تونس - أزهار الجربوعي أعلنت وزارة الداخلية التونسية، السبت، عن تفجير سيارة أمنية أمام أحد مقرات الحرس الوطني بواسطة قنبلة يدوية الصنع،  فيما عاشت عدد من محافظات تونس ليلة دامية وسطت مواجهات بين قوات الأمن وعدد من المطالبين بإسقاط النظام احتجاجًا على اغتيال المعارض محمد البراهمي، أسفرت عن مقتل ناشط سياسي في "الجبهة الشعبية" عقب إصابة بقنبلة غاز في رأسه، في حين  أعلن 42 نائبًا تونسيًا معارضًا عن استقالتهم من "المجلس الوطني التأسيسي"، و دخولهم في اعتصام مفتوح إلى حين إسقاط النظام، هذا وقد أكد بعض خبراء القانون الدستوري لـ"العرب اليوم" أن فرضية حل "المجلس التأسيسي" بفعل الاستقالات الجماعية، غير واردة،  في ظل غياب آلية قانونية في الدستور المؤقت للبلاد (القانون المنظم للسلطات العامة) تشير لحل المجلس ولكنه سيواجه صعوبات إجرائية وقانونية  في ما يتعلق بعدم التمكن من الحصول على النصاب القانوني في حال استقال عدد كبير من النواب دون تعويضهم مما سيؤدي إلى تعطل السير العادي لـ"المجلس التأسيسي".

هذا وكشف الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية محمد علي العروي، صباح السبت، عن انفجار سيارة بواسطة عبوة ناسفة تقليدية الصنع أمام مركز الحرس الوطني في حلق الواد بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة.
فيما وصف العروي الحادثة بـ"العملية الإرهابية والإجرامية بامتياز"، التي حاولت استهداف أعوان الأمن، مشيرًا إلى أن أعوان الأمن تفطنوا لوجود جسم غريب في السيارة قبل استعمالها.
وقال العروي "إن الحادثة  تسببت في خسائر مادية فقط دون وقوع خسائربشرية ، لافتا النظر إلى انطلاق عمليات تمشيط للمكان بحثا عن المتسببين في العملية.
وفي سياق متصل، عاشت تونس ليلة دامية من الاحتجاجات وأعمال العنف والحرق التي استهدفت مقرات أجهزة الدولة ومراكز الأمن وأخرى تابعة لحزب النهضة الإسلامي الحاكم، وقد أسفرت المواجهات في محافظة قفصة وسط غربي العاصمة التونسية، عن مقتل ناشط سياسي في الجبهة الشعبية يدعى محمد بالمفتي على اثر إصابته على مستوى الرأس بقنبلة مسيلة للدموع أمام مقر المحافظة، إلى جانب جرح 5 آخرين.

ويذكر أن الحادثة جاءت على إثر رشق بعض الشبان المشاركين في مسيرة منددة باغتيال محمد براهمي، قوات الشرطة بالحجارة، التي ردت باللجوء إلى القنابل المسيلة للدموع أصابت إحداها الضحية.
وفي سيدي بوزيد ، مسقط رأس المعارض التونسي محمد البراهمي الذي اغتيل، ظهر الخميس، رميًا بالرصاص في بيته من قبل عنصرين لفتت وزارة الداخلية أنهما متطرفين دينيًا، عاشت المحافظة احتجاجات شعبية عارمة وسط حالة من الفوضى والانفلات الأمني مازالت متواصلة إلى حدود، صباح السبت، في انتظار موكب دفن ابن الجهة التي تعتبر مُفجّرة الربيع العربي.
ووسط حالة الفوضى العارمة وخروج المحافظة عن السيطرة، قررت عدد من هيئات المجتمع المدني البارزة على غرار الاتحاد الجهوي للشغل(المنظمة العمالية) واتحاد الصناعة والتجارة(منظمة الأعراف) واتحاد الأطباء واتحاد المحامين في محافظة سيدي بوزيد تكوين خلية لتسيير الدواليب الإدارية في المحافظة، في خطوة اعتبرها مراقبون ، مقدمة للاستجابة للدعوات التي أطلقتها قوى سياسية لعصيان مدني إلى حين إسقاط النظام.
كما أقدم المحتجون على حرق 3 مقرات لحركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة في كل من معتمديات المزونة والمكناسي ومنزل بوزيان ، إلى جانب حرق مقر معتمدية منزل بوزيان ومدخل المحكمة في سيدي بوزيد المدينة التي ماتزال تعاني آثار حرق قديمة من احتجاجات شعبية سابقة.
