وزير الداخلية اللبناني العميد مروان شربل
بيروت ـ جورج شاهين
كشف وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية العميد مروان شربل، في تصريحات خاصة إلى "العرب اليوم"، حقيقة ما جرى خلال تفقده موقع انفجار السيارة المفخخة في بئر العبد في قلب الضاحية الحنوبية، قبل ظهر الثلاثاء، مؤكدًا أن مجرد خلاف وقع بين أحد مرافقيه وبعض الشبان الذين أرادوا
خرق الطوق الأمني الذي فرضه فريق المواكبة، فيما تواصلت الإدانات الدولية والعربية للانفجار، معتبرة أنه يهدف إلى إثارة الفتنة السنية اللشيعية من خلال اتهام قوى سنية بتفجير السيارة في منطقة شيعية.
وقال شربل، لـ"العرب اليوم" وهو في منزله، "لم أفاجأ بالأجواء الإيجابية التي رافقت وصولي إلى منطقة الانفجار، ولا بالترحيب بزيارتي الذي لقيته من المواطنين، فقد ذهبت إلى المنطقة للإطلاع على تفاصيل ما جرى، ولإعلان تضامني مع أبناء المنطقة والمصابين والمتضررين من الانفجار، ولقيت ترحيبًا لم يفاجئني أبدًا على الإطلاق، وأدليت بتصريحي بعد معاينة الانفجار، وكنت واضحًا في التحذير بناءً على معلومات سابقة لم أخفيها عن اللبنانيين منذ فترة طويلة، وحذرت صراحة من مشاريع الفتنة المذهبية السنية – الشيعية التي يريدها من حرّض وخطط ونفذ هذه العملية، وتمكن من بلوغ المنطقة الحساسة في قلب الضاحية الجنوبية".
وأضاف الوزير في روايته لـ"العرب اليوم"، "أن ما حدث أن خلافًا وقع بين أحد مرافقي وبعض الشبان الذين أرادوا خرق الطوق الأمني الذي فرضه فريق المواكبة، وطلبت منهم على الفور تسهيل وصول الناس للإطلاع على مطالبهم، لكنهم أصروا على رفض وصول أحد، مخافة أن يكون هناك ما يدبر لي في مثل هذه الحالات، واستمر الوضع على هذا النحو لدقائق، قبل أن يقع الخلاف بين فريق الحماية ومجموعة من الشبان، رافقه إطلاق أحد أفراد المواكبة النار في الهواء لإبعاد الناس، وعلى ما يبدو أن هذا التصرف أثار البعض، فراحوا يصرخون بشعارت لم أفهمها، فأصر فريق الحماية على إبعادي عن ساحة المنطقة بعدما تضخم العدد، وساهم في العملية مجموعة من (حزب الله)، فانتقلنا إلى منزل قريب ودخلنا شقة سكنية لمدة 45 دقيقة، بانتظار توفير الطريق لوصول موكب السيارات التي استقلها، ولما فتحت الطرق غادرت المنطقة في أجواء وصفت بأنها مأساوية، لكنها كانت طبيعية في مثل هذه الحالات".
وأوضح شربل، أنه تلقى سيلاً من الاتصالات المستنكرة من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وعدد كبير من نواب بعبدا و"حزب الله" ووزرائهم، التنمية الإدارية محمد فنيش، والصحة علي حسن خليل، والأصدقاء وشخصيات عدة، فاضطررت أن أشرح لهم ما جرى".
ودان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي بشدة، الانفجار الذي وقع في منطقة بئر العبد في ضاحية بيروت الجنوبية، وذلك عشية شهر رمضان المبارك، والذي أدى إلى إصابة العديد من الأشخاص، معربًا عن تعاطفه الشديد مع المصابين، وتمنى لهم الشفاء العاجل.
