بغداد – نجلاء الطائي
عادت الناشطة الحقوقية الإيزيدية نادية مراد، إلى قريتها "كوجو" قرب بلدة "سنجار"، غرب مدينة الموصل، شمالي العراق، بعد تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، في وقت تباشر كندا ببرنامج لإنقاذ نحو 1000 امرأة عراقية من الايزيديات المحررات من أسواق نخاسة تنظيم "داعش"، وقبل نحو ثلاث سنوات ولدى سيطرة "داعش" على سنجار والمناطق المحيطة بها، وهي معقل الايزيدية في العراق، احتجز مسلحوه آلاف الايزيديات وبينهم "مراد" التي نجحت في الفرار منهم لاحقًا.
واستعاد "الحشد الشعبي" (قوات شيعية موالية للحكومة العراقية) قرية "كوجو" من تنظيم "داعش" في 25 أيار/مايو الماضي، وبعد يومين قامت بتسليمها إلى مقاتلين ايزيديين، وغادرت "مراد"، التي اختارتها الأمم المتحدة سفيرة للنوايا الحسنة، آخر مرة قريتها وهي بيد مقاتلي "داعش" كـ"سبية"، لكنها عادت اليوم، في مشهد حافل بالمشاعر عند استقبالها من المقاتلين العراقيين المنتشرين في القرية.
وفي مؤتمر صحافي عقدته "مراد" من قريتها، الخميس، قالت: إن "مسلحي تنظيم "داعش" قتلوا الآلاف من الرجال الايزيديين في بلدة سنجار، وسبوا آلاف النساء، وأن أميرًا في التنظيم يدعى (أبو حمزة الخاتوني) هو من أفتى لأول مرة بقتل الرجال الايزيديين وسبي نسائهم".
وتابعت "مناطقنا أصبحت مدمرة ولم يتبق منها شيء"، داعية المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة لإعادة تأهيل قرى ومناطق الايزيديين التي دمرها التنظيم المتطرف .
وسيطر "داعش" على سنجار في آب/أغسطس من العام 2014، وقام بشكل منهجي بقتل وأسر واستعباد آلاف السكان الايزيديين، واحتجز مسلحو التنظيم "نادية مراد"، التي يبلغ عمرها حاليًا 23 عامًا، ونقلوها إلى معقل "داعش" في الموصل، لكنها نجحت في الهرب منهم في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، ووصلت إلى مخيم للاجئين، قبل أن تنتقل إلى ألمانيا.
ومنذ ذلك الحين تحولت "مراد" إلى ناشطة مناصرة للايزيديين وحقوق اللاجئين والمرأة، وشاركت في حملات عالمية ضد الاتجار في البشر، وتدعو "مراد" إلى اعتبار المذبحة التي ارتكبها "داعش" ضد الايزيديين "إبادة جماعية"، والعام الماضي، منح البرلمان الأوروبي "مراد" جائزة "أندريه سخاروف" لحقوق الإنسان وحرية التعبير، والايزيديون مجموعة دينية، يعيش أغلب أفرادها قرب الموصل (شمال)، ومنطقة جبال سنجار في العراق، فيما تعيش مجموعات أصغر في تركيا، وسوريا، وإيران، وجورجيا، وأرمينيا
وفي غضون ذلك باشرت كندا ببرنامج لإنقاذ نحو 1000 امرأة عراقية من الايزيديات المحررات من أسواق نخاسة تنظيم "داعش
وقبل مشروع الحكومة العراقية، وجهود كندا، عملت ألمانيا على برنامج علاج أكثر من 1000 ناجية ايزيدية، من اللواتي أقتادهن تنظيم "داعش" سبايا للمتاجرة الجنسية، في مطلع آب/أغسطس 2014، من القرى بعد إبادة ذويهن وتنفيذ مقابر جماعية بهم أكتشف حديثا في سنجار غربي الموصل، شمال البلاد.
وتحدثت الأكاديمية بشرى العبيدي، عضو سابق في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، عن مشروع "دعم النساء الناجيات من قبضة تنظيم داعش " بعد موافقة الأمانة العامة لمجلس الوزراء عليه، حديثاً، قائلة "إن المشروع يتضمن أكثر من 14 توصية، لكل واحدة منها تتضمن عددا من الإجراءات، ووجهات التنفيذ ستكون (حكومية، منظمات دولية، منظمات مجتمع مدني, وخبراء)".
وعددت العبيدي، أبرز التوصيات التي تضمنها المشروع، ومنها " تأمين دور آمنة لإيواء وتأمين الناجيات وأيضا الدعم والمساعدة القانونية، والدعم الصحي والنفسي، وإعادة التأهيل، وتوثيق الانتهاكات وتخصيص لجان تحقيقية تكون مهمتها التحقيق في الجرائم والانتهاكات التي تعرضت لها الناجيات، وأيضاً، يتضمن المشروع، التحرك على كل من رجال الدين، والعشائر لتأمين حماية الناجيات من العنف الجنسي والعمل على تحقيق التسامح والسلام في مناطقهن، مع توفير فرص عمل وتعليم لهن، وغيرها الكثير جداً من الإجراءات الضرورية لهن، حسبما ذكرت العبيدي.
وعن من فئة النساء المشمولات بالمشروع، أكدت العبيدي، أن الفئات المستهدفة تشمل كل النساء اللواتي نجين من "داعش" بمختلف انتماءاتهن ودياناتهن، المهم إنها كانت ضحية إرهاب، وبشأن أولى انجازات الفريق المشكل لتنفيذ المشروع، أعلنت العبيدي، بانها ابتدأت منذ مدة وكانت أولى الخطوات بشأن توفير البيوت الآمنة، وكانت هناك مخاطبة مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لإنشاء قسم في الوزارة مهمته إدارة هذه البيوت، وبعدها العمل على تخصيصها للناجيات.
وتقول العبيدي، "حقيقة من وجهة نظرنا أن توفير سكن آمن للناجيات، هي أهم خطوة وحجر الأساس الذي تنطلق منه بقية الخطوات، الشعور بالأمن داخل سكن آمن لا يضاهيه شعور أخر"، وذكر بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء، ورقة "دعم النساء الناجيات من قبضة تنظيم "داعش" ،تضمنت أنفاً توفير الدعم القانوني والصحي والنفسي والتمكين الاقتصادي والتعليمي للناجيات، إضافة إلى تخصيص دور إيواء أمنة لهن وإنشاء مراكز متخصصة لتوثيق الجرائم والانتهاكات التي تعرضت لها النساء العراقيات على يد تلك التنظيمات .
وأضافت الأمانة العامة، كما تضمنت هذه الورقة دعوة رجال الدين من جميع الديانات والمذاهب للعمل على مد جسور المحبة والتواصل بينها واستذكار الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها عصابات "داعش"، وملاحقة الجناة وإحالتهم للمحاكم العراقية المختصة، الناجيات اللواتي تلقين دعما وتمكين وعلاج نفسي، حتى الآن هن الفتيات والنساء الايزيديات، وأطفالهن إثر ما تعرضن له من استعباد جنسي وعنف الأشد نوعا على الأرض بيد تنظيم "داعش" الذي اقتادهن من قرى وقضاء سنجار غربي الموصل، مركز نينوى شمال العراق، سبايا وجاريات لقادته وعناصره الذين تناوبوا على اغتصابهن وبيعهن بأثمان بخسة في أسواق رقيق ونخاسة افتتحوها خصيصا لهن ولأطفالهن ما بين الأراضي العراقية والسورية.
وأكد رئيس منظمة (Luftbrücke Irak e. V) التي تعني بالعربية "الجسر الجوي العراقي- الألماني"، ميرزا حسن دنايي، انتهاء انجاز البرنامج الخاص بولاية بادن فورتمبيرك الألمانية، الذي شمل (1100) امرأة وفتاة وطفل، من المكون الايزيدي، من ضحايا جرائم تنظيم "داعش".
وذكر ميرزا، لم يكن هناك برنامج أخر لنقل الناجيات لأية دولة أوروبية، متداركاً، لكن في الآونة الأخيرة بدأت كندا ببرنامج بالتنسيق مع مفوضية اللاجئين، يفترض أن يشمل ١٢٠٠ شخص (الناجيات الايزيديات، وعائلاتهن)، ويقول ميرزا، "أرى من الضروري أن يتم تبني برامج أخرى من آجل إعادة تأهيل الضحايا خارج البلاد".
وبشأن الايزيديات اللواتي، أنهت ألمانيا علاجهن، كشف ميرزا، بإنهن يتمتعن بكافة حقوق اللاجئ، ولكن كمواطنين عراقيين مع أطفالهن ويستطعن السفر إلى بلادهن في أي وقت، لأن الإقامة الممنوحة لهن على جواز سفر عراقي، بخلاف اللاجئين الذين يمنعون من زيارة بلداهم، ونوه ميرزا، إلى أن برنامج علاج الناجيات في ألمانيا، حدد العدد بـ(1000) شخص (ناجية وأطفال)، لكن استطعنا أن نساعد 100 آخرين إضافة إلى الألف.
وكانت دفعات من الناجيات الايزيديات اللواتي استطعن الهرب والتحرر من قبضة المتطرفين، توجهت إلى ألمانيا منذ عام 2015، لتلقي العلاج الطبي والنفسي بعد أيام أليمة من الرعب والتعذيب والوحشية التي مورست بأجسادهن وتاريخهن وقرائهن وكل ما لديهن من مذكرات وعائلات أبادها التنظيم المتطرف واختطف نحو 5 آلاف غالبيتهم من النساء والأطفال.