اشتباك بين مؤيدي و معارضي مرسي
واشنطن ـ يوسف مكي
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الإدارة الأميركية قامت على مدى الأسابيع الأربعة الماضية في هدوء بنشاط دبلوماسي مكثف لتحقيق قدر من التوازن في موقفها إزاء الوضع في مصر الآن حيث تقوم بحث قيادات الجيش المصري على تجنب العنف واستعادة الحياة الديموقراطية في الوقت الذي تحاول فيه عدم المغامرة بنفوذها
على الجيش المصري أو إضعاف الترتيبات الأمنية التي تمثل محور العلاقة معه على مدار ثلاث عقود.
وقام وزير الدفاع الأميركي تشك هاجل بمناشدة وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي من خلال العديد من المكالمات الهاتفية بتغيير المسار في الوقت الذي عثر فيه محامو الإدارة الأميركية على مبرر قانوني لتجنب قطع المساعدات العسكرية للجيش المصري التي تقدر 1.5 مليار دولار.
وبالنسبة لإدارة أوباما فإن المشكلة لا تكمن ببساطة في علاقتها مع الجيش المصري وإنما مع إسرائيل أيضا التي تلقي مصالحها الأمنية بكل ثقلها على المسؤولين في الإدارة الأميركية في الوقت الذي تحاول فيه بدء جولة جديدة من مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وتعتمد إسرائيل على القوات المصرية في استئصال شأفة المتطرفين الإسلاميين من شبه جزيرة سيناء كما قام المسؤولون في إسرائيل بحث الولايات المتحدة علنا وسرا على عدم قطع المساعدات العسكرية عن مصر التي تساهم في دعم معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
وقال عدد من المحللين إنه وبعد الهجوم التي تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين السبت الماضي وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 80 شخصا وفي الوقت الذي لا يعير فيه العسكريون في مصر القدر الكافي من الانتباه للمسؤولين الأميركان، بات من الصعب على أوباما الحفاظ على قدر من التوازن بين الأمن والديموقراطية.
ويعترف مسؤولون بالإدارة الأميركية سرا أنهم وفي ضوء حدة المعركة التي تزداد مرارة في مصر الآن، ليسوا متأكدين مما إذا كانت دعوات كل من وزير الدفاع هاجل ووزير الخارجية الأميركي جون كيري والسفيرة في مصر آن باترسون وغيرهم من المسؤولين، يمكن أن تحدث تغييرا ما، وهناك من يقول بأن الموقف بات بعيدا عن متناول ومقدور القيادة الأميركية.
وبناء على المناقشات التي دارت بين هاجل والسيسي فإن إدارة أوباما لاتزال تعتقد بأنها تملك تأثيرها ونفوذها على الجيش المصري، وقال مصدر أميركي رفيع المستوى أن السيسي طلب من وزير الدفاع الأميركي المزيد من الدعم والتأييد السياسي من الولايات المتحدة.
إلا أن المحادثات بينهما أخذت مسارا دائريا حيث كان هاجل يحث السيسي على ضرورة الإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي وكان السيسي يرد عليه بأنه حال الإفراج عنه فإن حياته ستكون في خطر، وعندما كان هاجل يطلب منه التواصل مع جماعة الإخوان المسلمين كان يرد بأن الجماعة ترفض التواصل معه.
وكان الجيش المصري قد زاد من دورياته في سيناء على مدى الأشهر الأخيرة ردا على تقارير تشير إلى تصاعد موجة التطرف في سيناء على نحو يهدد الأمن الإقليمي.
وتقول الصحيفة إنه لم يعرف بعد ما سيكون عليه رد فعل الجيش المصري حال قطع المساعدات العسكرية الأميركية عنه، وأضاف بعض المحللين أنه سوف يواصل دورياته في سيناء لدعم الشرطة المصرية وغيرهم من حلفاء مهمين باتوا أكثر عرضة لعنف الإرهابيين، بينما يقول البعض الآخر أنه قد يرى أنه دون المساعدات الأميركية فإنه لم يكن قادرا على القيام بتلك العمليات ضد الإرهابيين.
وأوضح محللون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو سوف يواجه ضغوطا هائلة تمنعه من تقديم أي تنازلات للفلسطينيين وبخاصة في المسائل الأمنية، بل وربما لا يستطيع مواصلة المفاوضات معهم.
وبين السفير الأميركي السابق في كل من مصر وإسرائيل دانيال كورتيزر أنه حال سوء الأوضاع الأمنية في سيناء وبدء تأثير ذلك على إسرائيل بالسلب فإن نيتانياهو لن يحظى بدعم سياسي يمكنه من الاستمرار في التفاوض مع الفلسطينيين.
وقال إنه لا يوجد حتى الآن توتر بين أميركا وإسرائيل في هذا الشأن لأن كلاهما لا يريد وقف المساعدات العسكرية عن مصر ولكنه إذا تعرض المزيد من المصريين للقتل في الأيام المقبلة فإنه يصبح من الصعب على أميركا أن تغض الطرف عن ذلك.
وحذر من أن قيام أميركا بقطع المساعدات يمكن أن يبدد القدر الباقي من النفوذ الأميركي وقد يؤكد ذلك شكوك الشارع المصري بأن أميركا تدعم الإخوان المسلمين.
وأكد السفير الأميركي على ضرورة ألا تضع أميركا نفسها في وضع يجردها من نفوذها، قائلا " إنه ينبغي على الإدارة أن تضع خطوطا حمراء للجيش المصري تسمح بقطع المساعدات حال تخطيها كما دعا أميركا إلى ضرورة استخدام نفوذ السعودية والإمارات على الجيش المصري باعتبارهما مصدر الدعم المالي لمصر على نحو يفوق الدعم المالي الأميركي بغية الضغط على العسكريين في مصر.
ولا شك في أن الجدل الدائر بشأن المساعدات العسكرية لمصر يكشف عن عدم وجود استراتيجية جديدة أميركية للتعامل مع مصر لاسيما وأن أميركا لم تقم بمراجعة استراتيجيتها الحالية مع مصر منذ الإطاحة بحسني مبارك.