الجزائر _ الجزائراليوم
إطار قانوني جديد للاستفادة من خبرة الباحثين في الخارج
اعتماد معدل الامتحانين التطبيقي والنظري للأطباء المقيمين
التعليم عن بُعد في الجامعة أصبح واقعا وسيستمر
لم نطبق نظام الـ "آل آم دي" كما ينبغي لذلك تعرض للانتقاد
إلغاء المناقشة في ملف التأهيل الجامعي قريبا
السماح للأطباء المقيمين بالتعويض بين الامتحان التطبيقي والنظري للمسابقة
مشروع نص تنظيمي جديد يعيد النظر في معايير توظيف الأساتذة
حالات خرق البروتوكول الصحي شاذة ولا ينبغي التعميم
يُفصّل وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عبد الباقي بن زيان، في هذا الحوار، الذي خص به جريدة “الشروق”، معالم المرحلة المقبلة للقطاع، ومخرجات أزمة “كوفيد”، كما يجيب على انشغالات الأسرة الجامعية، من طلبة وأساتذة، في شقها البيداغوجي والمهني، وتفاصيل إجراء مسابقة الدكتوراه والتوظيف، ومطالب رفع الأجور وآليات الاستفادة من الباحثين الجزائريين في الخارج.
بعد انطلاق السداسي الأول يوم 15 ديسمبر، ورغم التشديد على ضرورة احترام البروتوكول الصّحي إلا أن بعض الصّور المسربة من الجامعات للمدرجات الممتلئة تعكس واقعا آخر وقد تُشكل مناخا لانتشار الوباء في الحرم الجامعي؟ فكيف ستتعاملون معها؟
لا يخفى على أي واحد منا بأننا في وضعية صعبة ومرحلة ليست سهلة وغير مسبوقة في قطاع التعليم بصفة خاصة والجزائر والعالم بصفة عامة، وقد أخذنا بعين الاعتبار كل الإمكانيات الموجودة في قطاع التعليم العالي لإنجاح الموسم الجامعي مع المحافظة على صحة الجميع.. وكل يوم الوضعية تتغير مرة تتحسن ومرة تتأزم ولا يمكن القول إننا في مرحلة الأمان إلا بعد وصول اللقاح وهو الآخر يتطلب وقتا، ولانطلاق السنة الجامعية 2020/2021 أبقينا على نفس القرارات التي اتخذت في ما يخص انتهاء السنة الجامعية 2019/2020، المؤكد أنه توجد صعوبات في التطبيق ولا ننسى أن هناك حوالي مليون و650 ألف طالب و109 مؤسسة جامعية موزعة على 48 ولاية، الوزارة أبرقت بتوصيات للمؤسسات الجامعية لاحترام صارم للبروتوكول الصحي لكن في بعض المرات توحد حالات استثنائية للخرق ولا يجب تعميمها فمنذ أيام تنقلت إلى الجلفة وبشكل مفاجئ دخلت أحد المدرجات ووقفت على التطبيق الصارم للتباعد بين الطلبة، ويجب التأكيد على أن هناك مراقبة وفرق تفتيش يومية لكل من يخالف البروتوكول الصحي وطلبنا من الطلبة في كان هناك مرفق غير محترم تبليغ الإدارة ووصلتنا تقارير من المنظمات الطلابية والنقابات عن مدرج لم يحترم البروتوكول الصحي وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك.
لكن توجد جامعات عندها طاقة استيعابية أكثر من أخرى وتعاني من الاكتظاظ؟
حاليا نعمل بنظام التفويج في ثلاثة أفواج أو فوجين ولن يؤثر تعداد الطلبة في ذلك، كما منحنا سلطة التقدير لمديري المؤسسات الجامعية بالتنسيق مع اللجنة المحلية التي تتابع احترام البروتوكول الصحي والبيداغوجي لتكييف الأفواج حسب طاقة استيعاب المدرجات، حيث سيستفيد الطلبة من 16 ساعة حضورية و8 ساعات عن بعد وفقا لتوصيات الفرق البيداغوجية والأولوية للمواد الأساسية وفقا لنتائج تقييم السداسي الثاني للسنة الجامعية 2019 /2020 والتي بينت بأن كثير من الطلبة وجدوا صعوبة في دراسة المواد الأساسية عن بعد مقارنة مع المواد الأخرى الاستكشافية أو اللغات التي يمكن دراستها عن بعد، حاليا نحن في مرحلة صعبة وسنة صعبة ومن أولوياتنا السماع لانشغالات الطلبة والأساتذة فلا واحد منا كان ينتظر أن يبقى”الكوفيد” كل السنة كنا نقول على أكثر تقدير في الصيف والدخول الجامعي يكون بشكل عادي لكن الأوضاع جاءت على عكس ذلك.