كذلك  اقتحم عدد آخر من المحتجين مركزين للحرس الوطني في كل من معتمديات سوق الجديد ومنزل بوزيان. وقد خلّفت هذه الموجة من الاحتجاجات حملة اعتقالات واسعة في صفوف أبناء المحافظة من قبل الوحدات الأمنية.
 و في سياق متصل نظم الفرع الإقليمي لكبرى المنظمات النقابية في تونس (الاتحاد العام التونسي للشغل) مسيرة انطلقت من أمام مقر الاتحاد في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة في سيدي بوزيد المدينة تنادي بالإطاحة بالحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي.
وقد توافد على مركز المدينة ما يقرب من ألف من  المحتجين الغاضبين، الذين جابوا الشوارع الرئيسية لسيدي بوزيد مطالبين بالقصاص ممن وصفوه مبـ" القتلة المجرمين والثأر لدم شهيد الوطن"، فيما اتهم اخرون حزب النهضة الحاكم وزعيمه راشد الغنوشي بالتورط في اغتيال المنسق العام للتيار الشعبي والنائب بالتأسيسي التونسي محمد البراهمي.
بينما  طالت الاحتجاجات مدينة صفاقس، كبرى  محافظات الجنوب الشرقي التونسي، حيث حاول عدد من المواطنين الغاضبين اقتحام مقر المحافظة بوسط المدينة، احتجاجا على اغتيال المنسق العام للتيار الشعبى والنائب بالمجلس الوطنى التاسيسى محمد البراهمى.
وقد عمد رجال الأمن إلى استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين اعتصموا بالساحة الرئيسية للمحافظة، مرددين شعارات مناهضة لائتلاف "الترويكا " الحاكم، وأخرى تنادي بإسقاط النظام وانتهاء الشرعية.
ومن جانبه   أكد المنسق العام للجبهــة الشعبيــة في صفاقس اعتقال 7 ناشطين من قبل الوحدات الأمنية ،منتقدا ما وصفه بـ"الهمجية والعنف الأمني" في التعامل مع المتظاهرين.
هذا وقد أعلن أعلن 42 نائبًا انسحابهم من "المجلس التأسيسي" و دخولهم في اعتصام مفتوح لحلّه و لإسقاط الحكومة و تشكيل حكومة إنقاذ وطمي، وذلك  بعد تسارع التطورات السياسية التونسية وردود الفعل  عقب حادثة الاغتيال الثانية التي عاشتها البلاد خلال العام الجاري بمقتل الأمين العام السابق لحزب الشعب الناصري محمد البراهمي، ظهر الخميس بعد تلقيه 14 طلقا ناريا في بيته،  فيما  أصدر النواب المستقيلون بيانًا طالبوا فيه بتكليف لجنة خبراء لإنهاء صياغة الدستور في أسرع وقت وعرضه على الاستفتاء الشعبي .
وتجدر الإشارة إلى أن   النواب المنسحبون ينتمون لأحزاب "المسار الديمقراطي" و "الجمهوري" و "المبادرة" و "نداء تونس" و "آفاق" و "حزب الوطنيين الديمقراطيين" و"الجبهة الشعبية"، إلى جانب بعض النواب المستقلين .
وقال القيادي في حركة نداء تونس خميس قسيلة على هامش الندوة الصحافية "إن النواب المنسحبين من "المجلس الوطني التأسيسي" وهم 42 نائبًا وينتمون بدورهم إلى الاتحاد من أجل تونس وحزب المبادرة والجبهة الشعبيــة وبعض المستقلين سيدخلون في اعتصام مفتوح ابتداء من يوم غد السبت 27 تموز/يوليو أمام "المجلس التأسيسي" إلى حين حلّ المجلس وحلّ الحكومــة وتشكيل حكومة مستقلة يترأسها رئيس حكومة مستقل".
ومن الناحية القانونية، فإن خبراء القانون الدستوري قد أكدوا لـ"العرب اليوم" أن فرضية حل "المجلس التأسيسي" بفعل الاستقالات الجماعية، غير واردة ،  في ظل غياب آلية قانونية في الدستور المؤقت للبلاد (القانون المنظم للسلطات العامة) تشير لحل المجلس ولكنه سيواجه صعوبات إجرائية وقانونية  في ما يتعلق بعدم التمكن من الحصول على النصاب القانوني في حال استقال عدد كبير من النواب دون تعويضهم مما سيؤدي إلى تعطل السير العادي للمجلس التأسيسي ، وهو ما يمكن تجاوزه بتغيير التنظيم المؤقت للسلطات العامة والنظام الداخلي وتعديل بعض فصوله المتعلقة باليات التصويت والنصاب القانوني المطلوب في مثل هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد.