لندن ـ سليم كرم أكد محللون سياسيون، أن زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى الهند، التي بدأت الإثنين، تهدف في الأساس إلى الترويج إلى بيع أسلحة بلاده، وبخاصة بيع طائرات من طراز "تايفون" الحربية، وذلك في محاولة بريطانية لكسب استثمارات جديدة في مواجهة المنافسة العالمية الشرسة، وأن مجال تصنيع الأسلحة المسؤولة عن منظومة الدفاع في بريطانيا، لا تزال تتمتع بهيبة ونفوذ سياسي كبير في المجتمع، وتحظى بدعم سياسي واسع، فقد جاءت بريطانيا في المرتبة الثانية كأكبر دولة مصدرة للأسلحة في العالم في العام 2011 بحصة 15٪ بعد الولايات المتحدة التي تبلغ حصتها السوقية 35٪.
وقد صاحب كاميرون في زيارته إلى الهند، ممثلين لعشر شركات بريطانية مقرها في بريطانيا، مثل (رولز رويس ـ سيركو ـ BAE ـ EADS ـ تاليس ـ اتكينز ـ كوبهام ـ JCB ـ سترونج فيلد تكنولوجي ـ MBDA ـ الترا الكترونيكس)، حيث تعتبر بريطانيا أكبر عميل لصناعة الأسلحة المسؤولة عن منظومة الدفاع، فقد أشارت موزانة القوات المسلحة إلى أن حجمها مبيعاتها أربعة أخماس سنويًا، وهي أرقام مقدمة من "فريق دعم الصادرات" و"خدمة أفراد الجيش البريطاني"، ويتم التأمين على الصادرات عن طريق رسوم، تحسبًا ما إذا فشل العملاء الأجانب في دفع ثمن المنتجات، وأخيرًا تعتبر الدولة هي داعمة الحروب التي تكون بمثابة عرض أفضل لمنتجات هذه الصناعة، وفقا لما ذكرته صحيفة "غارديان" البريطانية.
وقال المحللون إن "زيارات كاميرون المتصلة بالأسلحة إلى آسيا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، هي اعتراف ضمني بأن هذه الصناعة ستزدهر في الأسواق غير الغربية، وأنه دائمًا ما يجد وقتًا كافيًا لهذه الزيارات الخارجية، فقبل أن يزور الهند، سافر إلى مصر والكويت في شباط/فبراير 2011، والمملكة العربية السعودية في كانون الثاني/ يناير عام 2012، وإندونيسيا واليابان وبورما وماليزيا وسنغافورة في نيسان/أبريل 2012، والبرازيل في أيلول/سبتمبر 2012، والمملكة العربية السعودية ودبي وأبو ظبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وقد نجح في بيع المقاتلات عن طريق فن البيع وتبرير الخطاب بلا حياء، ومن المقرر وصول أسطول البحرية الملكية إلى طرابلس في ليبيا في نيسان/أبريل المقبل، حسبما ورد من الشركات البريطانية المشاركة في صناعة (الدفاع والأمن) كما يُطلقون عليها، وحتى في الألعاب الأولمبية قامت لندن ببيع الصواريخ المنتشرة حول موقع الأولمبياد، وهي من طراز (ستارستريك) المصنوعة في بلفاست، وتم بيعها إلى تايلاند بعد 4 أشهر".