في حال تحسنت الوضعية الوبائية؛ هل يمكن اللجوء إلى التعليم الحضوري العادي في السداسي الثاني؟
لا أعتقد ذلك، التعليم عن بعد أصبح واقعا ومن الأنماط التي يجب أن يعتمد عليها قطاع التعليم العالي والأولويات، كما أضفنا أنماطا أخرى إلى جانب “الحضوري” و”التعليم عن بعد” فيوجد التعليم بالمشاركة “الميداني” يتابع فيه الطالب المحاضرة في المؤسسة الجامعية والتطبيق في المؤسسة الاقتصادية، إذ يمنح الفرصة لتقييم الطالب الذي يقوم بأعمال تطبيقية خاصة لما تكون ليسانس مهنية أو ماستر مهني ويسمح بتعزيز علاقة الجامعة مع المحيط الاقتصادي والتقليل من تكلفة وميزانية الاستثمار في التجهيزات الموجودة في المؤسسات، ويوجد نمط آخر ستتعزز به الجامعة ويسمح للطالب الذي يدرس في مؤسسة أن يكمل في أخرى. خاصة أن نظام “آل أم دي” لم نستعمله كما ينبغي وكل الإيجابيات فيه جربنا منه إلا القليل، وهو ما جعله عرضة للانتقاد وحتى نحكم عل الإصلاح يجب أن نرى كل الجوانب، وفي هذا النمط سيكون هناك تبادل للطلبة وحتى إيجاد آليات تمكن الطالب الذي درس سنتين ليسانس في الجزائر وحصل على فرصة الاستقبال لإكمال دراسته في جامعة بالخارج أن يتنقل ويرجع للجزائر وهذا لم يكن معمولا به من قبل وتم إدخاله كنمط جديد في الإصلاحات المقترحة لنظام التعليم العالي..إننا نبحث عن التجديد وهذا من إيجابيات أزمة “كوفيد” التي دفعتنا للبحث عن حلول أخرى.
بعد الإعلان عن تواريخ إجراء مسابقة الدكتوراه وتحديدها في يومين لكل جامعة السبت والخميس كيف سيتم التحكم في العدد الكبير للمترشحين بعد فتح المجال لجميع الحاصلين على شهادة ماستر لاجتياز المسابقة في ظل الوضعية الوبائية لفيروس كورونا؟ وهل سيتم تشديد الإجراءات الاحترازية والاعتماد على بروتوكل صحي خاص؟
تحسبا للأعداد الكبيرة للمترشحين لمسابقة الالتحاق بالتكوين في الطور الثالث وضعت الوزارة برمجة تراعي فيها الاحترام الصارم للبروتوكول الصحي الإطار وما يتبعه من بروتوكولات محلية يقع على عاتق المؤسسات الجامعية المؤهلة وضعها لهذا الغرض، لقد تم تخصيص مدّة قدرها 43 يوما وذلك من 13 فيفري 2021 إلى غاية 27 مارس 2021 تجرى خلالها هذه المسابقات بتخصيص يومي الخميس والسبت لتنظيمها، كما أعطيت كامل الصلاحيات لمدراء المؤسسات الجامعية المعنية، لبرمجة هذه المسابقات وفق خصوصية كل مؤسسة لاسيما من حيث تعدادات المترشحين والهياكل البيداغوجية التي سوف تحتضن هذه المسابقات.
