لقد كبرت معالي العسوسي في الكويت، وأتيحت أمامها فرصة السفر إلى الولايات المتحدة ومصر لمواصلة تعليمها، ثم إنشاء شركتها الخاصة في وقت لاحق. وحتى تلك النقطة من حياتها، كان هدف العسوسي الترويج للسياحة في الكويت، إلا أنها باعت شركتها وأعادت تركيز عملها بعد رحلة إلى اليمن في عام 2007. وقد أراد أحد الزبائن التبرع لمنظمات يمنية مختلفة من تلك التي تقوم بتدريب النساء على إنتاج المنتجات التي يمكن أن تصل إلى السوق الدولي. وكانت العسعوسي تشكك في إمكانية القيام باستعراض سليم للمنظمات على أرض الواقع وفي وقت قصير؛ وقد فرضت الفوضى في البلاد أيضا قيودا على سفرها إلى هناك. ومع ذلك، سافرت إلى اليمن، وغيرتها الرحلة تماما. لقد رأت العسعوسي مشاهد مؤلمة للفقر، كمشاهد لنساء وأطفال يأكلون من القمامة، والمعاملة الصادمة للفتيات الصغيرات. وبعودتها إلى الكويت، أعادت العسعوسي المال الذي دفعه لها موكلها. واتخذت آنذاك قرار الانتقال إلى اليمن والعمل على مشاريع التنمية الاجتماعية. وعملت العسعوسي منذئذ على مجموعة من المشاريع الاجتماعية في اليمن، من تحويل المزارعين الذين يزرعون نبتة القات المخدرة التي تحتاج إلى المياه إلى مزارعي بن، ومخططات التمويل الأصغر، وحملات مكافحة العمى، وترويج علاج السرطان وغيرها من برامج الوقاية الصحية. وهي تعمل الآن مع أكثر من 35 شريكا، وتعين شركاء محليين جيدين من خلال إعطائهم الملابس والمواد الغذائية قصد توزيعها والتأكد من عدم قيامهم بأي سرق. وتقول العسعوسي لكل من الشركاء المحليين والدوليين إنها لا تعمل مع وكالات ذات أجندة سياسية أو دينية. وتعترف العسعوسي أن التكيف مع الحياة في اليمن لم يكن سهلا. هناك انقطاعات مستمرة للكهرباء والمياه ويكون من الصعب أحيانا الحصول على الغاز. و من الطبيعي أن تنتظر ست ساعات لإرسال بريد إلكتروني بسبب انقطاع التيار الكهربائي. وهي تقول أنها كانت تفكر خلال السنة الأولى في الرحيل ولكن رؤية تأثير عملها دفعها للبقاء. ومن بعض الأمثلة التي تتبادر إلى ذهنها هن بعض الفتيات اللواتي لم تكن قادرات على تحمل نفقات الدراسة ولكنهن كن تحلمن بالذهاب إلى المدرسة ولدراسة أشياء مثل الطب أو الهندسة. وتقول العسعوسي: "إن الأسر فقيرة جدا، بحيث لا تستطيع تحمل دفع خمسة دولارات في الشهر كتكاليف سيارة أجرة أو سيارة نقل لإرسال أطفالها إلى المدرسة". وقد عملت العسعوسي في المناطق الريفية مقنعة الآباء والأمهات والإخوة والقبلية والقيادات الدينية بالسماح للفتيات في القرية بالدراسة. وقد كان الأمر مهمة صعبة تطلبت منها أشهرا لإقناع بعض من قادة المجتمع للسماح لعشر فتيات بالدراسة. وتمكنت من الاقناع عبر الحديث عن فوائد التعليم. وقالت أيضا إنها لن تقدم أي تبرعات لمجتمعاتهم إلا إن هم أرسلوا بناتهم إلى المدارس. وتعترف العسعوسي بأن كونها عربية يعطيها ميزة كبيرة عند التعامل مع هذه المجتمعات، مشيرة إلى أن معظم المجتمعات الريفية في اليمن لن تقبل الأوروبيين أو الأمريكيين. وتتذكر طبيبين كانت تعرفهما من هولندا قتلوا بالرصاص لأن البعض اشتبه بقيامهم بالعمل التنصيري. وتقول العسعوسي: "أنا متأكد 100٪ أنهم لم يأتوا بذلك الغرض." موضحة أنهم جاؤوا لتدريب القابلات. وتضيف: "لقد كانوا يقومون بعمل عظيم، ولكن للأسف انتشر الشائعة وجرى قتلهم." وتوضح العسعوسي بأنه تماما كما لا يمكنك فتح ماكدونالدز في قرية يمنية لأن الناس لا يعرفون ما هو ولا يأكلون البورغر (شطير لحم البقر)، فلا يمكنك القيام بعمل ما دون فهم السكان المحليين واحتياجاتهم. كما تقول: "لا يمكنك أن تأتي وتنسخ ما عملته في مكان آخر لأن ذلك لن ينجح" .ويتخذ عمل العسعوسي منحى آخر أيضا، فبدل الاعتماد على دراسات دولية أو محلية أو حكومية، تقوم هي بأبحاثها لضمان دقتها. ولديها تدفق مستمر من التمويل من الأصدقاء والأسرة والرعاة في منطقة الخليج. وتقول مضيفة أن تقديم يد العون للآخرين تتجاوز حتى الدين نفسه، بحيث أن ذلك جزء من الطبيعة البشرية: "لأن الإدراك الاجتماعي ومساعدة الفقراء والمحرومين جزء من ديننا وما نحن ملزمون بفعله. إن الأمر لا يقتصر على كوننا مسلمين أو غير مسلمين، بل إنك تجد التعاليم نفسها في الإنجيل أيضا". ومع ذلك فقد أثارت رغبتها في خدمة المجتمع الشكوك؛ وقد جرت مراقبتها لعامين قبل أن حصولها على الترخيص، بحيث تقول: "أنا كويتية تقوم بأعمال في اليمن. وقد تركت مستوى المعيشة العالي للعيش في اليمن، لذلك فأنا أفهم لماذا قد يشتبه في الناس، لكنهم يبدأون في مساعدتي عندما يتبينون الأمر." وعلى الرغم من الصعوبات، تقول العسعوسي إن هناك أشياء جميلة في الحياة في اليمن. وهي تصف اليمنيين كمجتمع متعاون بمنأى عن العالم المادي، بحيث تقول: "أجد مجتمعات من هذا القبيل ليس فقط في اليمن في إثيوبيا وكينيا والهند أيضا، وعادة ما تكون هذه في المناطق الريفية. إن الأمر مختلف تماما عن الطريقة التي يتصرف بها الناس في المدينة". ومن جانبها، تريد العسعوسي استخدام منهجيتها في دول مختلفة، معتبرة أنها تثبت أن العمل بموارد محدودة، يوتي ثماره: "أقول دائما الناس إن الأمر لا يتعلق بالمال، بل هي العاطفة والحب. لا تكن واحدا ممن يريدون العيش وكفى، بل عش واجعل الآخرين يعيشون."