تونس ،الجزائر ـ  أزهار الجربوعي ، خالد علواش قررت الجزائر وتونس شن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية التي تنتشر في مناطق الحدود المشتركة التي يعتقد بأنها مسؤولة عن تنفيذ هجوم الشعانبي الذي قتل فيه 9 جنود من الجيش التونسي الاثنين الماضي، في الوقت الذي تشير المعلومات الأولية من التحقيق الجاري توّرط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مجزرة الشعانبي.
وكشفت مصادر أمنية وإعلامية متطابقة السبت، عن اتخاذ قرار من طرف القيادات العسكرية بقيام جيشي البلدين بعمليات تمشيط مشتركة ومسح شامل للمنطقة الحدودية الفاصلة بين البلدين عبر إقليم ولاية تبسة والوادي بالنسبة للجزائر، والقصرين وجنوب تونس بالنسبة للأراضي التونسية.
وتأتي هذه الخطوة كتطور لمرحلة التنسيق الأمني في تبادل المعلومات، وأوضحت المصادر أن خطة العمل ترتكز على التنسيق في عمليات التمشيط التي تكون متزامنة في البلدين وفي المناطق نفسها في إقليم كل دولة، حيث يتكفل الجيش الوطني بتمشيط صحراء تبسة والوادي، وبالموازاة مع ذلك يقوم الجيش التونسي بتمشيط المنطقة المتاخمة للحدود الجزائرية في تونس والجنوب التونسي إلى غاية الوصول إلى النقطة الثلاثية المشتركة مع ليبيا لمحاصرة المجموعات الإرهابية والتضييق عليها.
ويشارك في هذه العمليات، حسب المصادر، قوات برية وجوية يصل تعدادها قرابة 4 آلاف جندي جزائري، ومن الجانب التونسي 3 أضعاف القوات التي شاركت في عملية تمشيط المنطقة في ربيع العام الجاري، وتشن عمليات التمشيط على مراحل .
وموازاة مع العمليات المشتركة قررت قيادة الجيش في الجزائر شنّ عمليات تمشيط جديدة في مناطق واسعة من الحدود البرية مع الجمهورية التونسية، قرب جبل العنق وجبل النمامشة في ولايتي تبسة وخنشلة، وصولا إلى جبال الأوراس ومنطقة مشوشن، وتمشيط صحراء ولاية الوادي جنوبا مثل منطقة شط الغرسة وملغيغ ومناطق غرونة والحمادة الكبيرة والعرق الشرقي.
وعلم من المصادر ذاتها أن قرار العمل المشترك اتخذ قبل العملية العسكرية الأخيرة في جبل الشعانبي التي قتل فيها عدد من جنود الجيش التونسي، بعد الحصول على معلومات عن تسلل مجموعات إرهابية جديدة من ليبيا ومن شمال مالي إلى جنوب تونس ومناطق جبلية في الحدود المشتركة بين الجزائر وتونس.
وتواصل مصالح الأمن التونسية بالتنسيق مع نظيرتها بالجزائر في التحقيق بشأن الجهة المسؤولة عن مجزرة الشعانبي التي أودت بحياة 9 جنود تونسيين، وترجح المعلومات الأولية توّرط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالعودة إلى الطريقة المتعبة خلال العملية الإرهابية الاثنين الماضي والتي تعتمد على استعمال المتفجرات المدفونة في الممرات الجبلية والعبوات الناسفة، وهي الطريقة التي اشتهر بها التنظيم منذ تولي خبير المتفجرات عبد المالك درودكال المكنى أبو مصعب عبد الودود إمارة القاعدة.
وكان تنظيم القاعدة دعا شباب المغرب العربي في بيان له في نيسان/أبريل الماضي لتعزيز قوة التنظيم باللحاق بركب الجهاد بالمنطقة بدل الهجرة إلى سورية لمحاربة نظام الأسد، وجاء في البيان الذي نشر عبر مؤسسة الأندلس "إن جبهة المغرب الإسلامي اليوم في أمس الحاجة إلى دعم أبناء تونس والمغرب وليبيا وموريتانيا"، والجهاد أوكد في حقهم في هذه الجبهة".
وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية العميد توفيق الرحموني أن هدف الجيش التونسي من وراء عملياته العسكرية في جبال الشعانبي الحدودي مع الجزائر، هو تطهيرها تماما من الإرهابيين ، وأنه لن ينسحب من المنطقة قبل تحقيق هذا الهدف، داعيا سكان الشعانبي إلى الابتعاد عن منطقة العمليات والتحلي باليقظة لإعلام قوات الأمن عن كل تحرك مشبوه، يأتي ذلك فيما اكتشفت قوات الأمن جسما غريبا يحتوي على قنبلة مزيفة ورسالة تُخيّر وحدات الجيش بين الانسحاب وبين مواجهة أكثر من 20 تفجيرا في مناطق حساسة ومتفرقة من الدولة.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية العميد توفيق الرحموني أن الهدف المعلن للجيش التونسي الذي يخوض من يومين عمليات عسكرية خاصة في جبال الشعانبي المتاخمة للحدود الجزائرية، هو تطهير المنطقة الجبلية من المجموعات الإرهابية التي اتخذت منها معقلا وقاعة عمليات للانطلاق نحو أهدافها الإرهابية، مشددا على الوحدات العسكرية والأمنية لن تتراجع قبل تطهير المنطقة وتحقيق أهدافها بالكامل وهو ما يجعل من الصعب التكهن بالفترة الزمنية التي يمكن أن تمتد إليها العمليات، على حد قوله.
