عمان - ايمان يوسف
أجمع عدد من الخبراء والقادة في العمل الإعلامي، على أن الإعلام المحترف يواجه تحديات ومخاطر، تهدد مستقبله أمام انتشار منصات ووسائل التواصل الاجتماعي. والملتقى الذي عُقد تحت رعاية وزير الدولة لشؤون الإعلام الأردني الدكتور محمد المومني، وبتنظيم من شبكة إرم نيوز الإخبارية بالتعاون مع مركز حماية وحرية الصحافيين، أشار إلى أن النصيب الأكبر من الإعلانات التجارية التي كانت مصدر استمرار مؤسسات الإعلام المحترف، أصبحت تذهب إلى منصات الإعلام التجاري خاصة "غوغل وفيسبوك".
وقال الوزير المومني في كلمة خلال افتتاح الملتقى، الذي حضره عشرات من خبراء الإعلام في فندق عمان روتانا، إن "التاريخ الإنساني لم يسبق له وأن شهد هذا التطور الكبير لوسائل الاتصال، وأهمها الانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هذه الوسائل تستخدم بطرق سلبية في كثير من الأحيان".
وعبر المومني عن أمله في ترسيخ الوعي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال التشريعات والعمل بذات الوقت على رفع الوعي الإعلامي، لدى الإعلاميين والجمهور. وأضاف أن "منصات التواصل الاجتماعي تستخدم بطريقة غير مهنية، الأمر الذي يرتب أعباء كبيرة على الإعلام المحترف"، مبينًا أن "من أهم الحقائق التي بدأت تتجلى في العالم هو العودة القوية، للحصول على الأخبار من المؤسسات الإعلامية المحترفة".
وأوضح الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحافيين نضال منصور أن "الإعلام المهني المحترف، يشهد تحديات كثيرة في الوقت الذي يُبشَّر بأفوله وبسيطرة كاملة لوسائل التواصل الاجتماعي". وتساءل منصور عن قدرة الإعلام المحترف، بالتواجد والاستمرار بعد عشر سنوات، ومتطلباته ليكون قادراً على المنافسة.
وبيّن رئيس تحرير شبكة إرم نيوز الإخبارية تاج الدين عبد الحق، أن الملتقى جاء، بمناسبة الاحتفال بمرور أربعة أعوام، على انطلاقة الشبكة الأمر الذي جعلنا، نحرص على أن يأخذ الاحتفال طابعًا مهنيًا من خلال تبادل الآراء مع نخبة مميزة من القيادات الإعلامية، بشأن مستقبل الإعلام المحترف. واستعرض عبد الحق مسيرة شبكة إرم، مشيرًا بأن الملتقى سيكون تقليداً سنوياً، لمناقشة هموم المهنة والتحديات التي تواجهها.
ونوه عبد الحق إلى أن موقع إرم حقق قصة نجاح، فقد ارتفع عدد زواره في السنة الأولى من حوالي 4 ملايين زيارة، إلى ما يزيد عن 50 مليوناً في العام الماضي، مع توقعات بأن يصل العدد في هذا العام إلى 60 مليونًا زيارة، فيما ارتفع إجمالي الصفحات المقروءة من حوالي 8 ملايين صفحة إلى أكثر من 98 مليونًا في العام الماضي، وتوقعات مجاوزة العدد في نهاية العام الجاري، ليصل 180مليونًا.
ولفت رئيس تحرير قناة العربية الدكتور نبيل الخطيب، إلى أن "التكنولوجيا أتاحت الفرصة لتغيير جوهري في الإعلام، وأدت إلى تغيير جوهري في اقتصاديات الإعلام، وأن "السوشيل ميديا" باتت تلتهم الحصة الإعلانية الأكبر ما أثر على اقتصاديات مؤسسات الإعلام المحترف". وأكد الخطيب على وجود انحسار في مشاهدة وسائل الإعلام المحترفة، مقابل تفاعل الجمهور مع منصات التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الشكل الجديد للإعلام هو ممن ينتجون المحتوى من الجمهور بغض النظر في أي وسيلة كانت ينشر هذا المحتوى.
وقال بأن "غرف الأخبار في التلفزيونات والمحطات الفضائية، لم تعد كالسابق، وتحولت إلى غرف لإنتاج المحتوى بأشكال متعددة"، ومشيرًا إلى أن "بعض وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت رافدًا للإعلام المحترف". ونوه الخطيب على أن الذكاء الاصطناعي سينعكس مستقبلاً على وسائل الإعلام، مبيناً بأن جمهورًا كبيرًا من جيل الشباب هجر مطالعة التلفزيون وتوجه إلى "السوشيل ميديا"، لافتاً بأن الإعلام الحكومي لديه فرصة أكثر من أي إعلام آخر لأن لديه مصدر المعلومات والأخبار.
وعبر رئيس مجلس إدارة صحيفة الرأي اليومية رمضان الرواشدة عن اعتقاده بأن الصحافة المحترفة ستضمحل شيئاً فشيئاً أمام الكم الهائل لوسائل الإعلام الاجتماعي، مشيرًا إلى أن وسائل الإعلام المختلفة، يجب أن تكون متنوعة ورقياً وإلكترونياً ومرئياً. وأظهر الرواشدة بأن إيرادات الصحف المطبوعة من الإعلانيات التجارية، تراجعت نتيجة توجه المعلنين إلى شبكات ومواقع "السوشيل ميديا"، مطالباً بخلق جيل جديد من الإعلاميين، لمواكبة التطور في الواقع الإعلامي من خلال إعادة بناء مناهج تدريس الإعلام في كليات الإعلام، لتركز على تدريس تكنولوجيا الاتصالات الحديثة والوسائط المتعددة.
وأعرب الإعلامية عروب الصبح، بقولها أن ليس كل إعلام تقليدي هو بالضرورة إعلام محترف، مشيرة إلى أن "الإعلام المحترف أوجد منصات موازية على "السوشيال ميديا". ولاحظت أن الناس يتجهون إلى التفاعل والمشاركة في صناعة الخبر وأن سلوكيات الجمهور قد تغيرت في التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة بعد انتشار منصات التواصل الاجتماعي. وتجد الصبح بأن مواقع التواصل الاجتماعي خلقت أشخاصًا أصبحوا مؤثرين، واستقطبتهم بعض مؤسسات الإعلام التقليدي، لافتة بأن المتلقي أصبح ذكياً، ويستطيع المقارنة بين الخطأ والصواب وسط الكم الهائل من المعلومات التي ترده.
وكشفت اعتقادها بأن "المحتوى التفاعلي يحمل رسائل سياسية واجتماعية، وما حصل من تأثير في بداية الربيع العربي دليل على ذلك"، مشيرة إلى أن "التجارة الإلكترونية هي الذراع المؤثر لوسائل التواصل الاجتماعي". وقال ناشر موقع JO24 باسل العكور إن "استخدام كلمة الإعلام المحترف، مفهوم فضفاض، والأصلح أن نقول أن هناك إعلام تقليدي "ثقيل"، وهناك إعلام إلكتروني، وهو إعلام بديل وفي الوقت ذاته هناك وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن هذه المنصات للتواصل الاجتماعي جزءا لا تتجزأ من منظومة الإعلام ومكملة له".
ونبه إلى أنه من غير المقبول أن تدافع وسائل الإعلام التقليدية عن نفسها، باتهام وسائل التواصل الاجتماعي بأنها سطحية وتخلو من المحتوى، مشددًا على أن "السوشيال ميديا" هي المنصات والأدوات التي أحدثت التغيير ووسعت مساحات الحريات.