بيروت ـ جورج شاهين أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، هاتفيًا، دعمه  في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره، مشددًا على أهمية سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان، وعلى هامش القمة العربية، التقى الرئيس سليمان أمير قطر في الدوحة قبل عودته، الأربعاء، إلى بيروت، للبحث في ما آلت إليه أعمال القمة، وحق لبنان من قراراتها.
وأمِل بان في الإتصال الهاتفي، الذي كشف عنه مكتب الإعلام في القصر الجمهورية من قطر، حيث يشارك سلينمان في القمة العربية الدورية الرابعة والعشرين، في أن يعمل كل الفرقاء مع سليمان، من خلال الحوار، في سبيل المصلحة الوطنية، معربًا عن تضامنه مع لبنان في جهوده لمساعدة النازحين السوريين، الذين تتزايد أعدادهم.
وأبلغ بان الرئيس سليمان أنه سيواصل حض المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهد لمساعدة لبنان في مواجهة هذا الوضع الإنساني الخطر.
وجاء اتصال بان مع سليمان ليعزز الموقف اللبناني أمام القمة العربية، وهو الذي طالب العرب بدعم لبنان لمواجهة أزمة النازحين السوريين إلى لبنان، والذين زادوا مع الفلسطينييين على ثلث الشعب اللبناني، في بلد يعاني اقتصاده سلسلة من الأزمات الخانقة، المادية والاقتصادية، وعجزًا ماليًا ناجمًا عن بلوغ حجم الدين العام ما فوق الـ 60 مليار دولار.
وفي سياق منفصل، يواصل رئيس مجلس النواب نبيه بري، الأربعاء، مشاوراته، ويلتقي أركان تيار "المستقبل" بعد لقاءات جمعته، الثلاثاء، مع ممثلي قوى "8 آذار"، وقطبي "14 آذار" المسيحيين، حزبي "الكتائب اللبنانية" و"القوات اللبنانية".
وقالت مصادر بارزة في قوى "8 آذار" أن الوفد قد ضم ممثلي التيار "الوطني الحر"، و"أمل"، و"حزب الله"، حيث تناولت المشاورات مع بري مرحلة ما بعد استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والاحتمالات السياسية المترتبة عليها.
وناقش الوفد مع بري أفكارًا لم يتخذ في شأنها أي قرار، بشأن تشكيل الحكومة العتيدة، وبيانها الوزاري، ومهامها، دون الدخول في أسماء المرشحين لرئاستها، لكنها رأت أن أحدًا لم يعد يؤمن بقيام حكومة حيادية، باعتبار أن ليس هناك من حياد.
وكشفت المصادر نفسها أن "النقاش توقف أمام شكل الحكومة في ضوء إمكان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها في 9 حزيران/يونيو المقبل"، وقالت أن "تشكيل حكومة موقتة مرتبط بمدى الاستعداد لإجرائها، وبالتالي تكون لفترة انتقالية محددة، أما إذا تعذر إتمامها، فلا بد من البحث في تشكيل حكومة إنقاذية على قاعدة إشراك أبرز المكونات فيها، بعدما ثبت أن البلد لا يحكم من فريق دون الآخر".
ولفتت المصادر إلى أن اللقاء أتاح الفرصة لتبريد الأجواء بين بري والتيار "الوطني الحر"، بعدما وجه نواب منتمين إليه انتقادات له، واتهموه بأنه أعاق إقرار مشروع اللقاء الأرثوذكسي، لرفضه دعوة البرلمان إلى عقد جلسة عامة لمناقشته وإقراره، باعتباره يحظى بتأييد الغالبية النيابية، وقالت "إن وجود الوزير باسيل في عداد الوفد، أتاح فرصة تبديد هذه الأجواء".
وأكدت المصادر أن "الوفد توافق مع بري على ضرورة مبادرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى دعوة هيئة الحوار الوطني، ولو لجلسة قصيرة، تسبق بدء الاستشارات النيابية الملزمة تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في استيعاب التأزم، وتنفيس الاحتقان، وإعادة الحد الأدنى من التواصل بين الكتل النيابية الرئيسة، وأن سليمان لم يوجه الدعوة حتى الآن، وننتظر عودته من الدوحة لنرى ماذا سيقرر".
كما طالب الوفد بري بدعوة البرلمان للانعقاد، لمناقشة المشروع "الأرثوذكسي"، وكان جوابه أنه لا يزال يجري مشاورات مع الكتل، للوقوف على رأيها من الجلسة، لكن مصادر في الوفد لاحظت في المقابل نقلاً عن بري أن "الفرصة ما زلت قائمة لإقرار قانون الانتخاب الجديد، لكن السؤال: هل في وسعنا إجراء الانتخابات في موعدها، أم أن الوقت بدأ يدهمنا؟".
من جانبه، قال الرئيس نجيب ميقاتي في لقاء مع مجموعة من الصحافيين أنه "يتوقع أن يكون التكليف سريعًا، إلا أن مرحلة تصريف الأعمال قد تطول، وما آمله هو اختصار فترة تصريف الأعمال إلى أدنى الحدود.