كم تتوقعون عدد المترشحين هذه السنة؟
ما زالت التسجيلات مفتوحة إلى غاية 10 جانفي الجاري لكن بعدما تم فتحها للجميع نتوقع حوالي 300 ألف مترشح مقارنة بالسنة الفارطة التي شهدت 100 ألف في ظل التصنيف المعمول به حينها وتحسبا لارتفاع عدد المترشحين تم رفع عدد المناصب إلى أكثر من 7000.
هل توجد تغييرات بالنسبة لتوقيت اجتياز المسابقة والتي كانت تبرمج في السنوات الأخيرة في الساعة الواحدة بعد الزوال وتنتهي السادسة مساء وهذا بالنظر لمواقيت الحجر الصحي وصعوبة التنقل؟ أو إمكانية إيواء المترشحين في الإقامات الجامعية؟
بالنسبة للتوقيت لا يوجد أي تعديل عليه، أما الإيواء فيتوقف على طلب المعنيين بالمسابقة لأنها ليلة واحدة فقط، وبصفة عامة سبق وأن برمجنا عدة مسابقات دكتوراه من قبل وعدد قليل من الطلبة الذين كانوا يلجؤون للإقامات الجامعية فيما يفضل الأغلبية العودة للمنزل أو المكوث عند الأقارب لأنه الجو في الإقامة قد لا يساعدهم نفسيا للتحضير لامتحان، ورغم ذلك إذا ما تطلب الأمر استضافة الطلبة في ليلة الامتحان يمكن التنسيق مع الإقامات الجامعية، ولكل حادث حديث لأن الوضعية الصحية يمكن أن تتغير من يوم إلى آخر وفي حال حدوث أي طاريء أو موجة ثالثة من الوباء ستتغير التواريخ المعلن عنها من قبل الوزارة لأنه لا يمكن إجراء مسابقة لـ 300 ألف طالب في وضعية صحية خطرة ويبقى تاريخ المسابقة مرهونا بتطور الوضع الوبائي.
في ظل هذه الأوضاع الوبائية الاستثنائية التي يعاني فيها الأطباء المعنيون بامتحان نهاية التخصص من الضغط وهم في الصفوف الأولى لمحاربة وباء كورونا فقد قدموا طلبا استثنائيا لإلغاء الطابع الإقصائي هذه السنة مع إبقاء الطابع الترتيبي؟ ما هو ردكم سيدي الوزير على هذا الطلب وهل فيه إمكانية للوصول لحل استثنائي للمعنيين باعتبارهم أطباء مختصين تلقوا تكوينهم بالكامل خلال مرحلة التكوين؟
تمّ استقبال ممثلي الطلبة المعنيين بمسابقة الحصول على شهادة الدراسات الطبية المتخصصة على مستوى دائرتنا الوزارية، حيث عبّروا عن انشغالهم القاضي بالنظر في إمكانية إلغاء الطابع الإقصائي للمسابقة والإبقاء على الطابع الترتيبي فقط، وبعد الاستماع إليهم تمّ إعلامهم بأنه سيتم عرض هذا الانشغال على الهيئات العلمية والبيداغوجية للفصل في هذا المطلب، وقد خلصت إلى الإبقاء على نفس المسابقة كما جرى تنظيمها في السابق، إلا أنّه ومراعاة للظروف الاستثنائية الناجمة عن كوفيد 19 فإنه تم السماح بالتعويض بين الامتحان النظري والتطبيقي لهذه المسابقة، إذ يمكن للطالب الذي تحصل على علامة جيدة في الامتحان التطبيقي وعلامة أقل من عشرة في النظري أن ينجح في المسابقة بالتعويض بينهما، وهو ما لم يكن معمولا به من قبل.
حمل المشروع التوجيهي للتعليم العالي الذي تم طرحه مؤخرا على الأسرة الجامعية للنقاش والإثراء عدة إصلاحات جذرية دون التخلي عن نظام “أل أم دي” فهل هذا يعني تمسك الوزارة بهذا النظام رغم الاختلالات المسجلة فيه؟ وما هي أبرز الإصلاحات التي يتضمنها هذا المشروع؟
بعد مرور 21 سنة من صدور القانون التوجيهي للتعليم العالي والذي تم تعديله سنة 2008 وبالنظر للتطورات التي حصلت في القطاع بات من الضروري مراجعة هذا القانون للتكيف مع المستجدات والاستجابة لكل التطلعات من خلال رؤية استشرافية لآفاق التكوين والبحث بالموازاة مع تطور المجتمع، وهذا بعد الوقوف على جملة من الاختلالات والنقائص الناجمة عن تطبيق إصلاح التعليم العالي الموسوم بنظام LMD، فالأمر لا يتعلق بتاتا بتخلي الوزارة عن هذا النظام كونه نظام قابل للتحسين.
