وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش ممثل "حزب الله
وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش ممثل "حزب الله
بيروت ـ جورج شاهين
أصدر قاضي التحقيق الأوّل في جبل لبنان جان فرنيني، قرارَ الاتّهام في ملفّ تزوير الأدوية، بعد قرابة 8 أشهر على الفضيحة التي كان بطلها عبداللطيف فنيش شقيق وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش ممثل "حزب الله" في الحكومة المستقيلة، وتورّطه مع آخرين في المتاجرة بأرواح اللبنانيين وصحّتهم
.وأكد قاضي التحقيق الشبهة على فنيش، وعلى كلّ مِن رفاقه فؤاد وهبي، ومحمد حجازي وشوقي عطوي، وطلب لهم عقوبات تصل أقصاها إلى الأشغال الشاقة الموَقّتة.
وفي أول تعليق له على القرار، اتهم دفاع فنيش المحامي رشاد سلامة، عبر "العرب اليوم"، القضاء بعدم فهم القضية، وقال "إن التهمة الموجهة إلى وكيله تصلح في اتهام شركات استيراد الأدوية أو الصيادلة، وليس بالنسبة الى معقب معاملات كحال موكله".
وينشر "العرب اليوم" نص القرار الاتهام، الذي وقع في 17 صفحة، وتوجيه التهمة مباشرة إلى فنيش بتزوير تواقيع وزير الصحّة ممثل حركة "أمل " في الحكومة علي حسن خليل، واستيراد كمّية من الأدوية تبعًا للمستندات المزوّرة، وتقليد أختام وزارة الصحة، وتزوير وتحريف نتائج تحاليل الأدوية، ونَسبها إلى مختبرات جامعة بيروت العربية واستعمال المزوَّر، واستند القرار إلى مواد من قانون العقوبات تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة الموَقّتة.
واتّهم شخص آخر متورط في العملية فؤاد وهبي بالتدخّل بالجرائم المنسوبة إلى فنيش، وباستيراد أدوية طبية غير مطابقة للمواصفات المعتمدة وبيعها، واستعمال مستودعات غير مطابقة للمواصفات وغير مرخّصة، كما اتّهم محمد حجازي وشوقي عطوي وشركتَي "نيو الفارما" و"انترناشيونال فارما غروب", باستيراد أدوية غير مطابقة للمواصفات، وحيازتها وبيعها، وذلك استنادًا إلى مواد في قانون مزاولة مهنة الصيدلة، تصل عقوبتها القصوى إلى الحبس ثلاث سنوات والغرامة الى 50 مليون ليرة، ومنع القرار الاتهامي المحاكمة، عن كلّ من قاسم بزّ،ي وشركة "سيتي فارما"، وياسر غزال، ومنى مروّة، وباسم شريم، لعدم ثبوت ارتكابهم جرمًا جزائيًا، فيما فنّد القرار دور كلّ من المتهمين في عملية تزوير المستندات الرسمية، واستيراد الأدوية وبيعها في الأسواق اللبنانية.
