بيروت ـ غنوة دريان
مهما كانت المرأة متصالحة مع نفسها تنعم بالسلام النفسي والرضا القلبي ورجاحة العقل فإنها قد تجد نفسها في وقت معين شاعرة بنوع من الشجن والحنين إلى أيام العمر الماضية ، وتشعر أنها لا تستطيع أن تتخيل أنها قد وصلت إلى مشارف ربيع العمر.
وحتى تتمكن المرأة في هذه المرحلة المهمة من حياتها من التكيف مع المعطيات الجديدة على الأصعدة كافة فإنها تكون في حاجة إلى بعض النصائح التي تضع قدميها على الطريق الصحيح.
في البداية يجب عليك أن تتساءلِ عن السر الحقيقي الذي يشعرك بهذا الشجن وعدم الراحة إزاء وصلك إلى هذه المرحلة العمرية، فهل السبب هو إحساسك بأنك لم تعودي قادرة على ممارسة بعض الأنشطة والهوايات وأنماط الحياة التي اعتدت على ممارستها في عمرك الماضي ، أم أن السبب هو شعورك بنوع من الندم على أنك لم تستطيعي أن تقومي بتجربة الأشياء كافة التي كنت تتصورين أنك ستمرين بها في المراحل السابقة من حياتك.
هناك العديد من الاحتمالات التي يمكن أن تكون هي السبب في هذا الشعور بالشجن والحنين إلى سنوات عمرك الماضية، وبقدر ما تتمتعين بالشفافية والصراحة مع نفسك في تحديد السبب الأكثر دقة كلما ساعدك ذلك على توجيه كل طاقتك للتغلب على هذه الحالة وبدء رحلة التكيف مع الحياة في مرحلة ربيع العمر.
بعد ذلك قومي بكتابة قائمة بأهم الأسباب التي وصل إليها تفكيرك وتشعرك بالخوف والقلق من ربيع العمر ثم ضعي بين كل سبب وآخر هامشًا كافيًا لتكتبِ فيه الملاحظات التي تندرج تحت كل سبب ، فقد يكون السبب الأول هو "أنا أخشى التقدم في العمر لأن ذلك يقربني من الموت" والثاني "أقلق كثيرًا مع التقدم في العمر لأنني لن أستطيع أن أكون قادرة على توفير احتياجاتي لتدهور الوضع الصحي"، والثالث "أخشى من أن يمنعني التقدم في العمر من مواصلة الاحتفاظ بالوظيفة التي أتكسب منها وأعتبرها سبباً في الحصول على الرزق"، وغير ذلك من الأسباب المحتملة وراء خوفك من مرحلة ربيع العمر.
إبدأي بعد ذلك في التعامل مع كل سبب من هذه الأسباب على حدة من خلال إيجاد الإجابات الشافية المرتبطة بدرجة إيمانك بالله تعالى وتسليمك بقدره واعتمادك وتوكلك عليه وثقتك في أنه سبحانه يدبر الأمر ولا يمكن أن يكلف نفسًا إلا وسعها، وأنه سبحانه وتعالى يحمي الإنسان الذي يعتصم به من أي تقلبات أو هموم أو ضغوط أو مخاوف ، وحاولِ أن تجعلِ ملاحظاتك المترتبة على كل سبب من أسباب مخاوفك ملاحظات عملية وواقعية في الوقت نفسه بحيث تجدين لنفسك حلولًا مناسبة تضمن التكيف مع كل تخوف من هذه التخوفات.
لا تنسي أنك تحتاجين إلى فيض من السعادة والتجديد في هذه المرحلة، لذلك لا ترددي في الانخراط في الأعمال الخيرية والأنشطة الإنسانية ، وتأكدي أن كل ابتسامة ترينها في عيون أي محتاج ستكون بمثابة ماء المطر الذي ينزل على قلبك فيشعرك بأنك في حديقة غنّاء ويشعرك بقيمة حياتك الحقيقية.