أما بخصوص أهم الإصلاحات التي حملها هذا المشروع يمكن إيجازها فيما يلي: مراجعة تنظيم التكوين بإعادة الاعتبار لدراسات مهندس وإدراج أنماط جديدة للتكوين العالي، ومراجعة التكوين في العلوم الطبية، ووضع ضوابط لشروط منح وممارسة الوصاية البيداغوجية على مؤسسات التكوين العالي التابعة لدوائر وزارية أخرى، ووضع أحكام خاصة للشهادات المتوجة للتعليم العالي (المؤسسات العمومية، المؤسسات الخاصة، والمؤسسات تحت الوصاية، والشهادات الأجنبية).
بالنسبة لمشروع قانون التأهيل الخاص بالأستاذ الجامعي أين وصل. وما الجديد الذي يحمله وهل هناك استجابة لمطلب إلغاء المناقشة؟
مشروع القانون تم تقديمه للحكومة للمصادقة عليه مؤخرا وتم تبليغنا ببعض التحفظات التي طُلب منا مراجعتها وهو ما قمنا به وحاليا هو في مراحله الأخيرة ليتم إعادة تقديمه في مجلس الوزراء، ويحمل بين طياته عدة تسهيلات مقارنة بما كان معمولا به، فمن الناحية البيداغوجية والعلمية مناقشة التأهيل لا تضيف شيئا كبيرا فالأستاذ بعدما قدم أطروحة دكتوراه وهو بحد ذاته عمل جبار الآن نطلب منه تقديم العمل الذي قدمه خلال سنة بعد مناقشة الدكتوراه، ومن أجل ذلك ارتأينا توحيد المعايير لتقديم ملف التأهيل لأنه لا توجد نفس الشروط في كل الجامعات، لتكون هناك شبكة موحدة لكل المعايير البيداغوجية والعلمية التي تُشترط على الأستاذ الذي يقدم التأهيل، وسيتمكن من تقديم الملف بطريقة سهلة مقارنة بالمراحل التي كان يمر عليها في السابق والتي كانت تستغرق سنة فما أكثر، حيث ستودع الملفات بنفس طريقة تقديم ملف “أستاذ التعليم العالي ” والفرق فقط في اللجنة التي تكون جهوية في التأهيل ووطنية في درجة “بروفيسور”.
لا يزال مشكل المجلات المصنفة يؤرق الطلبة والأساتذة المقبلين على إيداع أطروحات الدكتوراه والتأهيل؟ إذ يشتكون من البيروقراطية في النشر عبر البوابة؟ هل هناك مساع من الوزارة لحل هذا الإشكال؟
في الحقيقة ننصح الطلبة والأساتذة بأن لا يحصروا أنفسهم في المجلات الموجودة فقط في الجزائر لأننا نتعامل مع بحث علمي والبحث ليس مُوطّن في الجزائر، ومن التوصيات التي نمنحها للباحثين هي الانفتاح على العالم لأن النشر في مجلات أجنبية متاح وكثير من الطلبة في تخصص العلوم الدقيقة والتكنولوجية ينشرون في مجلات صنف” أ” و”ب” لكن المشكل مطروح في قسم “ج” لأن فيه فقط المجلات الجزائرية وعددها 100، وفي كل مرة يطرح لنا الانشغال حول عدد المجلات الذي لا يكفي لكن ينبغي على كل مؤسسة بأن تبادر للتصنيف فكل المجلات الموجودة يمكن أن تدخل قائمة “ج”، حيث توجد لجنة تحت وصاية المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي تتكفل بدراسة الملفات.. هناك أساتذة لديهم مجلة تنشط منذ 10 سنوات وليست مصنفة أقول لهم ليست اللجنة التي تجري وراء الأستاذ لأنه لا يوجد تصنيف “أوتوماتيكي” بل ينبغي عليه تقديم الطلب في المنصة ويمر عبر اللجنة التي تحدد إذا تم احترام الدفتر الشروط وتمنح التأهيل النهائي لتوفير أكثر عدد من المجلات صنف” ج” لأنه يوجد طلب عليها خاصة من عائلة العلوم الإنسانية والاجتماعية.
