رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي
بيروت ـ جورج شاهين
عَبر حزب الله اللبناني عن جام غَضبه من استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد مرور 24 ساعة على تقديمها مكتوبة الى رئيس الجمهورية ميشيل سليمان، بينما أعرب المكتب السياسي في حزب "الكتائب اللبنانية" بعد اجتماعه الدوري الأسبوعي عن مخاوفه من ملامح الفراغ السياسي، ودعا إلى معالجة الملف الحكومي
بعد استقالة الرئيس نجيب ميقاتي إلى اعتماد الآلية الدستورية، واختصار مرحلة تصريف الأعمال وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تقود البلاد، في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة، فيما اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب سمير جعجع أن "هناك حكومة وحيدة قادرة على إنقاذ البلد وهي حكومة من قوى 14 آذار والوسطيين، بعد حصولهما على أكثرية نيابية".
وشارك حزب الله في هذا الغضب وزراء التيار الوطني الحر ورفضوا التوقيت الذي اختاره ميقاتي لتقديم الاستقالة كون أن ذلك يُمكن أن يؤدي إلى مصاعب قد تواجه فريق الغالبية الذي كان يعتقد أنه سيمسك بالسلطة إلى النهاية، وصولاً إلى قانون انتخاب يضمن عودته بالغالبية نفسها إلى السلطة.
وقالت مصادر مُقربة من رئيس الحكومة لـ "العرب اليوم" إن ميقاتي تبلغ بأجواء العتب التي عبر عنه مسؤولو حزب الله وقيادات الغالبية من قوى 8 آذار لكنه فاتهم أنهم كانوا سببًا في كل ما جرى وهم من أقفلوا الطريق أمام الحكومة لمزيد من الإنجازات على المستوى الوطني وهم من مارسوا ضغوطا لا تحتمل من أجل جر رئيس الحكومة إلى مواجهة مع طائفته وخصوصا على مستوى قانون الانتخاب الذي رفضته الغالبية السنية من كل المواقع وتساءلت المصادر هل كان بإعتقادهم أن رئيس الحكومة سَيمضي في المواجهة المفتوحة مع أكثرية طائفته.
وأعتبر رئيس كتلة حزب الله في المجلس النيابي اللبناني، المعروفة بكتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد أن استقالة رئيس الحكومة "لم تكن مفاجئة لأحد منا على الإطلاق، فنحن قد قلنا، ومنذ تشكلت، أنها تستمر حتى بداية عهد الاستحقاق الانتخابي".
وقال رعد إن رئيس الحكومة "الذي أراد أن لا يحدث فراغا في مؤسسة أمنية أصاب باستقالته فراغًا سياسيًا وأمنيًا لكل البلد، في حين أننا نتصرف وفق ما يحفظ استقرارنا وثوابتنا وقناعاتنا التي لن يغير أي شيء فيها على الإطلاق".
وأضاف "نريد أن يقتنع كل اللبنانيين بأنهم ليسوا قادرين على تجاوز ما يواجه المنطقة من إهتزازات إلا إذا اتفقوا على حد أدنى من الثوابت التي تحفظ وطنهم، والتي في طليعتها الحفاظ على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وإن كل من يَخرج عن هذه المعادلة لا يخدم الاستقرار في لبنان ومشروع أبنائه بل مشروعا آخر يعرفه تماما، في الوقت الذي لا نريد فيه ان نَتهم أحدا لأن الامور أصبحت واضحة وبات الناس مفروزين ومعروفين".
وخَلص رعد إلى القول "اننا منفتحون في هذا الوقت بالذات- وإن أردتم تشكيل حكومة- على حكومة توفر الاستقرار وفق الثوابت التي نتفق عليها والتي في طليعتها معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ومن يشعر بأن لبنان تَتَهدَده الإهتزازات في المنطقه لا يتخلى عن المقاومة او يدير ظهره لها، بل عَليه واجب وطني يَتجسد في مد يده لدعمها وحمايتها لأن من لا يفعل ذلك يوقع نفسه في الموقع المريب".
من جهته قال مسؤول الحزب في البقاع محمد ياغي في احتفال نظمته الهيئات النسائية في "حزب الله"، بالتعاون مع بلدية شمسطار تكريما لـ 350 سيدة "ان "استقالة الرئيس نجيب ميقاتي جاءت في وقت يَشهد فيه لبنان تَحد كبير، هذه الاستقالة جاءت مستعجلة، وهي تخفي ورائها ما تخفي ونحن في وقت وظروف صعبة تمر بها المنطقة والوطن".
وأعرب عن الإعتقاد بالقول "ما هكذا تُحفظ الأوطان ويَتصرف فيه المسؤولون عن مصائر الناس، هذه الخطوة ليست صائبة، وكان من الممكن أن لا يتذرع من إستقال بعدم التمديد لموظف في إدراة أمنية، أو بأمر آخر يتعلق بهيئة الإشراف على الانتخابات، ونَفهم ماذا تعني هذه الهيئة، والذين أقدموا على هذه الخطوة أدخلوا لبنان في مرحلة جديدة، ومن فعلوا ذلك لن يُعاد تكليفهم، لأننا نريد حفظ الوطن في أصعب الظروف وأحلكها، وهم لم يرغموا حين شكلوا الحكومة المستقيلة".
وأضاف" نتطلع إلى تكليف جديد لرئيس حكومة جديد"، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضطلع بالمسؤوليات الوطنية وتعالج الأزمات، وكنا دائما وأبدًا دعاة حوار وطني جاد ومسؤول، ينتج عنه معالجة للأزمات الداخلية، ووضع خطة لمعالجة وَضع العدو الذي يتهدد أرضنا يومًا بعد يوم، ويُحفظ بتضافر أبنائه من أجل الخروج من الأزمات، وتحييد لبنان عن الأزمات الدائرة، ليكون وطنًا للانسان والحرية والعدالة والمساواة بين الجميع، ليكون لكل طوائفه على مختلف انتماءاتهم".