وجاء في فقرة الوقائع، أنّ جامعة بيروت العربية ادّعت في الملف، وأوضحت أنّ قسم الكيمياء لديها معتمد لدى وزارة الصحة لتحليل الأدوية المستوردة، وتسليم التقارير بشأنها إلى وزارة الصحة، قبل إعطاء الشهادات والتراخيص اللازمة بشأن صلاحية تلك الأدوية لطرحها في السوق، وقد أفادت أنّ إدارتها لاحظت بداية، أنّه لم يعد يرد إلى المختبر لديها طلبات تحليل أدوية بالوتيرة التي كانت ترد في السابق من الوزارة، وأنّه عندما تمّ استيضاح الوزارة تعجّب مسؤولوها كون الطلبات توجّه دوريًا إليها، ويوجد تقارير من الجامعة في هذا الشأن، عندها وجّهت رئيس دائرة التفتيش في الوزارة خطابًا إلى عميد كلية الصيدلة في الجامعة، للاستفسار عمّا إذا كانت تقارير تحليل الأدوية الصادرة عنها بأرقام وتواريخ محدّدة صحيحة، وبعد التدقيق اتّضح أنّ التقارير وعددُها قرابة 90 تقريرًا، ليست صادرة عن الجامعة، وأنّ آخر تعامل من المستودعات المعنية بشأن استلام أدوية للتحليل، مرسلة من الوزارة كان في تموز/يوليو 2011، وأرسلت وزارة الصحة مفتشًا إلى الجامعة، فتأكّد أنّ فنيش المسؤول عن إنجاز معاملات مستودعات الشركات الثلاث المذكورة سابقًا، والذي كان بدوره قد استلم العيّنات من هذه الأدوية من وزارة الصحة لتحليلها، ولم يسلّم الأدوية إلى الجامعة، وأنّ نتائج تحاليل هذه الأدوية لم تصدر عن الجامعة، وأنّ فنيش لم يسلّم إلى الجامعة أيًّا من الأدوية منذ قرابة العام، وعلى الأثر، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلة في رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، بشكوى متخِذة صفة الادّعاء الشخصي في حقّ مجهول، بجرائم الغشّ والتزوير والاحتيال ومخالفة قانون مزاولة مهنة الصيدلة.
وفي سياق التحقيق، تبيّن أنّ المدير الإداري المسؤول في شركة "نيو الفارما" والمفوّض بالتوقيع عنها محمد حجازي، أفاد بأنّ الأدوية التي تستوردها الشركة نوعان، الأوّل مسجّل لدى وزارة الصحة ولا يحتاج إلى تحاليل، والثاني غير مسجّل ويحتاج إلى موافقة خطّية مسبقة استثنائيًا من وزير الصحة، على أن تكشف دائرة التفتيش الصيدلي عليه وعلى مستنداته، وتسحب عيّنات من طبخاته عند وصوله إلى لبنان، فتودعها في مختبر جامعة بيروت العربية بواسطة فنيش، للحصول على نتيجة هذه التحاليل وإيداعها وزارة الصحة، ونفى حجازي أيّ علاقة له بالتزوير.
وأفاد المدير الفنّي في شركة "نيو الفارما" الصيدلي المُدّعى عليه ياسر غزال، أنّه يتابع معاملات الشركة وتسجيل الأدوية المستوردة لدى وزارة الصحة، ويحضر أثناء الكشف على الأدوية وسحب عيّناتها في المطار أو مرفأ بيروت، وأنّ فنيش هو المكلّف باستلام وتسليم عيّنات الأدوية إلى مختبر جامعة بيروت العربية، نافيًا علاقته بالتزوير، فيما أكد مدير شركة "انترناشيونال فارما غروب" والمفوّض بالتوقيع عنها المدّعى عليه شوقي عطوي، أنّ الشركة المذكورة لا تستورد الأدوية، وأنّ المدّعى عليه فؤاد وهبي الذي يتعاطى بيع وشراء الأدوية منذ فترة طويلة، طلب منه استيراد كمية من الأدوية على اسم "انترناشيونال فارما غروب"، كونه لا يملك شركة تجارية تخوّله استيراد الأدوية، وأنّه رفض ذلك في بادئ الأمر، إلّا أنّه ونظرًا إلى إلحاح وهبي وحاجة السوق لهذه الأدوية المضادة للالتهابات وإبر الفيتامينات والمسكّنات وغيرها من الأدوية التي تستعمل في المستشفيات، عاد ووافق من دون مقابل، ثمّ زوّد وهبي بصور مستندات للشركة، ليستحصل بعدها الأخير على فواتير خاصة بهذه الأدوية من الهند.
