لندن - العرب اليوم
أكدت مؤشرات التطور التكنولوجي مؤخرًا أنه بحلول عام 2028 وبالتطلع للسنوات العشر القادمة وما بعدها، سيصبح اتصال الأفراد بالإنترنت من خلال الأجهزة المتنقلة أكثر من اتصالهم بها عن طريق أجهزة سطح المكتب؛ ووفقًا لموقع "StatCounter" ارتفعت نسبة استخدام الجوال بالعالم من عام 2012 إلى عام 2017 بنسبة 42% مقارنة بأجهزة الحاسب، والتي انخفض معدل استخدامها بنسبة 48%.
وتؤكد المؤشرات أن مستقبل التعلم المتنقل يكمن في عالم يسهل فيه الوصول للتكنولوجيا وبأسعار معقولة أكثر مما هو عليه حالنا اليوم.
وكشف موقع StatCounter"" في شكل توضيحي مقارنة استخدام الأجهزة المتنقلة وأجهزة سطح المكتب من عام 2013 لعام 2017.
شكل رقم (1):
ونقلت StatCounter"" عن "Guy,2009"قوله: "إذا أردت أن تعرف مدى انتشار استخدام الهواتف المتنقلة، فما عليك سوى التطلع يمنة ويسرة في مواقع التجمعات العامة، والمقاهي، والمناسبات الاجتماعية، والمباريات، والاحتفالات، لتدرك بعد ذلك أن الأجهزة المتنقلة أصبحت جزءاً من حياة الفرد لا يستطيع الفكاك عنها".
وأضاف الموقع أن الهواتف المتنقلة انتشرت بصورة غير مسبوقة في تاريخ الأجهزة التقنية كلها تقريبًا، وقال بن وود المحلل في جارتنر: "الهاتف المتنقل هو أسرع الأجهزة الاستهلاكية انتشاراً على وجه الأرض".
وجاء في تقرير أعدته شركة "أريكسون" السويدية للاتصالات والهواتف أن عدد مستخدمي الهواتف الذكية يزداد بسرعة أكبر مما كان يتوقع سابقا، وسيزداد عدد الهواتف الذكية في العالم بحلول عام 2019 بمقدار ثلاثة أضعاف، أي من 1.9 مليار هاتف في أواخر عام 2013 إلى 5.6 مليار هاتف في أواخر عام 2019.
وبتتبع بسيط لتأريخ التعلم الإلكتروني، أشار التقرير إلى أنه عندما تتاح وتتوفر التقنية في متناول المستخدمين، يعقبها استخدام فعّال لهذه التقنية بالتعليم، ولم تكن هناك في يوم من الأيام تقنية ثبتت دعائمها وانتشرت في العالم بهذا العمق وهذه السرعة، مثل تقنية الأجهزة المتنقلة؛ لذا يجب علينا كمعلمين ومربين الاستفادة من هذه التقنية ودمجها في التعليم والتدريب والتطوير ومراعاة احتياجات المتعلمين.
وأكد التقرير أن متعلمو اليوم يحتاجون بشكل كبير إلى المرونة في التعليم والتعلم، لذلك فالمتعلم في حاجة لأجهزة تساعده على الحركة وحرية الاتصال، وقد وجد في الأجهزة المتنقلة الحل الأمثل لتحقيق المرونة المنشودة من جهة وتحقيق الاتصال التعليمي الفعال من جهة أخرى، كما عملت تلك الأجهزة على تكييف التعلم لملائمة احتياجات المتعلمين المتعددة؛ لذا زاد في الأعوام الأخيرة الاهتمام باستخدام التعلم المتنقل في النظام التعليمي باعتباره نظاماً جديداً من أنظمة التعلم الإلكتروني.
وأوضح التقرير أن التعلم المتنقل يمكن أن يكون أي محتوى تعليمي مقدم عبر جهاز متنقل يتيح للطالب حرية الدخول في الوقت والمكان المناسب له "Educause Learning Initiative (ELI), 2010".
وأضاف التقرير أن الهدف من التعلم المتنقل هو استغلال التقنيات المحمولة المنتشرة في كل مكان، جنبا إلى جنب مع شبكات الهاتف اللاسلكي و المحمول، لتسهيل ودعم وتعزيز وتوسيع نطاق التعليم والتعلم. (The Mobile Learning Network (MoLeNET), 2014).
