مفتي الجمهورية اللبناني الشيخ محمد رشيد قباني
بيروت – جورج شاهين
أدى صلاة عيد الفطر في مسجد محمد الأمين وحيدًا، دون مراسم حكومية وغياب ممثل رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، خلافًا للعادات السنوية في مثل هذه المناسبات الدينية الكبيرة، تعبيرًا عن مقاطعة ميقاتي للمفتي قباني نهائيًا. كما غاب كل من الرئيس
المكلف تمام سلام، كما رؤساء الحكومات الأسبقين والوزراء والقيادات السنية البيروتية التي كانت تشارك مفتي الجمهورية هذه المناسبة في كل عام.
وتوجه المفتي في خطبة العيد للسياسيين قائلا: وحدوا صفوف المسلمين ولا تغركم السلطة. كما توجّه لأبناء الطائفة السنية وقال لهم: إياكم والفوضى مع أبناء وطنكم، واحذورا الفتنة الكبرى، وحققوا وحدة صفكم.
وألقى أمين الفتوى في طرابلس الشيخ محمد إمام خطبة عيد الفطر السعيد في الجامع المنصوري الكبير، ممثلا مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار لوجوده خارج لبنان، في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ممثلا بمقبل ملك، وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي والنائب سمير الجسر والنائب محمد كبارة، ملحم ملحم ممثلا محافظ الشمال ناصيف قالوش، ورئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر الغزال، ونائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى النائب السابق عمر مسقاوي، والمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وأمين عام اتحاد الغرف اللبنانية توفيق دبوسي، ومدير المستشفى الحكومي في طرابلس ناصر عدرة، أحمد الصفدي. وحشد من الفاعليات المحلية والقيادات الأمنية ورجال الدين وأبناء المدينة.
واستهل الشيخ إمام خطبة العيد بالإشارة إلى أن "عيد الفطر هو عيد الفرحة وهو جائزة للمؤمنين، وأن هذا الدين الرباني المتكامل فتح باب السرور والفرح على مصراعيه للإنسان، ومع العيد تعود لنا ثوابتنا أو ينبغي أن تعود، فلا يمكن أن تغيب ثابتة التراحم بين المؤمنين تحقيقًا لصفات الذين مع رسول الله وتطبيقًا لسمات القوم الذين يحبهم ويحبونه". وأضاف "ثابتة أمن بلدنا وأهالينا ومصالحنا لا يختلف عليها اثنان، فما بالنا نفرط في هذه المدينة الطيبة بهذه النعمة، ونحل قومنا دار البوار ونبدل نعمة الله كفرًا، ويفعل السفهاء في شارعنا ما يحلو لهم، ولما لا ينادي عقلاؤنا إلى هبة صادقة عارمة للمعالجة والرفض ووضع الأمور في نصابها ونظامها المطلوب".
وختم إمام، قائلا: ثابتة تنظيم مجتمعنا وبناء مؤسسات تدير وتحكم وتضبط، ينشدها كل شريف ويتفيأ ظلالها كل مخلص ويعاديها كل مغرض، ويحاربها كل ذي مصلحة خاصة يمررها على حساب الانتظام والشفافية، فما أجدر أن تدار الأمور بسوية وعدل ومعيار واحد، فضلا عن استشراف بناء الغد ووضع الخطط التنموية شبه الغائبة عن سياساتنا وإداراتنا والله المستعان.
ثم تلقى الشيخ إمام وممثل ميقاتي والصفدي والجسر وكبارة وممثل محافظ الشمال واللواء ريفي تهاني المصلين بحلول عيد الفطر السعيد.
وأم مفتي صور ومنطقتها الشيخ مدرار حبال جموع المصلين لمناسبة حلول أول أيام عيد الفطر السعيد في مسجد صور الكبير، في حضور حشد من فاعليات وأبناء الطائفة الإسلامية السنية في صور ومنطقتها.
وألقى حبال كلمة شرح فيها معاني العيد، بما يحمل من عادات وتقاليد إنسانية في التراحم والتواصل في ما بين المسلمين، وهذا ما يسعدنا إذ أن الرسالة الإسلامية السمحاء تشجع وتثيب على القيام بهذه العلاقات والعادات الطيبة والحميدة، وخصوصًا في مدينة صور التي تحمل لواء المحبة والتعايش بين سكانها مسلمين ومسيحيين، إذ أن الأعياد هي أعياد الطوائف كلها، لأن في صور أسرة واحدة هي الأهالي.
