الرياض ـ العرب اليوم
عندما نتحدث عن الرموز أو العمالقة في الفن العربي، نتذكر السعوديات اللاتي لمعن في سماء الأغنية الخليجية مثل الفنانة توحه، وابتسام لطفي، وثريا قابل، والفنانة عتاب، فقد أثرن الساحة الفنية بأغان مازالت محفورة في ذاكرة التاريخ، ويتغنى بها كبار الفنانين، رغم صعوبة الظهور آنذاك إلا أنهن قدمن للأغنية السعودية طريقاً حتى وصل للعالم العربي.
"العربية نت" في هذا التقرير ترصد أهم وأبرز السعوديات اللاتي لمعن في رحلة الأغنية السعودية.
توحه.. أم كلثوم السعودية:
اسمها الحقيقي "فتحية حسن يحيى" من مواليد محافظة الأحساء شرق السعودية، التي كان والدها في تلك الفترة يعمل فيها منتدباً، كانت نشأتها فنية، فوالدها كان مطرباً وشقيقها كان كاتباً وشاعراً غنائياً، ووالدتها ناقدة فنية، فتفتح إحساسها الوجداني على هذا الجو العائلي الفني، تعلمت الدروس الفنية وأسرار الموسيقى والمقامات وأصول العزف، عندما اصطحبها والدها إلى القاهرة، لترسم أولى معالم رحلة فنية طويلة، امتدت نحو نصف قرن اشتهرت فيها بلقب "أم كلثوم الأغنية السعودية" كما أنها التقت بأم كلثوم مرتين.
وهي أول صوت نسائي قدم السامري وأغنيات التراث، وأدت معظم الألوان الغنائية "الدانة، المجرور، الحدري، المجسات والأغنيات الخفيفة".
بدأت علاقاتها الفعلية بالغناء في بداية الستينات الميلادية، وحققت الانتشار في منتصفها عن طريق الاسطوانات بأغنية "خايفة أقول لك كلام" من كلمات صالح جلال ولحن مشترك بينها وبين شقيقها والمطرب فوزي محسون.
ابتسام لطفي
مسيرتها امتدت لأكثر من 50 عاماً برزت كمطربة وملحنة، تعتبر من الرعيل الأول من الفنانات السعوديات كما أنها كانت عازفة محترفة على آلة العود وقدمت أكثر من 450 أغنية، ومن أشهر أغانيها، "أشر لي بالمنديل" و"على العقيق اجتمعنا" و"استحلفك بالله" و"بين مكة وجدة عقلي أنا رايح" .
"ابتسام لطفي" الحنجرة السعودية الذهبية:
اسمها الحقيقي خيريه قربان وولدت كفيفة، وبرغم أنها صادفت حين ظهورها عربياً عمالقة الفن العربي أمثال أم كلثوم، والفنانة السورية سعاد محمد، وفيروز، وفايزة أحمد، ونجاة الصغيرة وغيرهن، إلا أنها فتحت جانباً مهماً لدى المهتمين في المجال الغنائي العربي، والاتجاه قصرياً لمداعبة حنجرتها الذهبية، عبر أنامل ملحني الوطن العربي الكبار.
وعندما أرادت "ابتسام لطفي" الدخول في الغناء صادف أن الفنانة (توحة) قد سبقتها في ترديد وغناء الموروث، وصياغة الجمل اللحنية المعبرة، ولذا كانت هي الأخرى تريد أن تنطلق كغيرها!! ولكن بالطريقة التي تراها عطفاً على إمكانياتها الكبيرة، في ذلك الوقت تعتبر (ظاهرة) غريبة تطل من السعودية على كافة الأوطان العربية عن طريق الإعلام الذي لا يرى في ذلك الوقت إلا النجوم الكبار، وفي أواخر 1970م ابتدأت في الظهور تدريجياً لتقدم الأعمال الواحدة تلو الأخرى منها الوطنية والعاطفية والشعبية وأغاني الأفراح والأعياد، بل إنها تغنت بأعمال الملحنين شاملة ترجمة أحاسيسهم، عازفة للعود وتأثرت كثيراً بأم كلثوم.
ثريا قابل
اختار الفنان طلال مداح اسمها الفني ابتسام لطفي تعبيرا عن ابتسامتها ولطفها، من ألقابها سيدة الغناء الخليجي، كوكب الجزيرة، أم كلثوم الصغيرة، شادية العرب، ومن أشهر أغانيها "سافرو ولاودعوني، ودعتك الله يا مسافر، لا لا يالخيزرانه، ياسارية خبريني" .
السيرة الخالدة لـ "ابتسام لطفي" تحدثت عنها أعمالها الكثيرة والكبيرة، وعلى جميع الأذواق والفئات، فقد غنت الأغنية الطويلة المكبلهة والموشح والقصيدة والطقطوقة والنشيد والفلكلور.