وأضاف عطوي، أنه بناءً على طلب وهبي، وبحكم علاقته الجيّدة مع العاملين في وزارة الصحة، قدم الفواتير والمستندات الخاصة بشركته إلى الوزارة، واستحصل على موافقة مسبقة استثنائية من وزير الصحة تسمح بإدخال الأدوية، وبعد شهر من ذلك وصلت الأدوية إلى مرفأ بيروت، فأرسل الصيدلي في الشركة منى مروّة إلى المرفأ لحضور سحب عيّنات الأدوية وإيداعها المختبر، وبعد ثلاثة أسابيع أبلغ وهبي عطوي أنّ نتائج التحاليل سليمة، وعندها باعها وهبي في الأسواق اللبنانية، لكنه بعد أسبوعين عاد ليطلب من عطوي توقيع فاتورتين جديدتين لأدوية يرغب في استيرادها من الهند، فرفض عطوي وأبلغه أنّ مروّة رفضت بدورها، لكن بعد إصرار وهبي ووعده بأن تكون المرة الأخيرة، استلم عطوي الفاتورتين وذهب بهما إلى وزارة الصحة لتوقيعهما من الوزير، إلّا انه لم يفلح في ذلك، كون الوزير تمنّع عن توقيع أي فاتورة في هذا الشأن، لكن وهبي لم يقتنع بذلك، فأخذ الفاتورتين مؤكدًا لعطوي أنه سيوقعهما بواسطة مقرّبين من وزير الصحة، وبالفعل، في اليوم التالي اتصل وهبي بعطوي، وأبلغه أنه تم توقيع الفاتورتين، وأنه سيستورد الأدوية. وقال عطوي في التحقيق، إنه لم يعرف شيئًا عن هذا الموضوع، إلى أن استدعته مستشارة وزير الصحة لتبلغه أنه تم تزوير الفاتورتين، وأنّ التواقيع الموجودة عليها ليست للوزير، كما أنه تم تزوير تقرير التحاليل الصادرة عن مختبر جامعة بيروت العربية، فاتصل عطوي بوهبي على مسمع المستشارة، ليجيبه الأخير بأنّ فنيش هو من قام بذلك، ونفى عطوي علاقته بالتزوير.
بدورها، أفادت الصيدلي المدعى عليها منى مروّة، أنّ شركة "انترناشيونال فارما غروب" لا تستورد الأدوية، وبأنها حضرت إلى مرفأ بيروت أثناء الكشف على الأدوية المستوردة، وأنها لا تعرف وهبي ولا فنيش، وأنها لا علاقة لها بالتزوير، في حين أكد المدير الإداري في شركة "سيتي الفارما" والمفوّض بالتوقيع عنها قاسم بزي، أنّ الصيدلي في الشركة باسم شريم هو المكلّف الوحيد من الشركة الحضور إلى المطار عند الكشف على الأدوية المستوردة، والتقت إفادته مع إفادة الصيدلي المدعى عليه باسم شريم المدير الفني في شركة "سيتي فارما" والمفوض بالتوقيع عنها، بأنّ فنيش يسلّم العيّنات لإيداعها مختبر جامعة بيروت العربية ويستحصل على النتيجة من المختبر المذكور، ويودعها وزارة الصحة، وينجز كل المعاملات الإدارية الخاصة بالأدوية المستوردة لدى وزارة الصحة ابتداءً من أخذ الموافقة الاستثنائية، مرورًا بإيداع عيّنات الأدوية في المختبر واستلام النتائج، انتهاءً بالحصول على موافقة الوزارة، نافيًا علاقته بالتزوير.
ولفت قرار الاتهام، إلى أنه تم ختم مستودعات يملكها وهبي، منها مستودع في منطقة "السانت تريز" غير مجاز وغير مرخّص من وزارة الصحة، ومستودع آخر في الغبيري، غير مجاز وغير مرخّص كمستودع أدوية من وزارة الصحة، وأنه كان يوجد في داخل هذين المستودعين كميات كبيرة من الأدوية، فيما فنيش اعترف بالتزوير. وتبيّن انّ عبد اللطيف فنيش المعروف بمحمود فنيش أنكر لدى استجوابه أمام قاضي التحقيق ما نسب إليه، وأفاد أنه يعمل كمعقّب معاملات في وزارة الصحة، ويخلّص معاملات للشركات المدعى عليها "نيو الفارما" و"انترناشيونال فارما غروب" و"سيتي فارما"، المتعلقة بوزارة الصحة، وأنه يتعامل مباشرة مع شركتي "نيو الفارما" و"سيتي فارما"، وأنّ تعامله مع شركة "انترناشيونال فارما غروب" كان يتم من خلال فؤاد وهبي الذي يعرفه منذ سبع سنوات كمعقّب معاملات في وزارة الصحة، وأنّ علاقته به اقتصرت على أنه استلم منه بعض المعاملات لملاحقتها في وزارة الصحة والاستحصال على الأذونات والتحاليل وكل ما يلزم من أجل إخراج البضاعة من المرافئ.
