بيروت ـ فادي سماحة
اهتزّ الرأي العام اللبناني أخيرا" بعد الكشف عن شبكة اتجار بالبشر، تستدرج فتيات سوريات وتجبرهن على العمل في الدعارة.مع سجن وضرب وجلد وتعذيب وارغام على ممارسة الدعارة في سراديب تحت الارض، بدون شمس ولا هواء.وامراض جنسية وجلدية، اجهاض واستعباد وقصص اغرب من الخيال عاشتها 75 فتاة غالبيتهن سوريات، في اكبر شبكة اتجار بالنساء تم الكشف عنها منذ اندلاع النزاع في سورية في اذار- مارس 2011.يقودها اللبناني "م. ج." صاحب مربع ليلي في منطقة جونيه يعاونه شخص سوري. وسط حراسة مشددة كانت تفرض على "السجينات" من قبل "سجانات" وظيفتهن مراقبتهن وتسجيل اسم من تخطىء منهن لتتم معاقبتها على يد مساعد رئيس الشبكة.
وكشف مصدر في الشرطة اللبنانية وقائع عمل هذه الشبكة فقال: " في البداية كان يتم جلب الفتيات من سورية من خلال وسطاء هم رجلين وامرأة، يتم ايهامهن العمل في احد المطاعم وما ان تصل الفتاة الى لبنان حتى يتم سجنها داخل المبنى وتؤخذ منها اوراقها الثبوتية والهاتف لتبدأ رحلة المعاناة والاجبار على ممارسة الدعارة لعشرين ساعة يومياً ومن ترفض يتم تعذيبها وجلدها". وأضاف "كان ممنوعاً على الفتيات التكلم مع بعضهن، وعليهن دائماً أن يكن بأبهى صورة، وينفذن ما يريده الزبون، وهذا ما عرّض عددا كبيرا منهن الى الحمل وبالتالي الاجهاض حيث حصلت نحو 200 عملية اجهاض خلال اربع سنوات، اضافة الى اصابة كثيرات بالامراض الجنسية، وبما انهن مسجونات تحت الارض ولا يرين الشمس فقد عانين من امراض جلدية عدة". وتابع" كان يتم ايهام الفتيات ان لا أمن في لبنان وان رئيس الشبكة مسيطر على البلد فيجدن أنفسهن أمام خيارين إما الانتحار أو التاقلم مع الوضع". وقال ان "مهمة الحارسات كانت مراقبة تصرفات الفتيات وان اخطأت احداهن تضع اشارة على ورقة ليقوم مساعد رئيس الشبكة بانزال العقاب فيها".
وأوضح المصدر الأمني حسبما نقلت عنه "النهار" اللبنانية " بعد فترة طويلة من التعذيب والاجبار على ممارسة الدعارة لعشرين ساعة يومياً قررت ثماني فتيات الهرب، واخترن يوم الجمعة العظيمة موعداً لتنفيذ خطتهن، كون العمل يخفّ ومعه الحراس. هاجمت الفتيات الحارسة واخذن مفاتيح الباب الخلفي للمبنى ، خمس منهن هربن وثلاث تراجعن نتيجة الخوف، اربع اكملن الطريق سوية وواحدة اتخذت طريقاً آخر بسبب قلة الثقة التي زرعت بينهن، اذ كانت كل فتاة تخشى من الاخرى، صعدن في باص وتوجهن لمنزل قريب احداهن في الحدث، تحدثن لصاحب الباص عن قصتهن، اتصل بمفرزة استقصاء جبل لبنان التي تسلمت الفتيات واستمعت الى شهادتهن، ومعاناتهن وكيف تحصل عملية تهريبهن، وتشغيلهن وتعذيبهن".
وتابع المصدر الأمني فقال "وضعت الخطة وبدأت عملية رصد الاماكن التي اعطتها الفتيات ونهار الاحد عند السادسة والنصف حصلت عملية دهم مبنيي silver a و silver b" وجرت عملية التوقيف على مرحلتين، بتاريخي 27 و29/3/2016 في الملاهي الليلية والشقق التي تستخدم لإيواء الفتيات وحررتهن. القي القبض على الوسطاء الذين يجلبوهن من سورية وهم رجلان وامرأة بعد مطاردة في جونية تم ايقافهم في منطقة البوار، وست عاملات بصفة حارسات تبين فيما بعد ان واحدة منهن ضحية كن يعملن على حراسة وإدارة هذه الشقق، فيما لا يزال اثنان من الذين يديرون هذه الشبكة متواريين عن الأنظار، وتم تسليم الفتيات إلى عدد من الجمعيات بناء على إشارة القضاء المختص".
وأضاف "معظم الفتيات في العشرينات من العمر ومنهن من كن قاصرات عند جلبهن الى لبنان، والامر الافظع ما تم كشفه عن حصول نحو 200 عمليةإجهاض على يد طبيب اللبناني ر.ع (مواليد عام 1961) والممرضة اللبنانية التي كانت تعاونه وهي: ج.أ (مواليد 1961) وذلك في عيادته في محلة الدكوانة
وأوضحت المتابعة القانونية لملفات الاتجار بالبشر المحامية نوهانا اسحاق الرأي القانوني في هذه الواقعة وقالت ان " الجريمة التي حصلت نموذج من الكثير من الجرائم الموجودة في لبنان، والتي ازدادت نسبتها نتيجة الحرب السورية، الجرم في هذه الجرائم مشترك بين السوريين واللبنانيين. عناصر من سورية تستقطب نساء معظمهن قاصرات، تحت حجة تحسين ظروفهن المعيشية وعند وصولهن يتم احتجازهن وتشغيلهن بالدعارة". وعن العقوبة، اشارت الى ان "الاتجار بالبشر والذي هو ثالث اكبر جريمة في العالم بعد الاتجار بالمخدرات والاسلحة وذلك من ناحية المردود المادي، هو جناية يعاقب عليها القانون اللبناني"، ولفتت الى ان " لبنان موقع على الاتفاقية الدولية للاتجار بالبشر وعلى اساسها وضع قانونا خاصاً، وجعل عقوبتها تتراوح من 5 الى 15 سنة، كما يوجد في لبنان مكتب خاص لمكافحة الاتجار بالبشر تحال اليه كل القضايا المتصلة".