وقد انتشرت استخدام الهواتف الذكية لجميع فئات المجتمع وذلك لسهولة استخدامه ولامتلاكه تقنية عالية متطورة تمكنه من الاتصال بشبكة الإنترنت، كما أصبح له القدرة على تخزين البيانات وتنزيل برمجيات متوافقة معه. أيضًا زادت نسبة انتشار استخدام الإنترنت بالمملكة العربية السعودية فارتفعت من 63.7% في نهاية عام 2014 إلى حوالي 74.88% في الربع الأول من عام 2017. ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت بحوالي 24 مليون مستخدم؛ ويلحظ زيادة الطلب حالياً على خدمات الإنترنت، مع استخدام الأجهزة المتنقلة والارتباط بها. (موقع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2017).
وفي شكل توضيحي آخر، كشفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات "نمو خدمات الإنترنت بالمملكة العربية السعودية".
شكل (2)
وأكدت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية أن بعض الخبرات والمعارف التي يستخدمها المصممون التعليميون للتعلم الإلكتروني مفيدة في إنشاء محتوى التعلم المتنقل، وعلى الرغم من ذلك، فمن المهم أن نفكر خارج الإطار المعتاد.
إن مصدر قوة وتميز التعلم المتنقل ليس في تصغير حجم المعلومات لتناسب الشاشات الصغيرة وإنما في تمكن المصممون التعليميون في التفكير بشكل مختلف في تقديم المحتوى، وعلى سبيل المثال، إن بعض أفضل الأمثلة على التعلم المتنقل غالبا ما تكون قائمة على دعم الأداء، وليس "التدريب" في حد ذاته.
يقول رينجولد "2002": "الإنترنت عبر الهاتف النقال … لن يكون مجرد وسيلة للقيام بالأشياء القديمة أثناء التحرك. وإنما سيكون وسيلة للقيام بالأشياء التي لا يمكن القيام بها من قبل. لأن لدينا الآن الأدوات النقالة لإحداث فرق".
ولعل أهم إمكانات التعلم المتنقل هو القدرة على تحقيق ما يعتقد العديد من دعاة دعم الأداء منذ فترة طويلة أنه الهدف الأهم من عملية التعلم.
كما قال أستاذ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ورائد الذكاء الاصطناعي سيمور بابرت: "لا يمكنك تعليم الناس كل ما يحتاجون إلى معرفته، وأفضل ما يمكنك القيام به هو وضعهم حيث يمكنهم العثور على ما يحتاجون إلى معرفته عندما يحتاجون إلى معرفته".
هناك عدد من المستحدثات التكنولوجية التي يمكن تسخيرها لخدمة التعلم المتنقل لما تملكه من ميزات وخصائص داعمة لهذا التعلم مما يزيد من فاعليته وأثره ويفتح للتعلم المتنقل آفاقاً لا حدود لها.
وفيما يلي مجموعة من التقنيات الداعمة للتعلم المتنقل:
1- استطلاعات الرأي وأنظمة استجابة الجمهور، حيث يتزايد استخدامها يوماً بعد يوم بطرق مبتكرة وملائمة خصوصاً للمعلمين الذين يتبعون أسلوب التعليم التزامني.
ولتطبيق استخدام هذه التقنية يلزم على المعلم طرح سؤال على الطلاب من خلال وسيط التعلم، مثلاً عبر العرض التقديمي، ومن ثم يطلب المعلم من الطلاب إرسال رسالة نصية على عنوان معين تحتوي على إجابة السؤال باستخدام رموز معينة لكل خيار من خيارات الإجابة، ويتم عرض النتائج على الفور على الشاشة.
وتفيد هذه التقنية المعلم خلال تقديم الدروس لتقييم مدى فهم الطلاب لمفهوم ما، أو للتعرف على الخصائص الديموغرافية لطلابه لتخصيص وتفريد المادة التعليمية المقدمة لهم، أو لقياس مدى صحة افتراضات معينة حول الطلاب والمحتوى المقدم لهم.
2- الباركود ثنائي البعد QR، إن دمج استخدام الباركود في تجربة التعلم المتنقل سيكون ذا أثر كبير خصوصاً إذا كان يحتوي على تدريبات ميدانية.
ويمكن قراءة رموز الباركود عبر كاميرا على الجهاز المتنقل وبرنامج قارئ للباركود والذي سينقلك بشكل مباشر وتلقائياً لتصفح موقع دون الحاجة لكتابة عنوانه، كما يمكنك من تلقي رسالة نصية، وتفاصيل إضافية، و إجراء مكالمة هاتفية، أو عدد من الاجراءات الأخرى.