تعالت الأصوات مؤخرا للمطالبة بالتوظيف المباشر لحاملي شهادة الدكتوراه والماجستير مبررين ذلك بالعجز الكبير في التأطير الذي تشهده بعض الكليات والذي دفع بها للاستنجاد بالأساتذة المؤقتين بنسبة وصلت 80 بالمئة؟ فما هي الحلول التي تقدمها الوزارة لهؤلاء؟
إن مطلب التوظيف المباشر لحاملي شهادتي الماجستير والدكتوراه، نرى بأنه لا يوافق في الحقيقة واقع النصوص التشريعية والتنظيمية الساري العمل بها في مجال التوظيف بصفة عامة ويمس بمبدأ تكافؤ الفرص في الالتحاق بالوظائف العمومية المنصوص عنه ضمن الدستور، وكذا أحكام الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 جويلية سنة 2006 والمتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية لا سيما أحكام المادة 74منه والتي نصت على خضوع التوظيف إلى مبدإ المساواة في الالتحاق بالوظائف العمومية.
ورغم ذلك فقطاعنا يعمل على اغتنام كل الفرص المتاحة له والإمكانيات المتوفرة خاصة في الظروف التي عاشتها ولا زالت تعيشها بلادنا في السنوات الأخيرة من تدني للموارد المالية، وتم اتخاذ جملة من الإجراءات في سبيل توفير مناصب مالية قصد توظيف الشباب حاملي الشهادات العليا، حيث تم الشروع بعنوان سنة 2019 في إحالة الأساتذة الباحثين والأساتذة الباحثين الاستشفائيين البالغين سن 75 سنة على التقاعد، وهو ما مكننا من استعادة مناصبهم المالية وتم تخصيصها للتوظيف بعنوان السنة الجارية.
وبمقارنة الموارد التي يتوفر عليها القطاع بعدد المترشحين في المسابقات وقصد التمكن من توظيف هذه الفئة حسب الاستحقاق بما يحوزونه من خبرة في مجال التدريس والأعمال العلمية نرى بأن عنصر التنافس من أجل الالتحاق بالتدريس في المؤسسات الجامعية إجراء لا بد منه، ومن أجل ذلك فإن قطاعنا بصدد إعداد مشروع نص تنظيمي يحدد إطار تنظيم التوظيف في رتبة أستاذ مساعد قسم “ب” بمؤسسات التعليم العالي سيتم عرضه على الأسرة الجامعية قصد الإثراء وعلى مصالح السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية لإبداء الرأي، وعملنا فيه على تحديد معايير موضوعية ومنصفة للمترشحين أين سيتم تثمين الخبرة المهنية للمترشح ويمكن من إزالة مختلف العراقيل التي تشوب عملية توظيف هذه الفئة.
وفي إطار المساعي الرامية إلى توظيف هذه الفئة من حاملي شهادة الدكتوراه يجري إعداد قانون أساسي للدكتور يتم من خلاله التكفل بهذا الانشغال وذلك سواء على مستوى المؤسسات الجامعية أو على مستوى القطاع الاقتصادي،على غرار حملة الماجستير الذين يتمتعون بقانون يمكنهم من العمل في كل المؤسسات حسب الشهادة، ومع نهاية جانفي سيتم تحديد المناصب الشاغرة للمتقاعدين وغيرهم وعلى ضوءها يتم فتح مسابقات توظيف مع ميزانية 2021.
