السيدة أم حسن

تمثّل "أم حسن" أحد النماذج النسائية التي يجب تسليط الضوء عليها، فالسيدة الأربعينية تعمل في صناعة معدّات النجارة في "عزبة البط" بمحافظة دمياط، وتمتلك شخصية جدية في سوق عملها، وعلى الرغم من كونها المرأة الوحيدة في هذا المجال إلا أنها تقف في ورشتها كأي رجل يعمل في أخرى مجاورة لها، فلم تهاب اقتحام سوق الرجال والعمل بينهم، بعدما تغيّرت حياتها وانقلبت بين ليلة وضحاها، لتجد نفسها مسؤولة عن تربية أبنائها الأربعة بعد وفاة وزجها قبل 13 عامًا، حيث تجاهلت الكثير من احتياجاتها من أجلهم، وعلى الرغم من الألم الذي يسيطر علي ملامح وجهها، إلا أن ابتسامة الرضا لا تفارقه.

وتروي أم حسن قصتها قائلة "زوجي كان يعمل أوميجي، وكنت أعتاد على الذهاب للجلوس معه يوميًا في ورشته بعد مغادرة العمال وكنت أساعده أحيانًا في رص وترتيب المعدات، في تلك الأثناء تعلّمت منه أصول الحرفة التي أعمل بها الآن والتي تُسمى بالدوسر"، مردفة "ظهرت ماكينة الدوسر مؤخرًا وهي ماكينة تعمل على صناعة معدات خشبية بديلة للمعدنية تستخدم في صناعة الأثاث، كما تُستخدم في تصنيع المعدات المستخدمة في النجارة كفرشة الغراء وغيرها، وبدأ زوجي يعلمني كيفية استخدام الماكينة وتصنيع المعدات"، مضيفة "قبل وفاته بأيام قالي الشغلانة دي هاتبقى أكل عيشك انتي وولادنا بعد ما أموت، وقد كان" .

وذكرت "بعد وفاته بالفعل قررت النزول للعمل بورشته كنجّارة إلى جانب عملي على ماكينة الدوسر ولكني لم أتمكن من الاستمرار لعدم قدرتي على تحمل تكاليف الخشب، فاكتفيت بالعمل على ماكينة الدوسر فقط، اشتريت منشار وماكينة وبدأت العمل".

وبشأن الصعوبات التي واجهتها قالت أم حسن "تعرّضت للكثير من الانتقادات في البداية، وبدأ الجميع يحاصروني بأسئلة من نوع هاتتعاملي مع الرجالة إزاى والناس هاتقول إيه وانتي أرملة؟، ونصحوني بمشاريع تجارية أخرى مثل التجارة في الملابس أو السلع الغذائية، ولكني فضلت العمل بصنعتي التي تعلمتها من زوجي لأنفذ وصيته"، وتابعت "بعض أفراد عائلتي وأهل الخير عرضوا مساعدتي والتكفّل بي وبأولادي ماديًا، ولكني رفضت، لأني مش هاكسر عيني وعين ولادي وأمد إيدي لحد، واعتمدت على الله وبدأت عملي في السوق وأجبرت الكبير قبل الصغير على احترامي وكبرت في السوق وبدأت أشغل ناس معايا".

وفي ختام حديثها أوضحت أم أحسن أنها لم تشأ أن تكن من النساء المغلوبات على أمرهن و تستجدي استعطاف المجتمع، قائلة "الست زي الراجل بالظبط هو عنده دراع وعقل وهي كمان، والشغل مش عيب".