وأضاف ميقاتي قائلاً "قلت أنني لست مرشحًا لرئاسة الحكومة، أجافِ الحقيقة، لكنني لن أرأس حكومة انتخابات على الإطلاق، وفي الوقت ذاته، لن أرأس حكومة من لون واحد، بل أنا مع حكومة إنقاذ وطني تضم الجميع، من 8 و14 آذار، ومستقلين ووسطيين، وإذا كنت رئيسًا للوزراء ففي اللحظة التي أتقدم فيها بترشيحي إلى النيابة، أقرن ذلك بكتاب استقالتي انطلاقًا من أني لن أرأس حكومة انتخابات".
ودعا ميقاتي إلى خريطة طريق تتضمن "تكليف شخصية جامعة لتشكيل الحكومة، وانعقاد هيئة الحوار الوطني للبحث في قانون الانتخابات وتاريخ إجرائها، وتحديد شكل الحكومة، وتحديد الاستراتيجية الدفاعية، وكيفية ضبط الأمن بين الحدود الجنوبية والحدود الشمالية"، وبعد ذلك "الذهاب إلى مجلس النواب لتنفيذ توصية هيئة الحوار، بإقرار التمديد للمجلس النيابي، إن صدرت توصية كهذه، ثم تشكيل الحكومة".
وجدد ميقاتي أمام زواره وإعلاميين أن "عدم التجديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ليس كل المشكلة التي دفعتني إلى الاستقالة، لكنه كان النقطة التي طفح فيها الكيل، فالواقع السياسي العام كان أدهى وأخطر مما يتصوره البعض، كما بالنسبة إلى الذين لا يريدون أن يتصوروه، وأنا أدري ما أقول، فهو واقع كان يقود حتمًا، وقد قاد فعلاً، إلى تطيير الانتخابات، دون أن يتحمل أحد مسؤولية الأمر، والأخطر من كل ذلك أن هناك من سعى إلى تفريغ المؤسسات الدستورية والأمنية لا قدر الله أن ينجح".
وعن تداعيات الأزمة السورية على لبنان قال ميقاتي "لو اجتمعنا قبل عامين عندما بدأت أحداث سورية، وسألناكم ما سيكون انعكاسها على لبنان؟ لقلتم أنها ستنعكس سلبًا على لبنان، أيًا كان المنحى الذي ستتخذه، وها نحن اليوم بعد عامين،  وقد بقيت الأوضاع مقبولة، لسبب سياسة النأي بالنفس، وهي سياسة برأيي ما زالت صالحة وقابلة للحياة، وفيها مصلحة كل اللبنانيين، شرط أن نلتزم بها جميعنا".    
وصارح وزير الداخلية مروان شربل اللبنانيين أنه "ليس هناك اعتمادات لإجراء الانتخابات، ونحن نحتاج 20 مليون دولار لإجراء الانتخابات، كاشفًا، في حديث تلفزيوني، أنه سيرسل كتبًا رسمية للأمانة العامة لمجلس الوزراء (رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، ولرئيس مجلس النواب نبيه بري)، بعد الأعياد ليعلن أن ليس لديه أي من المعطيات التي يحتاجها لإجراء الانتخابات، كالمال ولجنة الإشراف، وتحديد سقف الإنفاق الانتخابي، وهذا كله يحتاج إلى حكومة، إن لم تتأمن الظروف فلن يستطيع إجراء الانتخابات في 9 حزيران"، و أضاف قائلاً "إذا تم الاتفاق اليوم على قانون انتخاب جديد، أحتاج لـ 6 أشهر لإجراء الانتخابات، لذا سأطلب التأجيل التقني".
هذا، وقد كشفت مصادر عسكرية أنّ "قيادة الجيش، وفي إطار مواكبة التطوّرات السياسية عقب استقالة الحكومة، وتحسُّبًا لأيّ انعكاسات أمنية، قد رفعت درجة جهوزية الجيش، واتّخذت تدابير أمنية عالية المستوى في كلّ المحافظات، وستشدّد إجراءاتها الأمنية في محيط الكنائس، تزامُنًا مع اقتراب الاحتفالات بعيد الفصح."
وتوقّعت المصادر العسكرية عينها أن "تشهد الأيام المقبلة ضغطًا عسكريًّا وسياسيًّا، يترافق مع انعكاسات مُربكة على الوضع الداخلي اللبناني، لهدف تشكيل حكومة إنقاذية، مهمَّتها الأولى قبل نيلها الثقة، تثبيت معادلة الأمن والسلم الأهلي، وإعادة الاستقرار الأمني على مختلف الأراضي اللبنانية، عبر تصدّي الجيش اللبناني والقوى الأمنية لكلّ من يحاول استغلال هشاشة الوضع الداخلي والعبث بأمن لبنان واستقراره".
ولفتت المصادر إلى وجود خطّة مدروسة لدى المسلّحين، وتحديدًا لدى "السلفيّين"، وأنصار الجيش السوري "الحرّ" تقضي بجعل طرابلس مركز عمليّات تابع لهم، على الصعيدين الأمني واللوجستي، لاسيما مع اقتراب اتضاح المشهد السوري.