وتتنوع الأفكار التي يمكن استخدام الباركود فيها في التعلم المتنقل حيث يمكن وضع الباركود على الأجهزة والمعدات لتزويد المستخدمين بتعليمات الاستخدام، أو تصميم رحلة للبحث عن الكنز أو حل مجموعة من الألغاز، حيث يتم وضع الباركود على أشياء مختلفة بحيث يحتوي على معلومات ومواد تعليمية حولها لتنتهي رحلة المغامرة بحل اللغز أو التوصل للكنز بعد تعرفهم على كم من المعلومات بطريقة تفاعلية.
إن الباركود له فائدة كبيرة في بيئات التعلم غير الرسمية مثل المتاحف، ولها دور فاعل أيضاً في تمكين تجارب الواقع المعزز. ومما يميز الباركود أن أغلب أداوت إنشائه وقراءته مجانية وسهلة الاستخدام.
3- الواقع المعزز، وهو عملية تراكب البيانات الرقمية على العالم الحقيقي.
ويتسارع تطور هذه التقنية –الواقع المعزز- بشكل كبير وتتعدد طرق استخداماتها في المجالات كافة، فمع تقنيات التعرف على الكائنات، فإنه يمكن تحويل البيئة الحقيقية للمستخدم إلى بيئة افتراضية يمكن التفاعل معها والتلاعب بها بطرق غنية ومتنوعة.
وعلى الرغم من أن هناك نظارات خاصة "مكلفة حاليًا" غالبًا ما يرتبط استخدامها مع الواقع المعزز إلا أن هناك بديل أرخص وأكثر شيوعاً وهو استخدام كاميرا الهاتف النقال بحيث يقوم المستخدم بتوجيه الكاميرا على مبنى أو مشهد وتظهر على شاشة الجوال تعليقات توضيحية نصية على الصورة الظاهرة بالشاشة والتي يمكن أن تكون معلومات تاريخية أو سياحية أو حقائق ومعلومات وغيرها.
وقد يعد البعض أن الجانب السلبي الوحيد من استخدام كاميرا الهاتف النقال هو أن المستخدم مقيد بحاجته إلى رفع الجهاز أمامه طوال وقت الاستخدام والقراءة بالإضافة إلى تغير أبعاد الصورة واختلافها عما نشاهده بالواقع.
4- الدردشة عبر الفيديو
تعتبر دردشة الفيديو باستخدام أي من التطبيقات الكثيرة المتوفرة مثل Hangout و Skype و FaceTime، والتي تمكن المستخدمين من رؤية بعضهم البعض في الوقت الحقيقي أثناء التحدث، من أكثر التطبيقات الداعمة للتعلم المتنقل تميزا، حيث يمكن استخدامها لتقديم المحاضرات أو نقل معلومات حية على الهواء للمتعلمين مع تقديم شرح لها وخصوصاً إذا كان يصعب وصول المتعلمين لهذه الأماكن، كما أن التمكن من رؤية الشخص الذي تتعلم منه له قيمة كبيرة في تعزيز أثر التعلم.
وإذا نظرنا إلى واقع استخدام الأجهزة المتنقلة فنلاحظ أن غالبية المستخدمين يميلون إلى قراءة محتوى قصير نسبياً في أسرع وقت ممكن، وقد يعزفون عن زيارة موقع يحتاج وقتا للتحميل؛ لذا يجب على مصممي محتوى أجهزة التعلم المتنقل مراعاة ذلك.
وفيما يلي بعض النصائح لإنشاء محتوى ملائم للأجهزة المتنقلة:
1- اجعل محتواك واضحًا.
الكثير من الناس يستعملون هواتفهم في أمور عاجلة، ولا ننسى الشاشة الصغيرة وتقنية اللمس، فقد يكون من المربك ملأ الشاشة بأمور كثيرة وصغيرة وأسهم هنا وهناك، لذا يفضل تفادي البعثرة وجعل المحتوى واضحًا مختصراً يؤدي الغرض.
2- اجعل القوائم بسيطة.
في أجهزة الحاسوب دائمًا ما تكون القوائم في أعلى الصفحة ثابتة، أما إذا وضعت بنفس الطريقة في الجوال فسوف تأخذ مساحة كبيرة من الشاشة، لذا يفضل وضع أيقونة صغيرة في إحدى الزوايا العليا لتظهر القوائم متى ما نقر عليها الزائر.
3- صمم تنسيقًا مرنًا.
أنواع الأجهزة تختلف من شركة إلى أخرى، ومن إصدار إلى آخر، لدى فسيكون من الأفضل أن تجعل أبعاد موقعك مرنة تناسب جميع مقاييس الأجهزة المختلفة.