ما هو الجديد لديكم حول إصلاح الخدمات الجامعية من حيث التصور والمشاريع المطروحة؟
المهتم بشؤون التعليم العالي لا سيما الشق الخدماتي منه يدرك أن كل ما طرأ على منظومة الخدمات الجامعية منذ الاستقلال إلى غاية اليوم من إصلاحات ومن تعديلات مس فقط التنظيم الهيكلي وطرائق التسيير ولم يطرأ على الخدمات في حد ذاتها أي تعديل أو مراجعة أو تحيين، فمثلا تسعيرة الخدمات (إطعام، إيواء، نقل) التي تم البدء بها مع أواخر الستينيات بقيت هي نفسها إلى غاية اليوم.
كما أن نسبة مساهمة الطالب في الخدمات المقدمة له في أواخر الستينيات كانت في حدود 60 إلى 70 في المائة في حين أن مساهمة الطالب خلال السنوات الأخيرة شبه منعدمة، فضلا على أن عدم الرضا عن مجمل الخدمات المقدمة للطالب أصبحت من بين النقاط التي تؤرق أسرة التعليم العالي والبحث العلمي وتؤثر سلبا على التحصيل العلمي وتطويره.
كل هذه الأمور وأخرى دفعتنا للتفكير جديا للمضي قدما في إصلاح منظومة الخدمات الجامعية كما أنه من الواجب بمكان إعادة النظر في هذه المنظومة وتكييفها مع مقتضيات ومتطلبات هذه المرحلة والجميع مقتنع بأنه حان الوقت لمثل هذه المبادرات التي من شأنها أن تعطي دفعا وديناميكية جديدة للخدمات الجامعية وفق تصورات جديدة.
وقد تم مؤخـرا تنصيب فريق تفكير لإعداد مشروع إصلاحات يتضمن سينـاريوهات ومقترحات بخصوص نظرة مستقبلية للخدمات الجامعيــة وهي لجنة تتمتع بكامل الصلاحيات والحرية المطلقة لاقتراح أي تصور للخدمات الجامعية على أن يعرض هذا المشروع على مختلف شركاء الأسرة الجامعية فور إتمام العمل للخروج بتصور موحد يقدم للسلطات العليا للنظر والفصل فيه.
هل لديكم تقييم إحصائي لحالات وحجم الفساد في قطاع الخدمات الجامعية وكيف يمكنكم المساهمة في محاربته بالقطاع؟
التعليم العالي ليس جهة قضائية أو جهة تحقيق، هناك سلطات مختصة بملفات الفساد وتبديد المال العام،ومخولة للنظر في مثل هذه القضايا، أما نحن من جهتنا فإننا نعمل ومن خلال الآليات التي وضعناها لتولي المناصب، وفي مسعانا لتحسين الحوكمة، وإخضاع دراسة ملفات المترشحين إلى تولي المناصب في قطاع الخدمات الجامعية إلى فحص ودراسة دقيقة وفقا للمعايير التي وضعناها، وهي شرط توفر الكفاءة والقدرة على التسيير العقلاني والراشد، والنزاهة والصرامة ونظافة اليد، لأننا نسعى على المدى القريب لتحسين تسيير الخدمات الجامعية، ومن ثم تحسين الخدمات المقدمة للطالب، في انتظار القيام بإصلاحات عميقة على منظومة الخدمات الجامعية (الإيواء، الإطعام، النقل، المنحة)، والجهد الذي يمكن أن يبذله القطاع في هذا الاتجاه هو ترشيد النفقات وتكثيف الرقابة بشكل دائم ومستمر.
تقييم المستوى الفعلي للتكوين بالجامعة الجزائرية؟ ومخرجات البحث العلمي وعلاقتها بالمحيط الاقتصادي خاصة أن آلاف البحوث لا تجد طريقها إلى التنفيذ والتمويل؟
إننا واعون بالنقائص والسلبيات على صعيد التعليم والبحث، وأنّ معالجتها لا تتم إلا عبر إعادة تفعيل دور التقييم المستمر في إطار الحوار والتشاور مع كل الشركاء المعنيين، كذلك يعمل القطاع في إطار مخطط عمله على استحداث وكالة وطنية لضمان الجودة والاعتماد يقع على عاتقها التقييم المستمر لجودة التعليم التي تضمنه مؤسساتنا الجامعية بالاحتكام إلى المقاييس والمعايير الدولية.
