الحجر الصحي

يلقى قرار الحجر الصحي الشامل المفروض على ولاية البليدة منذ 20 يوما للحد من تفشي فيروس كوفيد-19، تجاوبا واسعا من طرف السكان القاطنين وسط المدينة في حين تتباين النسبة بباقي البلديات، رغم التكثيف من حملات التحسيس لتفادي الاصابة بالوباء، ما دفع بالكثيرين للمطالبة بأساليب ردعية أكثر في حق المستهترين، حسبما لوحظ.
فالمتجول بأحياء وشوارع وسط مدينة البليدة شبه الخالية يقف على تجاوب سكانها مع إجراءات الحجر المنزلي الرامية لتطويق فيروس كورونا ومنع تفشيه عقب تسجيل الولاية لأعلى معدل من الإصابات، بحيث اختفى ضجيج السيارات التي كانت تتسبب في أزمة السير الخانقة على مدار ساعات اليوم وكذا المارة الذين تحصنوا ببيوتهم للوقاية من هذا الفيروس الذي فقدت بسببه عديد العائلات البليدية أحباءها. كما حل السكون بأهم الشوارع الرئيسية التي كانت تعج بالحركة على مدار ساعات اليوم بالنظر للعدد الكبير للمحلات التجارية والمطاعم المتواجدة بها على غرار شارع “محمد بوضياف” المعروف بشارع 20 مترا وشارعي “كريتلي مختار” و”العربي التبسي” و”ساحة الحرية”.

ويلاحظ أيضا التزام أصحاب هذه المحلات التجارية والمطاعم الموزعة عبر جل الشوارع الرئيسية للمدينة بقرار تعليق نشاطهم إلى غاية إشعار لاحق باستثناء المحلات المخولة لها ممارسة نشاطها بشكل عادي إلى غاية الساعة الثالثة زوالا لضمان تموين المواطنين بمختلف حاجياته الضرورية من غذاء ودواء (محلات البقالة والملبنات والقصابات وكذا الصيدليات). فمع ساعات الصباح الأولى، تشهد شوارع وسط المدينة حركية نوعا ما، إذ يخرج عدد ضئيل من المواطنين لاقتناء حاجياتهم مرتدين الكمامات التي أضحى ارتداؤها أمرا بديهيا وضروريا للوقاية من الإصابة بهذا الفيروس، ليعم الهدوء والسكون مرة أخرى أرجاء المدينة مع حلول الظهيرة. فبإحدى مساحات بيع المواد الغذائية أكد لـ/وأج أحد زبائنها الذي كان يقف في الطابور لتفادي دخول أكثر من ثلاثة أشخاص إلى المحل والذي حرص كغيره على ارتداء الكمامات، أنه يتفادى الخروج من المنزل إلا عند الضرورة القصوى، خاصة وأنه شخص متقاعد، معترفا بصعوبة تقبل هذه الوضعية على الجميع. وأضاف أنه منع أولاده الثلاثة من الخروج بالرغم من عدم تقبلهم هم أيضا إلى غاية الآن فكرة المكوث بالبيت، غير أنه عاد ليؤكد أن خطورة الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد والولاية خاصة التي تعد الوحيدة التي تم إخضاعها للحجر الصحي الشامل عقب تسجيلها لأكبر عدد من الإصابات التي تجاوزت 500 حالة إصابة، تحتم على الجميع الالتزام بالحجر المنزلي.

تجاوب نسبي لقرار الحجر الصحي عبر باقي البلديات
وعلى النقيض تماما تشهد أغلبية بلديات الولاية بما فيها المحاذية لعاصمة الولاية تجاوبا نسبيا مع قرار الحجر الصحي الشامل الذي يكاد يدرك أسبوعه الثالث بالرغم من دعوات البقاء بالمنزل لتفادي الاصابة بفيروس كورنا الذي أضحى يشكل هاجس جميع سكان العالم. فلا مناشدات الأئمة عبر مكبرات المساجد ولا دعوات مصالح الأمن التي تجوب بشكل دوري مختلف الأحياء والشوارع لحث المواطنين على التحصن ببيوتهم وجدت أذانا صاغية، بحيث لم يتغير نمط الحياة اليومية كثيرا بجل بلديات الولاية باستثناء غلق المحلات والمقاهي على غرار بلدية بوعرفة المحاذية لعاصمة الولاية (غربا) حيث لا يزال سكانها من مختلف الأعمار يتجمعون بأحيائها غير آبهين بخطورة مثل هذه التصرفات في مثل هذا الوضع الصحي الخطير. وأرجع عدد من سكان هذه البلدية -التي فقدت إحدى عائلاتها أربعة أشخاص بسبب إصابتهم بهذا الفيروس- ممن صادفتهم “وأج” أسباب عدم التزامهم بقرار الحجر المنزلي إلى استحالة البقاء بالمنزل طيلة اليوم خاصة أن العديد منهم يعيشون في منازل لا يزيد عدد غرفها عن ثلاثة، مؤكدين أن التزام القاطنين بوسط المدينة راجع إلى الإجراءات التي اتخذتها مصالح الأمن، لاسيما ما تعلق “بغلق جل المسالك التي تربط الشوارع ووضع الحواجز الحديدية بالإضافة إلى تكثيف دوريات المراقبة وليس بسبب ارتفاع نسبة الوعي لديهم كما يخيل للبعض”.

وفي هذا السياق أبدى شاب في العقد الثالث من العمر امتعاضه من هذا القرار الذي تسبب في فقدان مصدر رزقه، مؤكدا أنه يحرص على الالتزام بتدابير الوقاية على غرار تفادي السلام بالأيدي وكذا غسل اليدين بشكل مستمر بالإضافة إلى تفادي التواصل مع والديه الكبيرين في السن. ولم يختلف الوضع كثيرا ببلدية بوفاريك التي يتواجد بها المستشفى الذي يرقد به عدد معتبر من المصابين بهذا الفيروس حيث يلاحظ الزائر لهذه المدينة اللامبالاة التي يتعامل بها المواطنون مع هذه الأزمة غير آبهين بخطورة الوباء وهي نفس المظاهر المسجلة ببلدية بوقرة التي اضطر رئيس بلديتها إلى التصعيد في خطاباته الموجهة للمواطنين محذرا إياهم من الاضطرار إلى تسخير القوة العمومية لحملهم على البقاء بالمنزل عقب فشل كل الحملات التحسيسية والتوعوية حول خطورة هذا الفيروس.

إجراءات ردعية قي حق المخالفين لقرار الحجر الصحي
وأمام هذا الوضع وبالرغم من الحملات التحسيسية التي انخرطت فيها مختلف الهيئات العمومية وكذا جمعيات المجتمع المدني لإقناع المواطنين أن السبيل الوحيد لتفادي الإصابة بهذا الفيروس هو البقاء بالمنزل، لجأت مصالح الأمن إلى الجانب الردعي في ظل تعنّت الكثيرين، لاسيما الشباب. وبحسب الحصيلة التي كشفت عنها مصالح أمن الولاية فقد تم منذ بداية تطبيق الحجر الصحي الشامل بتاريخ 24 مارس المنصرم توقيف 1978 شخص لعدم التزامهم بإجراءات الحجر المنزلي حيث قامت بإنجاز ملفات جزائية ضدهم وإرسالها إلى العدالة ليتم بعدها إخلاء سبيلهم بالإضافة إلى وضع 811 سيارة و307 درّاجة نارية بالمحشر. وفي هذا السياق تأسف الملازم الأول، محمد شلالي التابع لخلية الإعلام والصحافة بأمن الولاية، لسماح بعض المواطنين لأطفالهم بالخروج بالرغم من تحذيرات المختصين معرضين حياتهم وحياة أبنائهم للخطر، مؤكدا أن مصالح الأمن لن تتوانى في تطبيق القانون في حق المخالفين داعيا الجميع إلى المساهمة في مكافحة هذه الجائحة من خلال الالتزام بالبقاء بالمنزل وفقط.

من جهتها، دعت رئيسة خلية الإعلام والتوجيه بالمجموعة الولائية للدرك الوطني الملازم الأول أمال مزهود، المواطنين إلى عدم التردد في الاتصال بالرقم الأخضر 1055 للتبليغ عن المخالفين للحجر الصحي ممن يعرضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر، مشيرة إلى تكثيف مصالح الدرك لحملاتها التحسيسية لحث المواطنين على عدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى. ويبقى الجانب الردعي هو السبيل الوحيد لإجبار المتعنتين والمخالفين لإجراءات الحجر الصحي، بعدما نجح العمل التوعوي والتحسيسي الذي انخرطت فيه مختلف الهيئات العمومية والجمعيات وحتى رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إقناع عدد كبير من الساكنة بالتزام منازلهم

قد يهمك ايضا :

الإطاحة بعصابة خطيرة تورطت في جرائم أثناء الحجر الصحي بالوادي ‎

شاهد : كإجراء احترازي في ظل إجراءات الحجر الصحي للحد من تفشي الوباء