وشدد على "التسامح والتراحم وأن يكون الصيام قد أسس في نفوس الجميع صفحة جديدة من الوعي للمخاطر التي تحيط بالأمة".
وأقيمت الصلوات في العديد من القرى في منطقة صور، وتبادل خلاله المصلون التهاني.
ورغم إعلان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أن الجمعة أول أيام العيد، فقد تفرد العلامة الشيعي السيد علي فضل الله نجل المرجعية الشيعية العلامة الراحل محمد حسين فضل الله خطبتي عيد الفطر المبارك، الخميس، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بعدما أم حشود المصلين في ساحات المسجد الداخلية والخارجية. وقال: ليفرح أهلنا بات يكفيهم أن يحصلوا على حقهم الطبيعي من الكهرباء ومن الماء وكلنا ندرك حجم الفرحة على وجه المواطن عندما يصل الماء إلى بيته، أو عندما لا تنقطع الكهرباء في وقت كان مفترض أن تنقطع فيه. أهلنا كي يفرحوا يكفيهم أن يرتاحوا من القلق اليومي، الذي يطالعنا في الأخبار بشكل غير مسبوق، بأن يستتب الأمن وتنخفض حوادث الجرائم والخطف وأن يشعر المواطن أنه يتنقل وعائلته وليس هناك من يهدده بالخطف أو بطلب الفدية. وتابع: إن إدخال الفرح للناس في واقعنا ليس طلبًا للرفاهية والبحبوحة وخدمات النجوم الخمس، إنما هي حقوق المواطن الدنيا وغير القابلة للنقاش في كثير من بلدان العالم، وخصوصًا نحن الذين نعتبر بلدنا متميزًا بالحضارة والانفتاح. ولا يقف الأمر عند هذا الحد الداخلي بل يأتي هذا وسط أجواء ملبدة في المنطقة العربية والإسلامية، بحيث تعاني هذه المنطقة من أجواء التوتر والانقسام الحاصل في الكثير من ساحاتها، والتي بات أخضرها ويابسها يتعرض للتلف والإبادة مما يساهم في إضعافها وتمييع قضاياها، وخصوصًا القدس السليبة، وبدلا من أن تتحرك الجهود وتتكاتف لمعالجة أسباب الانقسام كلها وإزالة المنطق التوتيري، وخصوصًا التكفيري والإلغائي وإزالة أسباب الفتنة، نرى الساحة تترك لهؤلاء، بحيث نسأل أين هي الأصوات العاقلة، وأين هي المنظمات التي نصبت نفسها جامعة ومتعاونة، كجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أي المرجعيات الدينية البارزة في العالم العربي والإسلامي؟ أين الطلائع المثقفة، بل على العكس نجد هناك من يصب منهم الزيت على نار الفتن. لقد ترك واقعنا للاعبين الكبار في هذا العالم ننتظر منهم أن يحلوا أزماتنا في الوقت الذي نعرف أنهم لن يحلوها إلا عندما يريدون ولحساب مصالحهم الخاصة. وقال: من هنا نجدد الدعوة في أيام العيد، وحرصًا على أن نعيد الفرح إلى القلوب، للعمل الجاد من أجل معالجة كل هذا الانقسام بالعودة إلى لغة الوحدة، لغة التواصل والحوار، اللغة التي تعلمناها في قيمنا ومبادئنا. هذا ما نريده في العراق وسورية ومصر والصومال وتونس وليبيا، وهذا ما نريده في هذا البلد الذي نخشى من الداخلين على خط أوضاعه الداخلية من خطر صانعي الفتن ومثيري الأزمات في عالمنا العربي والإسلامي ومن العدو الصهيوني الذي يهددنا في كل يوم وما حدث بالأمس، وللأسف فإننا أمام المشهد الدموي في كل هذه الدول وخصوصًا في سورية والعراق لا نملك إلا أن نستذكر قول الشاعر: عيد بأية حال عدت يا عيد.