ورأى عضو "تكتل التغيير والاصلاح" النائب سيمون آبي رميا، أن استقالة ميقاتي "سيناريو مُركب سلفًا ويَتحمل مَسؤوليته مَن قام به، وإنه لا يمكن تحميل "تكتل التغيير والاصلاح" مسؤولية تمسكه بالدستور والقانون في مسألة ملء الشواغر في الوظيفة العامة"
وشَدَدَ على أنه "من حق الوزراء والغالبية الوزارية أن يكون لها رأي مختلف عن رأي رئيس الحكومة في أي موضوع، وبالأخص في موضوع ملء الشغور في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بمعزل عن الرأي الخاص بالشخص موضوع النقاش".
وتساءل آبي رميا "كيف أن تمديدًا غير قانوني لموظفٍ في جهاز أمني يَفرض عَقد مجلس وزراء، وكأن هذا الموظف أصبح أهم من المؤسسات الدستورية، والجمهورية اللبنانية برمتها، وهذا الإصرار على خرق القانون من خلال عدم احترام سن التقاعد المنصوص في قانون الدفاع يطرح الكثير من علامات الإستفهام حول الدور الذي يؤديه هذا الشخص، خاصة وأن معلومات صحافية أوردت أن بعض رؤساء الدول الغربية والسفراء في لبنان طالبوا بالتمديد له؛ بالإضافة إلى أن عدم إحترام الأصول في تعيين مدير عام جديد هو إهانة للكثير من العمداء المؤهلين لتبؤ هذا المنصب".
ودعا الحزب في بيان له صدر عن المكتب السياسي في حزب
"الكتائب اللبنانية" بعد اجتماعه الدوري برئاسة نائب الرئيس المحامي شاكر عون، لوجود الرئيس أمين الجميّل في جولة خارجية، وناقش التطورات إلى "اعتماد إعلان بعبدا ومندرجاته، وبخاصة تحييد لبنان عن سياسة المحاور، كبيان وزاري لها".
وشدد الحزب على وجوب تحصين الاستقالة من خلال وقف النزاعات الداخلية، وبخاصة ما يجري في طرابلس، والإمساك بالحدود اللبنانية – السورية وضبط معابرها ومنع السلاح والمسلحين من العبور في الاتجاهين، وتحصين الوضع الوطني من خلال الالتئام على طاولة الحوار، إضافة إلى التشدد في احترام المواعيد الدستورية وانبثاق السلطة وتداولها.
ورأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، "وجوب تشكيل حكومة تكنوقراط من اختصاصيين وحياديين لإنقاذ البلد، باعتبار أن حكومة فريق 8 آذار مع الوسطيين أثبتت فشلها، لدرجة أنها لم تستطع التوافق على التمديد للواء أشرف ريفي"، مستبعدًا "إمكان نجاح حكومة وحدة وطنية بين 8 و14 آذار، ولا سيما أنه سبق وجربناها".
واعتبر أن "هناك حكومة وحيدة قادرة على إنقاذ البلد وهي حكومة من قوى 14 آذار والوسطيين، بعد حصولهما على أكثرية نيابية".
جاء كلام جعجع خلال مؤتمر صحافي عقده في معراب بعد ظهر الإثنين، تحدث فيه عن استقالة الحكومة ورؤيته للحل للخروج من الأزمات الراهنة، فقال "الحقيقة هي أن هذه الحكومة انحلت لأن الأكثرية داخلها، وتحديدًا حزب الله، أرادت تجييرها لمصالحها الإقليمية والمحلية، وأخيرًا حاولت استثمارها كليًا إلى حد أن الوسطيين الموجودين داخلها ما عادوا قادرين على الاحتمال، ما أدى إلى استقالة الرئيس نجيب ميقاتي ومعه الوسطيون، ولا سيما أن وزير خارجيتها وبعد أكثر من مئة ألف قتيل في سورية طالب بإعادة مقعد سورية في الجامعة العربية إلى نظام الأسد، ناهيك عن إرسال حزب الله وحدات عسكرية للقتال في سورية، بعد اعتماد سياسة النأي بالنفس في لقاء بعبدا، فضلاً عن شعور ميقاتي والوسطيين بأن حزب الله وحلفاءه لديهم النية لوضع اليد على ما تبقى من الأجهزة الأمنية والعسكرية الحرة، وتحديدًا قوى الأمن الداخلي، وفي ما بعد الجيش".
وتابع إن "فريق 8 آذار، وبعيدًا عن كل خصومة سياسية، ليس فريق بناء دولة، بل هو مرتبط بمشروع إقليمي أبعد من لبنان ومصلحة اللبنانيين"، مقارنًا "بين العامين 2005 و2010 من جهة وبين ما نشهده في الوقت الحاضر من جهة ثانية". ووصف الحكومة المستقيلة بـ"أفسد الحكومات في تاريخ لبنان وأسوأها لناحية الإصلاح والأمن، وضرب صورة لبنان عربيًا ودوليًا، والتي باتت مشوهة".
واستغرب "ظهور موجة جديدة من الدعوات الحوارية "حوار Love"، في ظل الوضع الأمني المتردي في المناطق كافة، من بيروت إلى صيدا فطرابلس وصولاً إلى عرسال. وفي خضم تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي"، سائلاً "عن أي حوار يتكلمون؟ نحن لسنا ضد الحوار، ولو أن بعضهم طرحه عن حسن نية، فنحن معه كمبدأ بهدف التواصل، ولكن البعض الآخر يسعى إلى تخطي كل المؤسسات والآليات الدستورية".