الصحافي دوندار

قضت المحكمة الدستورية في تركيا الخميس، في قضية مثيرة للجدل، بانتهاك حقوق اثنين من الصحافيين المتهمين بكشف أسرار الدولة، وإطلاق سراحهما بعد الحبس لمدة ثلاثة أشهر، حيث اعتقلا رئيس تحرير صحيفة "جمهورية" كان دوندار، ومدير مكتب أنقرة ارديم غول منذ نوفمبر/تشرين الثاني بسبب تقرير زعم أن حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاولت شحن أسلحة إلى المتطرَفين في سورية، وكان من المقرر محاكمة الصحافيين بتاريخ 25 مارس/أذار، ومثلا الصحافيان للمحاكمة بعد 92 يومًا في السجن.

وأوضحت المحكمة في بيان لها على موقعها على الأنترنت أثناء مناقشة الالتماسات الفردية للصحافيين أنه تم انتهاك الحرية الشخصية والأمنية لهما، وجاء في البيان "انتهكت حرية التعبير الخاصة بالصحافيين"، وحكمت المحكمة بإرسال الملف إلى المحكمة الابتدائية لإزالة هذا الانتهاك، وبينت وسائل الاعلام التركية أنه تم الموافقة على القرار بالإجماع بإجمالي 12 صوتا مقابل ثلاثة أصوات معارضة فقط.

وأحيلت القضية إلى المحكمة الجنائية الصغرى والتي ينبغي عليها ختم قرار المحكمة العليا، واعتقل كل من دوندار وغول في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني بسبب تقرير زعم ضبط شحنة أسلحة على الحدود في يناير/ كانون الثاني 2014 كانت متجهة إلى سورية، ووضع الصحافيان منذ ذلك الحين في سجن سيليفري على أطراف اسطنبول، واتهم الصحافيان رسميا بكشف أسرار الدولة بغرض التجسس والسعي إلى اسقاط الحكومة التركية ومساعدة منظمة متطرفة مسلحة.

ووصفا الرئيس أردوغان ورئيس منظمة الاستخبارات الوطنية هاكان فيدان بكونهما مدعيان في لائحة الاتهام في صفحة 473، فيما طالبت النيابة العامة التركية بالسجن مدى الحياة للصحفيين والتي تتطلب ظروفًا أكثر صرامة. وأعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن سعادتها بالقرار محذرة من أن الصحافيين لا زالوا يواجهون المحاكمة.

وأضاف الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلورى، "يجب علينا مواصلة دعم الصحافيين ولن يهدأ لنا بال حتى يتم إسقاط هذه التهم السخيفة"، ورحّب الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند بالقرار معربا عن أمله في الإفراج سريعا عن الصحافيين، وافادت منظمة "بن انترناشونال" المعنية بالحرية أن القرار يعد تطورا إيجابيًا للوضع المزري لحرية التعبير في تركيا.

وأثار تقرير الصحافيين ضجة في تركيا ولفت إلى المزيد من التكهنات حول دور الحكومة في الصراع السوري والتعامل المزعوم مع المتطرفين في سورية، وأضاف رئيس حزب "الشعب الجمهوري" المعارض في تركيا كمال قليتش دار أوغلو "يثبت قرار المحكمة أن قول الحقيقة ليس جريمة، وأتمنى الحرية لغول ودوندار وجميع الصحافيين".

وعززت هذه القضية حالة القلق بشأن حرية الصحافة في ظل حكم أردوغان والذى حذر دوندار شخصيا من أنه سيدفع ثمن ما نشره في الصفحة الأولى، فيما احتج نشطاء حقوق الإنسان على اعتقال الصحفيين والتهم الموجهة إليهم مطالبين بالإفراج عنهم، وأضافت القضية مزيدًا من التوتر للعلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي حذر أنقرة بضرورة إظهار الاحترام الكامل لحقوق الإنسان في إطار محاولتها للعضوية.

وبيّن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، في زيارة رسمية الى اسطنبول في يناير/كانون الثاني أن وسائل الاعلام التركية تتعرض للترهيب والسجن عند تغطية القضايا الحرجة، مضيفا "ليس هذا هو النموذج الذي يجب تقديمه"، والتقى بايدن زوجة دوندار ونجله في محادثات أغضبت الحكومة كثيرا، إلا أن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أعرب عن عدم ارتياحه لحبس الصحافيين قائلا إنه من الأفضل تحرير الصحافيين في انتظار المحاكمة.