لماذا يبقى البحث العلمي عموميا في الجزائر دون بروز مؤسسات بحثية خاصة رغم وجود شركات وطنية كبيرة؟
في إطار الرؤية الجديدة والمقاربات الجديدة التي اعتمدناها في إطار انفتاح الجامعة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، فإننا سنلجأ إلى تكوين فريق أو فوج عمل، ونشرع في وضع برامج البحث والتعاون والشراكة، وتحديد موضوع للعمل عليه، وبعد الاتفاق على الأمور العملية وتشكيل لجنة للمتابعة لإنجاز برنامج العمل ميدانيا، يقع في نهاية المطاف وتسهيلا لفرق العمل والبحث وضع تأطير قانوني على عكس ما كان معمول به سابقا، وهو توقيع اتفاقيات تبقى حبيسة الرفوف، ولقد تم إنجاز الكثير في إطار تأسيس العلاقة بين الجامعة والمؤسسة، كإنجاز أطروحة الدكتوراه في المؤسسة، والقانون الأساسي لحامل الدكتوراه الذي هو قيد الدراسة، وهذا لاستفادة القطاعات المستعملة من مخرجات التكوين لتحقيق التنمية الشاملة.
وهذا بالنظر إلى قلة عدد الباحثين في المؤسسة الاقتصادية الجزائرية حيث لا يتعدى 184 باحثا مقارنة بالدول الأكثر تطورا تكنولوجيا في العالم حيث تمثل نسبة الباحثين داخل المؤسسة 60 % من العدد الإجمالي للباحثين و40 % موزعة عبر الجامعات والمراكز البحثية التابعة للقطاع التعليم العالي أو البحث العلمي.
يعود هذا الأمر أساسا لنقص استثمار المؤسسات الخاصة في وظيفة البحث والتطوير والتي يجب أن تصبح بمثابة تكلفة صفقة وليس عبئا على المؤسسة لأن هذه الوظيفة تسمح بإكساب ميزة تنافسية للمؤسسات الخاصة، ومن هذا المنطلق بادر قطاعنا في التفكير في وضع ميكانزمات تربط بين البحث العلمي والمؤسسات الخاصة والدليل هو إمضائنا اتفاقية شراكة مع الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين.
ألم نصل بعد إلى فريق بحثي جزائري يشارك في إيجاد لقاح “كوفيد” مثلا؟ ماعدا بعض التجارب والمشاريع لصنع تجهيزات صناعية للتنفس والمعقم الكحولي؟ أين هو محل الجامعة الجزائرية من البحث العلمي الفعال؟
نحن الآن في مرحلة تثمين البحث لأن الدولة استثمرت كثيرا في البحث العلمي وخاصة في التجهيزات والمرافق البحثية بشكل عام والموارد البشرية، وأزمة” كوفيد” أظهرت لنا الكثير من المبادرات والأمور، لاحظنا تجاوب مراكز البحث والباحثين في هذه المرحلة الحساسة، أكيد نستطيع القيام مبادرة البحث والاكتشاف لكن ما ينقصنا هو التواصل لأن الباحثين غالبا ما يقومون بأبحاث مميزة لكن في المؤسسة الاقتصادية لا يسمعون بها إلا عن طريق الصدفة عبر وسائل الإعلام، ومن أجل ذلك قررنا التعامل بطريقة أخرى نبحث عن انشغالات المؤسسة الاقتصادية ونستحدث فرق مشتركة للعمل ثم نقوم بصياغة الإطار القانوني، وهذا عكس ما كان معمول به سابقا وتمكنا من الوصول لنتيجة في قطاع المناجم والصناعة والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والصيد البحري والصيدلة ومجالات أخرى عندنا اتفاقيات موجودة.