وأوضح العميد الرحموني الجيش التونسي يواصل عملياته القتالية الموسعة التي يشنها بالتنسيق بين وحداته البرية والجوية وقوات الأمن الداخلي، في مرتفعات الشعانبي، أين يحاصر مجموعة مسلحة أقدمت على قتل 8 عسكريين تونسيين الاثنين الاماضي وذبح 3 منهم في كمين ارهابي.
وأشار المسؤول العسكري التونسي إلى أن الاعمال القتالية متواصلة دون أن يذكر وجود اقافات أو إصابات أو يضبط عددا للمجموعة المسلحة التي يحاصرها الجيش التونسي منذ 3 يام، ممتنعا عن التصريح بانتماءات المجموعة حفاظا على سرية العملية.
ودعا المتحدث باسم الجيش التونسي العميد توفيق الرحموني، السكان القريبين من جبال الشعانبي إلى التعاون مع وحدات الأمن والجيش والإدلاء بأي معلومات او اشتبهات في تحركات غريبة.
وأكد الرحوني أن التنسيق مع الجزائر مستمر في ما يتعلق بمراقبة الحدود المشتركة لمنع تسلل عناصر متطرفة من الجانبين، داعيا المواطنين إلى عدم الاقتراب من منطقة العمليات حفاظا سلامتهم وابتعادا عن الشبهات.
 وأفادت تقارير جزائرية، أن تونس والجزائر شكلا خلية استعلامات وتحريات بمشاركة ضباط مخابرات من البلدين لملاحقة الجماعات الإرهابية التي تنشط في مناطق الحدود المشتركة تتضمن تنفيذ عمليات عسكرية وعمليات تمشيط عدة.
وتشارك في عمليات التمشيط قوات برية وجوية يصل عددها  إلى ما لا يقل عن 4 آلاف عسكري جزائري.
ورغم أن منطقة العمليات العسكرية محصورة في الجبال الغربية المحاذية للحدود مع الجزائر، إلا أنها ألقت بظلالها على الداخل التونسي الذي يعيش حالة من التوتر الأمني الأمني عقب ارتفاع منسوب الجرائم المنظمة والتفجيرات ومحاولات تقويض الأمن الذي باتت تربص به عناصر متطرفة، فضلا عن استغلال عدد من الأطراف الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد لترويع المواطنين ونشر الأخبار الزائفة والإشاعات الأمر الذي دعا وزارة الدفاع إلى مطالبة وسائل الاعلام باستقصاء المعلومات من المصادر الرسمية والتحري قبل نشر أي خبر.
وأكدت مصدر أمني لـ"العرب اليوم" أن عناصر الشرطة عثرت في منطقة حي المنار 2 في العاصمة التونسية، على صندوق كارتوني اشتبه في كونه قنبلة موقوتة، يحتوي على أسلاك وبطارية هاتف.
وأفاد المصدر بأن صندوقا صغيرا كان يحوي ما يشبه القنبلة المزيفة، قد وضع بالقرب منزل عقيد بالجيش الوطني التونسي، يحتوي على رسالة تهديد بالقتل وبرسائل مشفرة مكتوب عليها شعار تنظيم القاعدة، وعدد من عبارات التهديد بالإضافة إلى منبه في محاولة لترهيب العقيد وما جعله يعتقد أن الصندوق يحتوي على قنبلة.
وأفاد ذات المصدر أن محرر الرسالة طلب  الكف عن ضرب الشعانبي والتهديد بأنه سيتم ضرب 20 مؤسسة دولة في تونس في صورة مواصلة العمليات العسكرية التي يشنها الجيش التونسي ضد متطرفين في جبال الشعانبي، وحملت الرسالة إمضاء تنظيم القاعدة.
وبعد إحالته على مركز التحاليل والتحريات، تبين أن الصندوق لا يحتوي على قنبلة موقوتة، وإنما مجموعة من الرسائل ومنبه يدوي، كما كشفت البصمات المرفوعة من الصندوق على هوية صاحبه، الذي أشارت التحقيقات إلى أنه لا يمت لتنظيم القاعدة بصلة وإنما أراد تمويه رجال الأمن وبث الفوضى.
وكشف مصدر أمني ، السبت، أن اثنين من المتطرفين حاولا تفجري مركز تجاري ضخم "كارفور ماركت" في قلب العاصمة التونسية، من خلال زرع جسم غريب في قنوات الغاز الطبيعي ، كما قام أحدهما بالاعتداء على عون الحراسة حين انتبه إليهما.
وأفاد أحد حراس المركز التجاري بأنهم انتبهوا إلى شخصين ملتحيين بصدد فتح مجمع الهواء وكانا يحملان حقيبة وفرا من المكان، بعد أن حاول الحراس التصدي لهم والدخول في اشتباك بالايادي معهم، وطوقت قوات الأمن المكان، فيما قامت فرقها المختصة بعمليات تمشيط مكثفة باستعمال الكلاب وأجهزة الكشف الأمني.
وساهمت هذه الأحداث المتواترة في زرع القلق وتصعيد حالة التوتر التي يعيشها الرأي العام في تونس، ورغم أن المصادر الرسمية أكدت أن بعض الأطراف تخطط لبث الفوضى والتلاعب بأمن المواطنين عبر نشر الشائعات، إلا أن مراقبين أكدوا أن استهداف تجمعات سكانية وأهداف شعبية بات وشيكا وبخاصة بعد أن أحكمت عناصر الجيش حصارها على المجموعات الإرهابية في جبال الشعانبي على الحدود الجزائرية، وهو ما قد يدفع هذه التنظيمات المتشددة إلى القيام بعملية أخطر وأكبر داخل البلاد لتشتيت الأنظار وارباك  الجيش بهدف تسهيل فرار عناصرها من الشعانبي.