"ثريا قابل" تغنى بكلماتها أشهر الفنانين السعوديين:
ولدت في حارة المظلوم بمدينة جدة القديمة، ويرتبط اسمها بأحد أعرق الشوارع التجارية القديمة في جدة "شارع قابل"، واشتهرت بالشعر الشعبي، حتى لقبت بصوت جدة، و كونت مع الراحل فوزي محسون، عمودين أساسيين في حقبة الشعر الغنائي، هي صاحبة أول ديوان شعري فصيح نسائي مطبوع في تاريخ المملكة، ومن أشهر أشعارها الغنائية " من بعد مزح ولعب، قديمك نديمك، جاني الأسمر جاني، واحشني زمانك، سبحانه".
تقول الأديبة والشاعرة ثريا قابل "إن دخولي في كتابة الأغنية، كانت عن طريق عائلات كانت تربطهم علاقة مع طلال مداح، وكان يزورهم ويغني عندهم، فطلب طلال منهم أن يخبروني أنه يرغب بأن أكتب له قصيدة كي يغنيها، فكتبت كلمات بتركيبة غنائية مختلفة، فكانت أسطوانة "بشويش عاتبني بشويش"، نجحت في ذلك الوقت، وأصبح الكل يعرفني رغم أني شاعرة فصيح، ولا أكتب قصائد مغناة، لكن صوت طلال المفرط في العذوبة جذبني إلى درجة جعلت مني أحمد رامي السعودية، ثريا قابل من أهم الأسماء النسائية في تاريخ الأدب السعودي" .
"ثريا قابل" الأنشودة الدائمة للقصيدة الغنائية الرحبة، ثريا حفرت في تاريخ الأغنية السعودية، ونطقت بها إلى الخاطرة وتحدثت بالقصائد الغنائية المموسقة ذات السلطة الأعلى في انجرار الأنغام إليها؟!
الفنانة عتاب
ودخولها عالم الأغنية بقصيدة "بشويش عاتبني بشويش" التي غناها الراحل طلال مداح امتداداً لأغنية "من بعد مزح ولعب"، و تعاونت مع عدة فنانين كبار من ضمنهم المطرب الراحل فوزي محسون في "جاني الأسمر جاني" وانتهاء بمحمد عبده في "واحشني زمانك" وأحلام في "كأني عمري ما حبيت" وكاظم الساهر، من ألقابها "شاعرة خنساء القرن" ، كما تعتبر من أوائل الأسماء النسائية السعودية التي كتبت باسمها الحقيقي.
"عتاب" وقصة اختيار اسمها الفني:
لسمها "طروف عبدالخير آدم طلال" الشهيرة بـ"عتاب" من مواليد الرياض عام 1947، ودخلت الوسط الفني في سن مبكرة، وهي لا تتجاوز 13 عاماً، عندما اكتشفها الفنان طلال مداح وكان لصوتها الجميل وعشقها للفن دور في ذلك.
اختارت لها المعلمة لقب عتاب لرمزيته العاطفية، وفي تلك الفترة كانت الطفلة السمراء البشوشة تغني في الأفراح وتصاحبها في العزف على العود فنانتان (سارة عثمان) و(حياة الصالح)، وفي عام (1966) قدمت أولى أغنياتها بعنوان "لا يا بنت" من ألحان فوزي السيموني، ومن ثم سجلت مجموعة من الجلسات الغنائية لتلفزيون الكويت بصحبة الفنان حيدر فكري فغنت "يعني كيف" و"الله حسيبك" و"ودعتك الله".
بعد ذلك ارتفع صيت النجمة الشابة خليجياً، وفي السبعينات الميلادية غنت في حفلة للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وقدمت لونا من الفلكلور السعودي بصحبة فرقة نسائية.
ورغم إقامتها الطويلة في مصر، إلا أن عتاب حافظت على هويتها الموسيقية بإخلاصها للأغنية الخليجية والسعودية على وجه التحديد، فلم تتجه للغناء بغير لهجتها إلا في مناسبات معدودة، وتقول عتاب عن ذلك في أحد حواراتها: "لا يمكن أن يشعر الفنان بالكلمات طالما يغني بلهجة غير لهجته"، وفي فترة إقامتها هناك افتتحت مسرحاً غنائياً في القاهرة يحمل اسم "مسرح عتاب".
الفنانة توحه
وكانت تربطها علاقة مميزة بأشهر نجوم الأغنية السعودية رغم إقامتها الطويلة في مصر، وغنت مجموعة من الأعمال الناجحة التي لقيت أصداء واسعة منها: (جاني الأسمر) كلمات ثريا قابل وألحان فوزي محسون، و(اسمعوا شكوتي) كلمات عبدالله الناصر وألحان فهد بن سعيد، و(أحطك في قلبي) فلكلور سعودي و(هذا قمرنا) كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن وألحان سراج عمر و(من فينا يا هل ترى) كلمات يوسف رجب وألحان سراج عمر، كذلك غنت لأهم الأسماء الفنية على مستوى اللحن والكلمة مثل الأمير خالد الفيصل، والأمير خالد بن يزيد، وفائق عبدالجليل، وثريا قابل، وطلال مداح، وسراج عمر ، وفوزي محسون ويوسف المهنا، ورحلت عتاب عن الدنيا في 19 آب/أغسطس عام 2007، في القاهرة بعد معاناة مع سرطان الثدي.