وأضاف المحللون أنه "بالنسبة لحكومة يائسة في تحقيق نمو اقتصادي، أصبح هناك إقبال شديد على صناعة الأسلحة أكثر من أي وقت مضى، فقد اقترح كاميرون الشهر الماضي أنه إذا أُعيد انتخابه في 2015، سيتم إعفاء الإنفاق العسكري البريطاني من خطة التقشف، وعلى الرغم من تأكيده أن هذه الصناعة تضمن 300 ألف وظيفة، إلا أن الواقع يقول إن هذا حديث غير منطقي، فقد أكدت هيئة القوى العاملة في المملكة المتحدة أن صناعة الأسلحة تقدر بـ 1٪ من إجمالي الوظائف، ووفقًا للإحصاءات، قالت الحكومة إن ما يقرب من ضعف عدد البريطانيين يعملون في مجال تصنيع المواد الغذائية والمشروبات، وعلى الرغم من ذلك لا تزال هذه الصناعة هي الأهم وفقًا للمعايير العالمية، فقد جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى لتكون أكبر دولة مصدرة للأسلحة في العام 2011، حيث تبلغ حصتها السوقية 35٪، وجاءت بريطانيا في المرتبة الثانية بحصة 15٪، بفارق ضئيل عن روسيا وفرنسا، وفقًا لهيئة التجارة والاستثمار، ولا يوجد سوى عدد قليل آخر من الأعمال مثل الأدوية وموسيقى البوب الذي تشتهر به بريطانيا على الصعيد الدولي، ولا تزال بريطانيا رابع أكبر دولة تنفق ببزخ على المعدات العسكرية في العالم، حيث بلغ حجم الإنفاق 34 بليون جنيه إسترليني في السنة حاليًا، ومنذ برنامج الحكومة الائتلافية للتقشف والذي بدأ في العام 2010، تم خفض نفقات صناعة الأسلحة"، فيما أشاروا إلى أنه عندما تعرضت الطائرات المقاتلة الأوروبية التي تعاونت فيها بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، المعروفة الآن باسم "تايفون"، لتهديدات الإلغاء في التسعينات، احتج حزب "العمال الاشتراكي".
وتابع السياسيون، أنه "إذا أصبحت بريطانيا أقل اهتمامًا بهذه الصناعة، سيؤث ذلك بالتأكيد على وضع الدول الأخرى، حيث تتعرض موازنات الدفاع إلى ضغوط في جميع الدول الغربية، وتُعتبر زيارات كاميرون المتصلة بالأسلحة إلى آسيا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، اعتراف ضمني بأن هذه الصناعة ستزدهر في الأسواق غير الغربية، وعلى الرغم من أن صناعة الأسلحة ليست لعبة سهلة، إلا أن عددًا أكبر من البلدان تهدف إلى أن تكون مثل بريطانيا، مكتفية ذاتيًا في مجال تصنيع الأسلحة، والغريب أن صناعة الأسلحة دائمًا ما تكون قابلة للتكيف، فقد نجت هذه الصناعة في نهاية الحربين العالميتين والحرب الباردة، ولكن الآن أصبحت الشركات البريطانية تقدم تنويعًا وخيارات أكثر في عقود الخدمات بوسائل مربحة جدًا، حيث تقدم فرصًا لتدريب العملاء على كيفية استخدام المنتجات البريطانية، كما توفر موظفين بريطانيين للحفاظ عليها وعلى نظم الإنذار وأنظمة المراقبة ومعدات الطب الشرعي والحماية من القرصنة، وفي مدينة بارو، التي تُعتبر من أكبر المدن الصناعية لبناء الغواصات النووية البريطانية، لم يعد هناك طلب على بناء حاملات الطائرات أو المدمرات أو السفن الحربية، بالإضافة إلى صناعة البنادق والذخائر أيضًا، كما تم إغلاق مصنع حديد محلي في الستينات، ومصانع للصلب في الثمانينات، وحتى الآن لا يزال القلق يسيطر على مدينة بارو لأن هذه المدينة ستموت من دون بناء السفن لأنه لا يوجد عمل آخر حتى الآن".
وقال كاميرون في كانون الأول/ ديسمبر، قبل زيارة رسمية إلى الشرق الأوسط، إن "طائرة (تايفون) الحربية قامت بأداء رائع في ليبيا، لذلك فإنه ليس من المستغرب أن عمان تريد إضافة هذه الطائرة إلى أسطولها الخاص"، وقد قامت عمان فعلاً بشراء العشرات من هذا النوع من الطائرات، فيما أوضح رئيس الحكومة البريطانية عشية رحلة عمان أن "زيادة الصادرات أمر حيوي للنمو الاقتصادي، ولهذا أفعل كل ما بوسعي لتعزيز الأعمال التجارية البريطانية، التي لا يمكن أن تزدهر في السباق العالمي، كما أن كل بلد في العالم له الحق في الدفاع عن مصالحه، وأنا عازم على وضع صناعة الدفاع البريطاني في الصفوف الأولى لضمان 300 ألف وظيفة في جميع أنحاء البلاد".