لندن - العرب اليوم
اجتاحت موجة البرد التي أطلق عليها اسم (وحش من الشرق) والعواصف الثلجية الآتية من سيبيريا، العديد من الدول الأوروبية، وتسبب أسوأ طقس منذ عام 1991 في تقطع السبل بالمئات من قائدي السيارات خلال الليلة الماضية، وإغلاق مدارس ومطارات، ومع ارتفاع مستوى الثلوج إلى 32 سنتيمترًا، وانخفاض الحرارة إلى 10.3 درجة تحت الصفر، أصدرت هيئة الأرصاد في بريطانيا وأيرلندا أعلى درجات التحذير التي تنصح الناس بالبقاء في منازلهم لخطورة التنقل على الطرق.
وترجع موجة البرد إلى ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة فوق القطب الشمالي ما أضعف التيار الذي يأتي بالهواء الدافئ من المحيط الأطلسي إلى أيرلندا وبريطانيا، ولا يزال التساقط الكثيف المستمر للثلوج والمصحوب برياح قوية يخلِّف المزيد من الفوضى في حركة السير المرورية وحركة القطارات على حد سواء. حيث ألغيت العديد من رحلات القطارات، فيما تشهد الطرق انزلاقات مرورية خطيرة، وتقطعت السبل بالمئات داخل سياراتهم الليلة الماضية على طريق (إم 80) بين جلاسجو وإدنبره، ونصحتهم السلطات بالبقاء في أماكنهم إلى أن تتمكن الشرطة من الوصول إليهم، وقالت شرطة اسكتلندا : في ذروة الأمر توقف ما يقدر بألف سيارة وامتدت طوابير السيارات على مسافة ثمانية أميال شمالاً وجنوباً، وحذر مطارا هيثرو وغاتويك، الأكثر ازدحامًا بالركاب في بريطانيا، من احتمال إلغاء بعض الرحلات الخميس، وألغيت رحلات طائرات وقطارات في أنحاء بريطانيا وأيرلندا، وفي محطة قطارات ووترلو، وهي أيضًا الأكثر ازدحامًا بالركاب في لندن، ألغيت أو أجلِّت أكثر من نصف الرحلات في وقت الذروة، بينما أغلقت السلطات محطة بادنغتون.
ورجح مكتب الأرصاد الجوية البريطاني تساقط الثلوج في أنحاء جنوب إنجلترا مع اتجاه إعصار إيما نحو الشمال آتيًا من البرتغال وفرنسا ، مطار مدينة جنيف،وأغلقت السلطات السويسرية مطار مدينة جنيف لعدة ساعات الخميس، بسبب طقس قارس البرودة اجتاح الكثير من أنحاء أوروبا هذا الأسبوع بعواصف ثلجية، وأشاع الفوضى في حركة السفر، وقال المطار في بيان على تطبيقه على الهواتف المحمولة، إن السلطات فتحت المطار الساعة 1000 بتوقيت غرينتش للمغادرة، وسيبدأ في استقبال الطائرات الآتية من الساعة 1200 بتوقيت غرينتش، وذكر التطبيق أن أكثر من 40 رحلة طيران من جنيف ألغيت، فضلًا عن عشرات الرحلات التي كان من المقرر وصولها إلى المطار.
وألغت السلطات اليابانية نحو 170 رحلة جوية وأكثر من 100 رحلة قطار، تحسبًا لعاصفة ثلجية وثلوج كثيفة ورياح عاتية تجتاح البلاد يمكن أن تولد موجات مد تصل إلى 8 أمتار في شمال ووسط اليابان وزوابع تصل سرعتها القصوى إلى 144 كيلومترًا في الساعة، وذكرت وسائل إعلام يابانية أن هيئة الأرصاد الجوية اليابانية توقعت نظامًا للضغط المنخفض من شأنه جلب عاصفة ثلجية إلى جزيرة هوكايدو الواقعة في أقصى شمال البلاد، ومن ثم ألغيت 105 رحلات قطار وعشرات الرحلات الجوية، فيما يتوقع أن تسقط ثلوج بكثافة تصل إلى 70 سنتيمترًا في هوكايدو بحلول صباح السبت لتصل إلى 50 سنتيمترًا في شمال شرق اليابان، وفقًا لما ذكرته الهيئة.
أدت موجة الصقيع الآتية من سيبيريا، والتي تجتاح أوروبا إلى وفاة نحو خمسين شخصًا، بينهم كثير من المشردين، فيما تستمر الاضطرابات في حركة النقل، وليل الثلاثاء الاربعاء، بلغت الحرارة 21 درجة مئوية تحت الصفر في المناطق الجبلية في كرواتيا والبوسنة و20 درجة تحت الصفر في لوبك بشمال ألمانيا و19 درجة تحت الصفر في جنوب بولندا و18 درجة تحت الصفر في لييغ في بلجيكا وعشر درجات تحت الصفر في نواحي لندن، وفي سويسرا، انخفضت درجة الحرارة إلى 36 درجة مئوية تحت الصفر في "غلاتالب" غير المأهولة والمعتادة على هذا النوع من الصقيع والواقعة على ارتفاع 1850 مترًا، وفي فرنسا، كان ليل الثلاثاء والأربعاء الأشد برودة هذا الشتاء، حيث بلغت الحرارة 12 درجة مئوية تحت الصفر في ميتز الواقعة في شمال شرق البلاد، وفي بلجيكا، اتخذت عدة مدن قرارًا غير مسبوق بإجبار المشردين على البقاء في الملاجئ، وفي ألمانيا، دعت هيئة مساعدة المشردين إلى بقاء مراكز الاستقبال مفتوحة طوال اليوم وليس ليلاً فقط.
وقالت ويرينا روزنيكي رئيسة الهيئة التي سجلت أربع وفيات جراء البرد منذ مطلع الشتاء «الموت ممكن من البرد خلال النهار كذلك». وفي فرنسا أعلن الوزير جاك ميزار توفير 150 ألف مكان إيواء وهو رقم غير مسبوق، ومن جانبه، قال عمدة لندن صديق خان من لديهم منازل يمكن أيضًا أن يكونوا بحاجة للمساعدة في هذا الطقس، إذا كان لديكم جيران من المسنين أو الضعاف الحال تأكدوا أنهم بخير، وأن لديهم مخزونًا كافيًا من الأغذية والأدوية في منازلهم ومن قدرتهم على إبقاء منازلهم دافئة (18 درجة على الأقل أما في أيرلندا، فقد سارع السكان إلى الأسواق لتخزين الطعام مع اقتراب العاصفة «ايما» التي يتوقع أن تتسبب بتساقط أكبر كمية من الثلوج في البلاد منذ العام 1982، وانتشرت صور لرفوف الخبز الفارغة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلنت السلطات حالة الإنذار الحمراء وطلبت من جميع سكان مقاطعتي مونستر (جنوب غرب) ولينستر (شرق) البقاء في مكان محمي بين الساعة 16,00 الخميس والساعة 1200 الجمعة ، وتسبب الجليد والثلوج في كل مكان في أوروبا باضطراب حركة السير على الطرق كما هو حال كاتالونيا في شمال إسبانيا، حيث تعطلت حركة آلاف الشاحنات، واضطربت حركة الملاحة الجوية والقطارات، وألغيت أو تأخرت العديد من الرحلات في المطارات البريطانية، وفي إيرلندا الغت شركة «ريان اير» للرحلات منخفضة التكلفة جميع رحلاتها المنطلقة من دبلن أو الآتية إليها، وأغلقت العديد من المدارس في المملكة المتحدة وأيرلندا وشمال إسبانيا والبرتغال والبوسنة وكوسوفو، إضافة إلى ألبانيا، حيث عزلت بعض القرى والبلدات بشكل كامل بسبب الثلوج، في هولندا اشتد الإقبال على التزلج، لكن درجات حرارة تدنت إلى 15 درجة تحت الصفر محليًا، فإن الظروف لم تكن ملائمة لممارسة هذه الهواية، ففي هانك غرب البلاد لقي رجل (75 عامًا) حتفه، بعد أن سقط في الماء المتجمد إثر مروره بجليد رفيع جدًا. وسجلت العديد من الحوادث المماثلة في قرى قرب اوترخت وامستردام، بيد أنه أمكن إنقاذ الضحايا في الوقت المناسب، وأعرب النمساويون عن تعاطفهم بشكل خاص مع لودويغ راسر ونوربرت داكسباخر الموظفين في محطة «سونبليك» لأحوال الطقس على ارتفاع 3109 أمتار فوق سطح البحر.
وصنفتهما صحيفة «أويستريخ» على أنهما صاحبا «أبرد وظيفة في النمسا». وتتمثل مهمتهما في الخروج لقياس درجة الحرارة ثلاث مرات كل يوم، وقال لودويغ "نحتاج إلى ساعة لرفع الأرقام من أجهزة القياس. وفي درجة حرارة عند 32 تحت الصفر (الثلاثاء) ما نشعر به مع الريح هو 60 درجة تحت الصفر».