الجزائر - الجزائر اليوم
تحيي المرأة الجزائرية اليوم، على غرار دول العالم، اليوم العالمي للمرأة في ظروف مغايرة على ضوء التطورات السياسية التي عرفتها البلاد، حيث كانت طرفا فاعلا في الحركية التي عرفتها الجزائر منذ انطلاق الحراك الشعبي والذي أدى إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية يوم 12 ديسمبر الماضي، فقد دأبت شريحة النساء على غرار شرائح المجتمع الأخرى على النزول إلى الشارع، عندما يتعلق الأمر بمصلحة البلاد، وهي في سياق إرساء "الجزائر الجديدة" تتطلع إلى المزيد من الإنجازات لصالح البلاد عبر فسح المجال للعنصر النسوي من أجل الإسهام في بناء جزائر الغد التي حلم بها الشهداء.
ولا يختلف اثنان في أن مشاركة المرأة الجزائرية في الحراك الشعبي لعدة أشهر شكلت علامة فارقة في قوة وتماسك المسيرات السلمية ضد الفساد والاستبداد، وضمنت القوة العددية للمرأة التي تشكل نصف المجتمع عامل أمان لاستمرار هذا الحراك بسلميته وتحضره، لتترك بذلك المرأة بصمتها في رسم مستقبل البلاد.
فالمرأة الجزائرية انتفضت بالأمس، ضد المستعمر الغاشم لكي تعيش الأجيال القادمة في كنف الحرية والاستقلال، حيث كانت في مقدمة المتصدين للغزو الاستعماري على غرار لالة فاطمة نسومر، وكانت في القرن الماضي، قوة فاعلة في صفوف ثورة نوفمبر المظفرة مجاهدة لا تخور لها عزيمة، مثل حسيبة بن بوعلي والأمهات اللائي كن يرسلن أبناءهن للالتحاق بكتائب جيش التحرير الوطني، وربات العائلات المسبلات اللواتي كن يطعمن ويلبسن المجاهدين، وأمهات الشهداء الأمجاد اللواتي تصدح حناجرهن بالزغاريد لتشجيع المجاهدين، لتصبح بعد الاستقلال شريكا فعالا في معركة البناء والتشييد.
وفيما كانت المرأة الجزائرية طرفا فعالا في استتباب الأمن والسلم بعد سنوات جحيم المأساة الوطنية، أثبتت مرة أخرى أنها عنصر فاعل في كل ما يطرأ على البلاد من تغيرات وتطورات في كافة مناحي الحياة باعتبارها نصف المجتمع، فمثلما عبرت عن رفضها للممارسات السابقة وكل أشكال الفساد والنهب الذي طال خيرات البلاد، فإنها أكدت بأنها ستكون دوما في الجبهات الأمامية في مواجهة التهديدات التي تترصد بالبلاد، وضد الأجندات الخارجية التي تريد إدخال الجزائر في دوامات غامضة.
وقد سايرت المرأة الجزائرية المسارات السياسية للبلاد إلى غاية تنظيم الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي خص برنامجه الرئاسي حيزا لدور المرأة في سياق بناء الجزائر الجديدة، قناعة منه بالدور المحوري الذي تمثله في المجتمع، مركزا على حمايتها اجتماعيا ومعنويا، إلى جانب حمايتها من العنف وتمكينها من لعب دورها الريادي اقتصاديا، عبر العمل على إطلاق برنامج اقتصادي جواري وتمكينها من الحصول على قروض بنكية للمساهمة في الرفع من مستوى دخل العائلة.
وكان السيد تبون قد وعد خلال حملته الانتخابية أن يكرس المساواة بين الرجل والمرأة باعتبارها "مواطنة مثلها مثل الرجل ولديها كامل الحقوق"، مشيرا إلى أنها "ليست ديكورا ولن تصبح كذلك"، لاسيما وأن البلاد تزخر بالكثير من الإطارات النسوية النابغات والمثقفات والجامعيات، وهي طاقات وجب استغلالها من أجل النهوض بالجزائر، كما وعد بوضع برنامج خاص بالماكثات في البيوت حتى يساهمن في النهوض بالاقتصاد الوطني حتى وهن موجودات في منازلهن، وذلك بفتح بنك لاستثمارات المرأة، ليكون لهذه الفئة من النساء حظا في التنمية ومن ثم تمكينها من العمل من بيتها في مشاريع صغيرة، تحقق لها الاكتفاء والرفاهية وتسهل عليها مساعدة زوجها إن كانت ربة بيت، أو نفسها في حال ما كانت غير متزوجة.
