قوات ليبية داخل سجن في مصراتة العام 2011
قوات ليبية داخل سجن في مصراتة العام 2011
لندن ـ سليم كرم
تسعى المملكة المتحدة إلى دعم مبيعاتها من الأسلحة الدفاعية إلى ليبيا، وذلك من خلال إرسال إحدى السفن الحربية التابعة لسلاح البحرية الملكية البريطانية إلى طرابلس، لتكون بمثابة معرض عائم للمؤسسات البريطانية التي تعمل في مجال التسليح والأمن. يأتي ذلك وسط مخاوف في أوساط الحكومة البريطانية
من أن كل من فرنسا وإيطاليا تستعدان في الوقت الراهن للاستفادة المادية من سقوط نظام العقيد معمر القذافي .
وتشير صحيفة الغارديان البريطانية في ذلك إلى "وجود سباق غير معلن بين متعهدي توريد الأسلحة الأوروبيين لإعادة تسليح القوات الليبية، الأمر الذي أثار مخاوف الليبيين أنفسهم".
وتؤكد الصحيفة أن "زيارة السفينة البريطانية لطرابلس في نيسان/ أبريل المقبل تثير قلق الأوساط السياسية في ليبيا، كما تثير قلق نشطاء حملات الحد من التسلح". الذين يطالبون بمعرفة أسماء الشركات والمؤسسات المشاركة في المعرض العائم، وماهية الأسلحة والمعدات التي سيتم الترويج لها في ليبيا".
وقد رفضت وزارة التجارة والاستثمار التي تنظم المعرض، الكشف عن أسماء المؤسسات المشاركة، بحجة أن ذلك من شأنه أن يصب في مصلحة المنافسين الأوروبيين.
وتؤكد الوزارة البريطانية أن "المعرض لن يروج لبيع أسلحة، وإنما أجهزة ومعدات متخصصة للمساعدة في أمن وحماية الميناء وقوارب مطاطية للقيام بالدوريات اللازمة في الميناء وملابس الزي الموحد".
ومع ذلك، فإن عددًا من الشخصيات البارزة في ليبيا، أعربت عن" مخاوفها من أن السباق من أجل الفوز بصفقات الدفاع، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى سقوطها في أيدي أطراف غير مسؤولة في بلد لاتزال حكومته تواجه صعوبات في إحكام قبضتها الأمنية على البلاد".
ويقول العضو المستقل في البرلمان الليبي حسن الأمين، والذي يعيش في بريطانيا منذ 28 عامًا إنه "لا يفهم المغزى من إقامة مثل هذا المعرض في ليبيا الآن"، مشيرًا إلى أنه "يشاهد الأسلحة منتشرة في كل مكان في ليبيا الآن ".
ويبدو أن المعرض يأتي في إطار الإستراتيجية الدفاعية للحكومة البريطانية التي تهدف إلى تعزيز العلاقات في المناطق التي ترتبط بمصالح بريطانيا الأمنية والتجارية.
وقد أكدت وزارة الدفاع البريطانية "نبأ المعرض العائم، ولكنها رفضت الخوض في التفاصيل لدواعٍ أمنية". وهناك تقارير تؤكد أن "شركات المعدات الدفاعية ترغب في المشاركة في يوم الصناعة في مجال الأمن والدفاع الذي يعقد في طرابلس في نيسان/ أبريل المقبل للترويج لخدماتها ومعداتها للبحرية الليبية".
ومن شأن هذا المعرض الذي تم إغلاق باب التسجيل للاشتراك فيه 12 من شباط/فبراير الجاري، أن يدعم الصناعة البريطانية في مجال الأمن والدفاع. ولم تتحدد بعد القائمة النهائية للعارضين البريطانيين المشاركين في المعرض العائم.
يُذكر أن بريطانيا تحاصرها عددا من القيود، بشأن مبيعات الأسلحة الليبية في ظل الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة والخارجية البريطانية على تلك المبيعات، بسبب المخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان هناك.
وقال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ إنه "في حالة وجود مخاطر واضحة من أن تصدير تلك المعدات إلى ليبيا يطيل أمد الصراعات الإقليمية أو الداخلية أو استخدامها في عمليات قمع داخلية، فإن الحكومة البريطانية سترفض الترخيص لمثل تلك المبيعات". ويأمل رئيس لجان الرقابة على صادرات السلاح البريطانية، السير جون ستانلي أن "تلتزم الحكومة بتلك السياسة".
وقال متحدث باسم حملة مكافحة تجارة الأسلحة إنهم "كانوا يأملون في عدم إقامة المعرض البريطاني العائم، كما يطالبون بمزيد من الشفافية بشأن ما تعتزم الشركات البريطانية بيعه في ليبيا".
ويقول خبراء إن "بريطانيا تنظر إلى ليبيا باعتبارها واحدة من الدول التي تأتي على قائمة أولوياتها بالنسبة لمستقبل الصادرات البريطانية". كما تنظر كذلك إلى "أمن حدود وسواحل ليبيا وإعادة بناء البنية التحتية الدفاعية وقواتها الجوية".
وقد قامت إيطاليا خلال هذا الشهر بتسليم وزارة الدفاع الليبية 20 سيارة مدرعة، وفي الشهر الماضي، قامت شركة فرنسية ببيع 50 قاربًا مطاطيًا إلى ليبيا.
وكان وزير الدفاع الليبي، محمد البرغاتي قد قال إن "ليبيا ستعطي إيطاليا الأولوية في مبيعات الأسلحة، وذلك على الرغم من تعقيدات حظر الأمم المتحدة".
يذكر أن مسألة انتشار الأسلحة في ليبيا، تمثل صداعا للحكومة الليبية منذ سقوط القذافي وتهريب الأسلحة إلى مالي، وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون قد أعربت عن اعتقادها بأن "الهجوم على منشأة الغاز في الجزائر قد استخدمت فيه أسلحة ليبية".
وكانت بريطانيا قد عرضت تدريب الجيش والشرطة الليبية، كما يقوم الاتحاد الأوروبي بمساعدة ليبيا في الرقابة على حدودها وسط مخاوف من تسلل الجماعات المتطرفة إليها.
ويُذكر أن الشركات البريطانية كانت قد حصلت على تراخيص بتصدير أسلحة إلى القذافي بقيمة 72 مليون يورو بعد رفع الحظر على ليبيا العام 2004. وعندما قامت الثورة في ليبيا ألغت الحكومة 158 ترخيصًا للشركات البريطانية لتصدير السلاح إلى ليبيا. بعد أن أعضاء في البرلمان البريطاني بـ "فرض قيود مشددة على مبيعات الأسلحة إلى ليبيا في ظل التطورات التي أعقبت الثورات العربية"