الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة
الجزائر ـ خالد علواش
انتقدت شخصيات سياسية جزائرية محسوبة على التيار الإسلامي، الأربعاء، طريقة تعامل الحكومة مع قضية مرض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، مؤكدة أن الطابع الشمولي الذي يميّز النظام الجزائري يدفعه لمثل هذه الممارسات في تعاطيه مع أكثر القضايا حساسية، والتي تهم الرأي العام بشكل مباشر، وعن إمكان تفعيل
المادة 88 من الدستور التي تتحدث عن عجز الرئيس عن أداء مهامه بصفة عادية، فيما دعت إلى ضرورة وضع مصلحة البلاد فوق كلّ اعتبار
.، وعن احتمال تقديم التيار الاسلامي لمرشح إجماع أكدت مختلف القيادات أن الأمر قابل للنقاش بين أقطاب التيار المشكلين للجبهة الوطنية.
ورأى الرئيس الجديد لحركة "مجتمع السلم" المعروفة باسم "حمس"، عبدالرزاق مقري، في حديث لـ"العرب اليوم"، أن "الحديث عن تقديم مرشح للرئاسيات المقبلة عن الحركة أمر سابق لأوانه، باعتبار أن الرؤية العامة لم تتضح بعد، في انتظار ما قد يأتي به التعديل الدستوري الجديد، وأن التيار الإسلامي في الجزائر لا يزال يعاني التشتت، ورغم هذا هناك محاولات لتوحيد الصفّ لمواجهة آلة الفساد المتفشية بين دواليب الحكم ومؤسسات الدولة".
وعن موقف الحركة من ترشح محتمل للرئيس بوتفليقة لفترة رابعة، أكد رئيس "حمس"، أن الحركة ترفض ترشحه، وأن هذا هو الموقف السياسي للحركة من القضية، لكن لا أحد يمكنه منع بوتفليقة من الترشح، لأن الدستور يكفل له هذا الحقّ"، مضيفًا عن الحالة الصحية للرئيس وإمكان مزاولته مهامه بصفة عادية، أنه "يجب أولاً احترام مرض الرئيس، ثمّ التعامل وفق المعطيات الجديدة"، داعيًا الحكومة إلى التعامل بشفافية مع الرأي العام، واطلاعه بكلّ جديد يخص مرض المسؤول الأول عن البلاد.
واعتبر رئيس جبهة "العدالة والتنمية"، عبدالله جاب الله، في حديث مقتضب لـ"العرب اليوم"، مرض الرئيس بوتفليقة "أمرًا ربانيًا" يجب التعامل معه بشكل عادي وفق الأطر القانونية، مع تطبيق أحكام المادة 88 التي توّضح كيفية التعامل مع وضع الرئيس إذا تعذر عليه مزاولة مهامه بالشكل العادي، داعيًا الحكومة إلى تفعيلها في حالة استحال على الرئيس الاستمرار خدمة لمصلحة البلاد، موضحًا أنه "صرّح سابقًا ابتعاده عن سباق الرئاسيات المقبلة في حال استمر الوضع الراهن مع تقديم مرشح النظام، وأن الاستحقاقات الأخيرة أثبتت النيّة السيئة للسلطة في إصلاحاتها، مبقية دار لقمان على حالها مع ضمان حياة أخرى، وتخدير الشعب بترقيعات وهمية لإسكات صوت الشارع".
وكشف رئيس حركة "النهضة" الجزائرية، فاتح ربيعي، الأربعاء، عن أن "الجزائر أضحت أمام معطيات جديدة في الساحة السياسية بعد مرض الرئيس بوتفليقة، وأن فشل إصلاحاته التي باشرها مطلع 2011 قد تعيد البلاد إلى نقطة الصفر، مع ضرورة تسريع تعديل الدستور لتوضيح الرؤية في ما يخص الرئاسيات المقبلة والمقررة في نيسان/أبريل 2014".
وعن إمكان تقديم مشرح التيار الإسلامي، أكد ربيعي، أن "الأمر وارد سواء على مستوى (تكتل الجزائر الخضراء) أو على مستوى أوسع بمشاركة أحزاب تتقاطع مع وجهة نظره خدمة لمصلحة البلاد وتقوية الصف، للوقوف أمام من يريدون احتكار السلطة، وأن (الربيع العربي) وإن تأخر في الجزائر، فإن موعد الرئاسيات المقبلة سيكون حاسمًا في مسار البلاد والتيار إذا ما توافرت معطيات إيجابية بعد تعديل الدستور".
وندد رئيس "جبهة الجزائر الجديدة"، جمال بن عبدالسلام، بـ"الغموض الكبير" في تعاطي الحكومة مع موضوع مرض الرئيس، مما فتح المجال لانتشار الإشاعات وتضارب الأخبار، معتبرًا "افتقاد الشفافية" في القضايا الأكثر حساسية "مرضًا مستعصيًا" تعاني منه السلطة الجزائرية، مضيفًا أن "الحديث عن تفعيل المادة 88 من الدستور أمرًا سابقًا لأوانه، فمن الجانب الأخلاقي علينا احترام مرض الرئيس، وبعد اتضاح الصورة يمكننا الحديث عن التفعيل من عدمه، وأنه أولى الحديث عن (مرض النظام) الذي يرهن مستقبل البلاد بسياسة الهروب إلى الأمام، ورسم دستور على مقاس الأشخاص لا مصلحة البلاد"، داعيًا الجميع، سلطة ومعارضة، إلى تحمل المسؤوليات أمام وضع صعب يرهن الوضع العام للبلاد نحو المجهول.
وفي ردّه عن إمكان تقديم مرشح موحد عن التيار الإسلامي، اعتبر بن عبدالسلام أن الوضع العام يحتاج إلى نظرة أعمق من العائلات السياسية، مؤكدًا أن "حزبه مع المواقف الوطنية الراشدة وبناء جدار وطني حقيقي في إطار أعمق وأعم".
وأثارت الحالة الصحية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي أصيب بجلطة دماغية "عابرة" قبل أسبوعين، استدعت نقله على جناح السرعة إلى مستشفى فال دو غراس في باريس، مخاوف الجزائريين بشأن مستقبل البلاد، وبخاصة أن الشارع الجزائري أكد في العديد من مواقفه أنه مرتبط بشخص الرئيس ويثق فيه، على عكس مؤسسات الدولة الأخرى، ووصفه بـ"صمام الأمان" بالنسبة للنظام، يجعل أصحاب القرار أمام أزمة حقيقية في التعامل مع المعطيات الجديدة، وبخاصة أن تحديات كبرى تنتظر الجزائر بداية من تعديل الدستور وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية 2014.