واعترف فنيش، أنه هو من زوّر كل التحاليل والشهادات التي نسب صدورها عن جامعة بيروت العربية، ومنها نحو 12 مستندًا، وذلك عن طريق التصوير بالسكانر، كما أنه مرّر قلمه على التواقيع الموجودة لتصبح واضحة، واعترف بأنه زوّر توقيع وزير الصحة على فاتورتين أو ثلاث، وأنه استعمل كل المستندات المزوّرة، نافيًا أن تكون الأدوية المستوردة مزوّرة، وأنه قام بكل عمليات التزوير ليقبض أتعابه بسرعة، مؤكدًا الإجراءات وإدلاءات المدعى عليهم المستمع إليهم في مرحلة التحقيق الأولي لجهة طريقة الاستيراد والموافقة المسبقة الاستثنائية المعطاة من الوزير وتزويره البعض منها، كما لجهة استلامه العيّنات وتسليمها إلى مختبر جامعة بيروت العربية، واستلام نتائج التحاليل وتسليمها إلى وزارة الصحة لإعطاء الموافقة النهائية.
فيما أنكر وهبي أمام قاضي التحقيق، ما نُسب إليه، واعترف بأنّ لديه مستودعَي أدوية، وبأنه يتعامل مع عطوي بصفته صاحب شركة "انترناشيونال فارما غروب"، وقد اتفق معه على استيراد كمية من الأدوية بعد الاستحصال على موافقة مسبقة استثنائية من وزارة الصحة وأنه تم استيراد الأدوية بواسطة الصيدلي مروّة، وأنه عاد وطلب مساعدة عطوي للاستحصال على موافقة مسبقة، فتعذر ذلك، فسلّم الأوراق لفنيش الذي تبيّن فيما بعد أنه زوّر تواقيع الوزير على الفاتورتين، وأنه بعد استيراد الأدوية موضوع الفاتورتين، أوكل إلى فنيش متابعة المعاملات المتعلّقة بالأدوية ليصار إلى إخراجها من الجمارك، فتصبح جاهزة للبيع في السوق اللبناني، وأنّ فنيش تولّى عملية الاستحصال على التحاليل والنتائج العائدة لهذه الأدوية، وفي المقابل، أنكر المدعى عليهم محمود حجازي، وياسر غزال، وشوقي عطوي، ومنى مروّة، وقاسم بزي، وباسم شريم، أمام قاضي التحقيق ما نُسب إليهم.
وأشار قرار الاتهام إلى ورود كتاب من وزارة الصحة العامة بتاريخ 9 تموز/يوليو 2013، جاء فيه ما يلي أن كل الأدوية التي أرسلت للتحليل هي أدوية غير منتهية الفعالية، قسم منها مشمول بالقرار رقم 1689/1 تاريخ 23/10/2012، وقسم آخر غير مشمول بهذا القرار، وأورد أنه تبيّن أنّ نسخ فواتير استيراد الأدوية غير المشمولة بالقرار المذكور، المرسلة للتحليل، والمحفوظة لدى وزارة الصحة العامة مستوردة من مستودع أدوية "نيو الفارما"، وتبيّن من التحاليل الواردة من جامعة بيروت العربية، وجامعة القديس يوسف وجامعة AUST ومختبر ATL، أنّ قسمًا من الأدوية المودعة في مستودعَي وهبي صحيح، وقسمًا آخر غير صحيح، وأنّ الأدوية غير الصحيحة لم تحوِ المادة الفعّالة، أو أنه تمّ تغيير لونها، أو نسبة الحموضة فيها أو هناك شك في وجود مواد مولّدة للحمى فيها، وأنّ النتيجة أتت متباينة من الجامعات الثلاث وأحيانًا مطابقة، أمّا في ما يتعلق بالأدوية الصحيحة فقد أتت النتيجة متطابقة.