وقال بلامبلي، في بيان وزعه مكتبه، "إن أعمال العنف الجبانة تلك، تهدف إلى زعزعة الاستقرار في البلاد ونشر الفزع بين الناس، وهو أمر غير مقبول كليًا، وندعو قادة وأحزاب لبنان إلى الوقوف سويًا ضد هذه التهديدات لأمن واستقرار وطنهم، والعمل على تعزيز دور مؤسسات الدولة اللبنانية، ونتمنى أن يتم التحقيق الشامل في أحداث الضاحية، وسوق المسؤولين عنها إلى العدالة في أسرع وقت ممكن".
واتصل عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار، بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل، وشكره على زيارته التضامنية إلى الضاحية الجنوبية، ووقوفه إلى جانب الإهالي، فيما استنكر ما جرى من بعض التعبيرات العفوية من بعض المواطنين في حالة الانفعال.
وأعلن وزير الصحة العامة علي حسن خليل، رسميًا، أن عدد الإصابات جراء الانفجار الإرهابي الذي استهدف منطقة بئر العبد، بلغ 53 إصابة، نقلوا إلى مستشفيات المنطقة، غادر منهم 41 إصاباتهم طفيفة، فيما بقي 12 لتلقي العلاج وجروحهم غير خطرة، مطالبًا جميع المستشفيات بتقديم العناية الكاملة للمصابين، الذين ستتكفل وزارة الصحة بتغطية كامل نفقات العلاج لهم، مشيرًا إلى أن إصاباتهم طفيفة.
وتفقد الوزير خليل مكان الانفجار، وجال على المستشفيات واطمأن على الجرحى، ودان "الجريمة التي استهدفت الناس وأمن الوطن"، داعيًا إلى "الابتعاد عن رمي الاتهامات"، فيما اتصل وزير الصحة باسم حركة "أمل"، بوزير الداخلية مروان شربل، مستنكرًا "ما جرى من تحركات عفوية خلال تفقده مكان الانفجار في الضاحية الجنوبية".
كما تفقد وزير الخارجية عدنان منصور مكان الانفجار، وأعرب عن استنكاره للجريمة، وقال "ما نحتاجه اليوم هو الوحدة والوعي والحرص والترفع عن المهاترات والتنبه للخطر المحدق في لبنان، ونحن في وضع أمني لا نحسد عليه، وضع أمني وسياسي واجتماعي متشنج، وتصريحات متطرفة واضحة للعيان، وما نحتاجه هو الوحدة"، معتبرًا أن "أيادي العدو متشعبة في كل الاتجاهات، والمطلوب الترفع عن المهاترات والتصريحات الجياشة".
وتلقى الوزير منصور، في وقت لاحق من مساء الثلاثاء، اتصالاً هاتفيًا من وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، دان فيه العملية الإرهابية التي ضربت الضاحية الجنوبية، واعلن تضامنه وتعاطفه مع الجرحى، متمنيًا لهم الشفاء العاجل، معتبرًا أن "هذه الجريمة تستهدف أمن لبنان واستقراره ووحدة شعبه، ويجب أخذ الحيطة والحذر مستقبلاً في وجه ما يخطط له الأعداء المتربصون بلبنان".
واستنكرت جمعية "إعلاميون ضد العنف"، في بيان لها، ما تعرض له إعلاميون من "مضايقات واعتداءات خلال قيامهم بواجبهم في تغطية انفجار الضاحية الجنوبية"، وقالت "إن منع (حزب الله) الوسائل الإعلامية من الاقتراب من مكان الانفجار، يُشكل دليلاً إضافيًا على المنطق الميلشيوي الذي يعتمده الحزب، والذي ينم عن عدم احترامه لأجهزة الدولة الشرعية ومنطق القانون، وأن هذا التصرف ليس غريبًا عن الحزب الذي يتبع أساسًا سياسة الضغط على المؤسسات الإعلامية وترهيبها".
وأهابت الجمعية بالأجهزة الرسمية، التدخل لحماية الجسم الإعلامي من تمادي "حزب الله" في "ممارساته القمعية، وتحويله لبنان إلى صورة شبيهة بالنظام السوري"، ودانت "الاعتداء الآثم الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية"، معتبرة أن "استهداف أي منطقة هو استهداف لكل لبنان".