى العديد من عمليات الاعتقال، وكان آخرها مساء الخميس، وهو حادث اعتقال المتحدث باسم مجلس شيوخ سامراء الشيخ طلال الأسودي الذي تم اعتقاله على أيدي قوات عمليات سامراء، كما قامت قوة أمنية في الـ21 من شباط/فبراير 2013، باعتقال المتحدث باسم متظاهري الحويجة حامد الجبوري و15 متظاهرًا بتهمة القيام بعمليات مسلحة خلال عملية أمنية نفذتها في قريتي الماحوز واللبانة التابعة للقضاء (50 كيلومترًا جنوب غرب كركوك)، فيما عادت وأطلقت سراحه بعد ذلك بعد تهديد المعتصمين بنقل اعتصامهم إلى داخل القضاء، فيما اعتقلت قوة من شرطة قضاء المقدادية في محافظة ديالي في الـ18 من شباط/فبراير الماضي، أحد قادة الاعتصامات في المحافظة، ونقلته إلى جهة مجهولة.
فيما تمكن المتحدث باسم متظاهري الرمادي سعيد اللافي، في 20 شباط/فبراير الماضي، من الإفلات من قبضة قوة خاصة من لواء التدخل السريع حاصرته داخل جامع الحاج هميم في منطقة الجمعية وسط الرمادي، بعد أن ساعده عشرات المعتصمين يقودهم مرافقو النائب أحمد العلواني بالخروج من الجامع مما اجبر القوة الأمنية على الانسحاب.
وبدأت التظاهرات في محافظة الموصل في 24 كانون الأول/ديسمبر 2012، وهي ثاني محافظة بعد الأنبار تحتج ضد سياسات الحكومة، وتطورت إلى اعتصامات مفتوحة في ساحة الأحرار وسط مدينة الموصل، فيما تشهد المحافظة عمليات شد وجذب بين القوات الأمنية وهيئة علماء ودعاة نينوي، إذ منعت قوات من الشرطة الاتحادية في الأول من أذار/مارس الجاري، هيئة علماء دعاة نينوي من إقامة صلاة موحدة في جامع التكاي غرب الموصل، على الرغم من إعلان الهيئة الحصول على الموافقات الأصولية لإقامة الصلاة في هذا الجامع، وفي 10 أماكن أخرى في المحافظة.
وفي الرمادي، هدد المئات من الأهالي، الجمعة، باحتلال المدينة بعد قيام قوة من الجيش العراقي باقتحام منزل ضابط في الجيش العراقي السابق واعتقاله بعد عودته من ساحة الاعتصام، فيما أشار احد اقرباء المعتقل إلى أن الاعتقال شاركت فيها "ميليشيات"، مطالبين الحكومة بـ"الإفراج عنه وعن جميع المعتقلين الأبرياء" في السجون.
وتجمع المتظاهرون الذين قدروا بالمئات، أمام جامع دهر في منطقة الملعب وسط مدينة الرمادي، وذلك بالقرب من منزل الضابط المعتقل ورفعوا لافتات تطالب فإطلاق سراحه ووقف الاعتقالات.
وقال مزهر الجابري وهو ابن شقيق الضابط المعتقل، إن "القوات الأمنية داهمت منزل عمي عبدالرحمن الجابري، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي برتبة عقيد ركن طيار، وقام عناصر من الجيش العراقي ترافقهم سيارات مدنية بداخلها رجال ملثمون يُعتقد انهم ميليشيات باعتقاله، وقد روّعت عناصر الجيش الأطفال والنساء، بعد أن قاموا مساء الخميس، باقتحام منزل عمي، وتكسير أبوابه بعد عودته من ساحة الاعتصام وسط الرمادي، فهو من الداعمين والمؤيدين للمتظاهرين"، مضيفًا أنها "ليست المرة الأولى التي يقوم بها الجيش باعتقال عمي من دون أي تهمة، فقد تم اعتقاله 3 مرات من قبل، آخرها قبل 4 أشهر، وعند الإفراج عنه تبين أن عليه أثار تعذيب وكسر في الرجل".
وفي الأنبار، تظاهر المئات من أبناء المدينة على الطريق الدولي السريع في جمعة أطلق عليها "جمعة الفرصة الأخيرة للمالكي"، وأكدوا في خطبهم أن "هذه الجمعة ستكون الفرصة الأخيرة للمالكي لتنفيذ مطالب المتظاهرين، وأنهم سيتخذون خطوات كالعصيان المدني أو إجراءات أخرى في حال عدم تلبية مطالب المتظاهرين، وقد يصل الأمر إلى احتلال مدينة الرمادي وإسقاط الحكومة المحلية فيها".
وقال أحد قادة التظاهرات، ويُدعى علي الحاتم السليمان، إن "المتظاهرين سيشكلون وفدًا للقاء القادة الأمنيين وحثهم على إطلاق سراح الضابط المعتقل في محاولة أخيرة لكبح جماح ثورة الغضب التي تنتاب المتظاهرين"، مبينًا أن "في حالة تحركهم إلى مركز المدينة ستكون مجزرة سيذهب ضحيتها الكثير".
وأكد سليمان للمتظاهرين أن "في حالة عدم استجابة القوات الأمنية للمطالب، فسيتم البدء باحتلال مدينة الرمادي وإسقاط الحكومة المحلية والقادة الأمنيين فيها"، واصفًا القادة الأمنيين بأوصاف نابية لتبعيتهم للمالكي، فيما وصف المالكي بأنه "ينفذ تعليمات إيران الخاصة بتهميش السنة وإذلالهم".
وعلى الرغم من أن التظاهرات هذه جاءت كرد مباشر على عملية اعتقال عناصر حماية العيساوي، فإن أهالي المحافظات الغربية والشمالية كانوا وعلى مدى السنوات الماضية قد تظاهروا في العديد من المناسبات ضد سياسة الحكومة الحالية وإجراءاتها بحقهم، وأهمها التهميش والإقصاء والاعتقالات العشوائية والتعذيب في السجون وإجراءات المساءلة والعدالة وهي نفسها المطالب التي يرفعونها اليوم.