4- لا تنس تقنية اللمس.
بسبب التقنية الحديثة والاعتماد على اللمس يجب عليك أن تجعل جميع الأشكال والأيقونات بحجم مناسب يجنب اختلاطها مع ما بجوارها في حالة النقر عليها.
5- استخدم نماذج بسيطة.
فمن الصعوبة ملء النماذج على الأجهزة المتنقلة، وتعتبر أفضل أنواع النماذج تلك التي تستخدم أقل عدد من المدخلات، وتدعم تفاعل المستخدم معها.
6- لا تستعمل الكثير من الصور.
الكثير من الصور الغير ضرورية قد تؤدي إلى ازدحام الشاشة واستهلاك وقت أكثر لتحميل الصفحة، لذا يفضل استعمال الصور الضرورية فقط والتي تتم المعنى.
7- استفد من مميزات الجوال.
يتميز الجوال بخصائص مفيدة تساعدك عند تصميم موقعك. فمثلًا بإمكانك استعمال خاصية المكالمات الهاتفية بوضع أيقونة: “اتصل بنا”، أو الاستفادة من خدمات نظام الملاحة وتحديد الموقع، أو حتى ربطه بمواقع التواصل الاجتماعي.
8- صمم أنشطة تعليمية قصيرة.
فربما يكون النموذج الأكثر واقعية للتعلم المتنقل مشابها لكيفية استخدام الأشخاص لأجهزتهم المتنقلة لأغراض أخرى، فالمستخدم لن يجلس لمدة ساعات لمتابعة محتوى تعليمي على الجهاز.
9- استخدم واجهة تعليمية بسيطة.
فشاشات الأجهزة المتنقلة غالبا صغيرة والمعالجة محدودة إلى حد ما، لذا يجب على المصمم أخذ هذا بعين الاعتبار، وتقديم واجهة بسيطة، فمثلا يمكن تقديم درس تعليمي بطريقة بسيطة وإرفاق العديد من الروابط التعليمية ليبحر المتعلم فيها.
10- اجعل الكفاءة هدفًا لك.
فالمتعلمون يتوقعون الحصول على المعلومات التي يحتاجونها بطريقة فعالة وحديثة باستخدام تكنولوجيا الأجهزة المتنقلة، فالمتعلم سيقل استخدامه لأي تطبيق يفتقر للكفاءة في تصميمه.
كما كان التعلم الإلكتروني في بداياته فكرة بعيدة التحقيق ثم أخذ دوره الطبيعي في قطاع التعليم؛ سيأخذ التعلم المتنقل دوره باعتباره تطوراً طبيعياً في قطاع التعلم الإلكتروني، وحتى يُضمن توظيفه في العملية التعليمية، فيجب استمرار عمليات التحليل والتقويم لاستخداماته في العملية التعليمية(Ally & Prieto-Blázquez,2014).
وبالتطلع للسنوات العشر القادمة وما بعدها، يتضح جلياً أن مستقبل التعلم المتنقل يكمن في عالم يسهل فيه الوصول للتكنولوجيا وبأسعار معقولة أكثر مما هو عليه حالنا اليوم.
وعلى الرغم من ذلك، فإن التكنولوجيا وحدها بغض النظر عن انتشارها وإمكانياتها المتعددة لن تستطيع تحديد مدى فائدة التعلم المتنقل لكثير من الأفراد، وذلك لأن تصميم أنشطة تعلم متنقل فعالة يتطلب رؤية شمولية وفهماً عميقاً لكيفية تفاعل التكنولوجيا مع العوامل الاجتماعية والثقافية والتجارية.
إن التكنولوجيا بحد ذاتها مهمة بلا شك، لكن كيفية استخدام المتعلمين للتقنية ورؤيتهم لها تتساوى إن لم تكن تفوقها بالأهمية وهذا أمر لطالما تم إغفاله وتجاهله. فمجرد كون الأجهزة المتنقلة تقدم إمكانيات تدعم التعلم المتنقل فذلك لا يعني بالضرورة أنها ستوظف لخدمة هذا الغرض.
ومع التسارع والتطور غير المسبوق للتكنولوجيا يصبح من الصعب جداً تخيل ما سيكون عليه التعلم المتنقل خلال عقد من الزمان، إلا أن تقرير اليونيسكو عن مستقبل التعلم المتنقل حاول التنبؤ بتلك التطورات وتقسيمها إلى تطورات تقنية وأخرى تعليمية، ويمكن إيجازها فيما يأتي (Shuler, Winters & West,2013):