ورغم الترسانة القانونية التي سنت خلال الأعوام الماضية بهدف تحسين أوضاع النساء، إلا أن المرأة مازالت تتطلع لافتكاك المزيد من الحقوق لاسيما منها السياسية، حيث نجدها مغيبة في المناصب العليا في وقت يلجأ إليها المترشحون، عندما يتعلق الأمر بالانتخابات رغم أنها تسعى إلى المشاركة الكاملة مع الرجل في مجالات الحياة، وتمكنت من فرض نفسها بقوة في الساحة الوطنية.
ورغم تسجيل خطوات مشجعة في تحسين حقوق المرأة خلال السنوات الأخيرة، فإن العديد من النقائص مازالت تشوبها، ولعل أبرزها ظاهرة العنف التي مازالت تعاني منها هذه الشريحة والتي تقف وراءها عدة أسباب، أبرزها التفكك الأسري الذي شهد ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، مما يدعو إلى دق ناقوس الخطر. ومن أبرز مطالب المرأة الجزائرية أيضا، رفع إجازة الأمومة إلى ستة أشهر بدل الحالية المقدرة بـ98 يوما، إضافة إلى تعميم قرار العمل بدوام جزئي حتى يتسنى لها تربية أبنائها تربية سليمة.
وعليه، فإن إحياء يوم 8 مارس ليس وقفة مطلبية لتكريس حقوق المرأة فحسب، وإنما فرصة أيضا للتقويم لأن التحدي اليوم يكمن في الاقتراب من المناصفة بين الجنسين في مجال الشغل، بعدما كانت المساواة في مجال الأجور مكسبا للجزائريات منذ الاستقلال. ومن هذا المنطلق، تراهن المرأة على أن يضمن الدستور القادم حيزا أكبر لتكريس مكانتها ومواصلة ترقيتها إلى غاية وصولها إلى مناصب المسؤولية حتى تشارك في صنع القرار، ومن ثم إضفاء النوعية على طرق التسيير وإدارة الشأن العام على ضوء المؤهلات التي تتمتع بها.
في حفل بمناسبة عيدها العالمي
بلجود يدعو المرأة إلى يقظة أوفر
دعا وزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود، أمس، بمركز الترفيه والرياضة للأمن الوطني بباينام بالعاصمة، المرأة الجزائرية إلى يقظة أوفر من أجل إدراك ما يحيط بنا جميعا للحفاظ على النظام العام ومؤسسات الدولة.
وأشار وزير الداخلية، خلال إشرافه أمس، على حفل نظمته المديرية العامة للأمن الوطني، بمناسبة عيد المرأة المصادف للثامن ماي، إلى التضحيات التي قدمتها المرأة، إلى تحسين دور المرأة والأهمية التي تحظى بها في برنامج رئيس الجمهورية، الذي ما فتئ يؤكد على تحسين وتعزيز حقوقها.
وفي هذا الصدد أكد المتحدث حرصه على تثمين العنصر البشري وخاصة النسوي، وترقية معارفه بتوفير كل المتطلبات اللازمة لذلك دعما لدولة القانون.
من جهته ذكر المدير العام للأمن الوطني، في رسالة قرأتها نيابة عنه عميد الشرطة صحراوي نادية، بالمحطات التاريخية الهامة التي برزت فيها المرأة، والتضحيات التي قدمتها، حيث أثبتت كفاءتها العالية في مختلف المناصب التي تقلدتها.
يذكر أنه تم تكريم مجموعة من النساء من الإعلاميات ووزيرات سابقات ومجاهدات وأعضاء من البرلمان وموظفات ومتقاعدات من الأمن الوطني.
قد يهمك ايضا: