بغداد ـ نجلاء الطائي
شهدت معظم محافظات العراق، هزتين أرضيتين، بفارق زمنيّ بلغ 12 ساعة، وتركزتا جنوب شرق محافظة ديالي، فيما توقع خبراء الأرصاد وقوع هزّات أخرى أعنف.
وأشار عالم فلكيّ عراقيّ، إلى أنه لم يخطر ببال العراقيين أن تصل الزلازل إلى قلب مدنهم الآمنة تمامًا من هذا النوع من الكوارث الطبيعية المُدمّرة، حيث ضربت هزّات متعاقبة
بغداد وكركوك وإقليم كردستان ومحافظات أخرى، وسرعان ما دبّ الخوف لدى الناس، وبدأ التساؤل، ماذا لو كانت هذه الهزّات ستفتح الباب أمام منغّصات إضافية على العراقيين.
وضرب زلزال، مساء يومي الجمعة والأحد، مناطق متفرقة من إقليم كردستان، حيث أكدت المعلومات المتوافرة، أن الزلزال ضرب مدن السليمانية وخانقين وكلار ودربنديخان وحلبجة وسيد صادق ومناطق عدة أخرى، وشعر المواطنون في هذه المدن بقوة الزلزال، وكانت قوته أكثر في مدينة خانقين.
وأكد شاهد عيان من مدينة حانقين، لـ"العرب اليوم"، أن "الزلزال كان قويًا، واضطررنا إلى الخروج من منازلنا، خوفًا من تكرار الزلزال".
وأشار مسؤول هيئة الأرصاد الجوية والزلازل في إقليم كردستان فاضل ابراهيم، في تصريح خاص إلى "العرب اليوم"، إلى أن "زلزال بقوة 5.4 درجة على مقياس ريختر ضرب منطقة كرميان والمناطق المحيطة بها".
وأكدت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، في بيان صحافيّ، وقوع الزلازل، وخصوصًا في قضاء خانقين، وأن يعضها وصل إلى العاصمة بغداد، موضحة "سجّلت مراصدنا الزلزالية في الصباح الباكر هزة أرضية في مدينة خانقين، بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر، وقد شعر بها المواطنون في كل من خانقين وبغداد".
وأفاد مدير المراكز الخارجية في دائرة الأرصاد الجوية والرصد الزلزالي عبدالكريم عبدالله، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أن "تلك الهزّات تأتي ضمن النشاط الزلزالي على الشريط الحدودي بين العراق وإيران من جهة محافظة ديالي، وهي بخط متوازي يبدأ من منطقة بدرة في الكوت، وأن الهزّات الأرضية في حدود إقليم كردستان ومناطق الشريط الحدودي الواقعة على خط زاكروس بدأت تنشط خلال الفترة الأخيرة، نتيجة التكسرات التكوينية، مما يؤثر على مناطق الشريط الحدودي"، مؤكدًا أن "مراصد الزلازل سجلت خلال أيام الجمعة والسبت والأحد، أكثر من 8 هزات، أربع منها تجاوزت قوتها الـ 5 درجات على مقياس ريختر، وأن أقوى تلك الهزّات، سجلت، الأحد، وكانت بقوة 5 و7، والأخرى حصلت مساء الجمعة، بقوة 6 و5، فضلاً عن أربع هزّات ارتدادية بقوة ثلاث درجات في قضاء خانقين ومحافظة كركوك".
وتوقّعت المتخصصة في علم الزلازل في دائرة الأرصاد الجوية في كركوك سفانة عبدالكريم، "وقوع هزّة أعنف نتيجة استمرار النشاط الزلزاليّ الناجم عن تصادم الصفائح الأرضيّة في تركيا وإيران والعراق"، موضحة أن "مركز النشاط الزلزاليّ الأخير، هو منطقة قصر شيرين في إيران، وتؤثر على قضاء خانقين وكركوك وبغداد وإقليم كردستان".
وعاد الكثير من سكان كركوك وإقليم كردستان يتحدثون عن الزلزال، بعد أن اهتزّت الأرض تحت أقدامهم، وبدؤوا يُطلقون العنان لوصف اللحظات التي عاشوها أثناء الهزّة، بينما السيناريوهات "المرعبة" لا تكاد تفارق مخيلتهم، وآخرون اعتبروها رسالة تحذير إلهية لإجبار الناس على العودة إلى الصواب بعد أن "أمعنوا" في ارتكاب الذنوب.
فقد تحدثت أم محمود، (55عامًا)، من شارع الأطباء في قلب كركوك، وهي امرأة مُسنّة ومريضة"، قائلة "إن عائلتها تركت الشقة التي تسكنها في حي طريق بغداد، بعد أن سيطر عليهم الهلع، خشية تساقط سقوف العمارات على رؤوسهم"، فيما رأت أم لؤي، أن "الله سبحانه وتعالى يُحذّر العراقيين، ويذكّرهم بأن الزلازل والكوارث هي رسالة ربانية للاتعاظ، وأن الهزّات التي شهدتها كركوك كانت قوية بما يكفي لجعل الأبنية تتأرجح كأنها لعبة أطفال، وهو أمر غير معهود في العراق منذ عقود طويلة".
وأشار سيف جعفر، (30عامًا)، وهو أحد مواطني كركوك، إلى أن "الكثير من سكان المحافظة سهروا أيامًا عدة، خوفًا من تكرار النشاط الزلزالي في المحافظة"، مضيفًا أن "الله سبحانه وتعالى يريد تذكير البشر بأنه قادر على تدمير أية بقعة في الأرض، إذا نسى أهلها أنفسهم ونسو الله واقتتل الإخوة بينهم، وأن هناك أناسًا كثيرون لا يعون الدين وينتهكون الحرمات".
يُشار إلى أن كركوك وبغداد وديالي ومعظم المحافظات العراقية، قد شهدت وقوع سلسلة هزّات أرضية، شعر بها السكان، وأثارت "استغرابهم"، لأنهم لم يعتادوا على رؤية ما تسببه الهزّات الأرضية إلا في وسائل الإعلام، كون العراق آمن تمامًا، وعلى مدى مئات السنين من مثل هذه الكوارث الطبيعية.
وتعرّضت كركوك إلى هزّتين أرضيتين في يوم الجمعة الماضية، واستمرت الهزّات الارتدادية على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة، حيث امتد تأثيرها إلى معظم من العراق، وأثارت الخوف في نفوس بعض الأهالي، إلى درجة جعلت بعضهم ينامون في العراء، كما حصل في قضاء خانقين قبل يومين.