هل لديكم مقاربات للاستفادة من العقول المهاجرة ضمن مشاريع بحثية وتكوينية وطنية؟
أكيد وهذا يندرج ضمن البرنامج الاستراتيجي للبحث ونحن نفكر مع مديرية التعاون في إطار قانوني يحكم العملية لأن الإطار الموجود غير كاف ولا يأخذ بعين الاعتبار كرامة الأستاذ الذي نجلبه من الخارج حتى من ناحية تثمين الجهد ممكن نمنحه هنا أقل مما يحصل في الخارج، وغالبا هؤلاء الباحثين يتم جلبهم عن طريق العلاقات فتجده يلبي دعوى لحضور مؤتمر لأن مدير الجامعة صديق أو زميل له لكن لما يأتي بهذه الطريقة لا يمكن تقييمه أو محاسبته فهل يمكن أن نطلب نتيجة وأبحاث من عند شخص لا يتم تثمين جهده وهو نفسه يتقاضى مبالغ مغرية في الخارج، ومن أجل ذلك نعمل على إيجاد قانون لهؤلاء الباحثين الجزائريين الموجودين في الخارج ليساهموا في تثمين البحث في الجزائر وتوسيع العلاقات بين المؤسسات للمشاركة في تحدي انفتاح الجامعة على المحيط الدولي، وحتى يكونوا همزة وصل بين الباحثين في الخارج وفي الجزائر.
مادمتم تحدثتم عن كرامة الأستاذ؟ خلال السنوات الأخيرة رفع الأساتذة الجامعيون مطلب رفع الأجور التي لم تراجع منذ 2008 ونددوا بالوضعية المهنية والاجتماعية التي مافتئت تتدهور سنة بعد أخرى خاصة مع انهيار القدرة الشرائية؟ هل يوجد خطوة أو مشروع لإعادة النظر في الأجور؟
الآن الهدف الأول هو تحسين وضعية العمل وهو ما نقوم به في الميدان عبر كافة المؤسسات الجامعية إذ نسعى لتحسين وضعية عمل الأستاذ حتى يكون عنده مرفق للقيام بعمله في أحسن ظروف، أما فيما يخص الأجور فهذا قرار آخر لا يخص وزارة التعليم العالي بل يعني الوظيف العمومي وحاليا لسنا في وضعية مالية جيدة نظرا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد ومعها الوضعية الصحية جراء وباء كورونا، وكما تعلمون كنا نعاني من أزمة مالية صعبة ومع الكوفيد الذي تسبب في تعطيل النمو في البلاد ازدادت حدتها فجل المؤسسات الاقتصادية اليوم تعيش أزمة خانقة ارتفعت معها مستويات البطالة، وأمام هذا الوضع نحن نعمل على تحسين وضعية الأستاذ في عمله، وإذا انفرجت الأزمة فإن قرار مراجعة بيد حكومة وحدها وليس قرار وزير التعليم العالي، إذا تحسنت الوضعية المالية للبلاد يمكن طرح هذا الانشغال، لكن في الوضع الحالي لا يمكن طلب طلبات لا تتناسب مع الظرف.
كلمة توجهها للأسرة الجامعية عبر “الشروق”؟
نحن في وضع صحي صعب أطلب من الأسرة الجامعية التفهم لأنه لا يمكن أن نطلب من وزارة التعليم العالي أن تكون في نفس الوضعية إذا كانت وضعية عادية، تصلنا عدة انشغالات تخص الوضعية العادية، نحن نتفهم الوضع مثلا مشكل النقل توجد صعوبات فيه لكن نطلب منهم أن يتفهموا خصوصية المرحلة والتي نتمنى أن لا تطول، والحمد لله أزمة” كوفيد” سمحت لنا باستخلاص العبر والعمل حتى لا نتكل على الآخرين وحتى الطالب لا ينتظر الجامعة فقط هو أيضا يساهم، وسنعمل على تحسين التجهيزات في مركز البحث العلمي ورفع التدفق لإنجاح تجربة التعليم عن بعد، دون أن ننسى بأننا في وضعية استثنائية والحمد لله تمكننا من إتمام العام الدراسي الفارط وشهدنا تخرج حوالي 400 ألف طالب، كما تحصلنا على تسهيلات في الميزانية من قبل الدولة لمواجهة “كوفيد”، وباب الحوار مفتوح لكل الشركاء الاجتماعيين لتجاوز هذه المرحلة.
قد يهمك أيضا:
استمرار القبول في التعليم عن بُعد بجامعة حضرموت حتى 3 تموز
طلاب التعليم عن بُعد في "الدمام" يشكون ضعف التواصل مع أساتذتهم