أحمد حمدي

يحل اليوم الموافق 18 من رمضان ذكرى وفاة أحمد حمدي والذي كان له قصة مع الشهادة تمثل عظمة المقاتل المصري، وبدأت القصة عندما حانت لحظة الصفر يوم العاشر من رمضان السادس 6 أكتوبر 1973، حيث طلب من قيادته أن يتحرك شخصيًا إلى الخطوط الأمامية ليشارك افراد قواته إقامة الكبارى على الممر المائى بقناة السويس إلا أن القيادة رفضت انتقاله لضرورة وجوده في مقر القيادة للمتابعة والسيطرة إضافة إلى الخطورة على حياته في حالة انتقاله إلى الخطوط الأمامية تحت القصف المباشر إلا أنه غضب وألح في طلبه أكثر من مرة.

وكان البطل على موعد مع الوفاة، ولم تجد قيادته والحال هكذا بدا من الموافقة على طلبه وتحرك بالفعل إلى القناة وتواجد وسط جنوده طوال الليل بلا نوم ولا طعام ولا راحة، ينتقل من معبر إلى آخر حتى اطمأن قلبه إلى بدء تشغيل معظم الكباري والمعابر وصلى ركعتين شكرا لله على رمال سيناء المحررة.

ويوم 18رمضان سنة 1393هجرية الموافق 14 أكتوبر 1973ميلادية كان للقتيل أحمد حمدي قصة مع الشهادة تمثل عظمة المقاتل المصري، حيث كان يشارك جنوده إعادة إنشاء كوبري ذو أهمية خاصة وضرورية لتطوير وتدعيم المعركة، وأثناء ذلك ظهرت مجموعة من البراطيم متجه بفعل تيار الماء إلى الجزء الذي تم انشاءه من الكوبرى معرضه هذا الجزء إلى الخطر وبسرعة بديهة وفدائية قفز البطل إلى ناقلة برمائية كانت تقف على الشاطئ قرب الكوبري وقادها بنفسه وسحب بها البراطيم بعيدا عن منطقة العمل ثم عاد إلى جنوده لتكملة العمل برغم القصف الجوي المستمر.

وأُصيب البطل فجأة وقبل الانتهاء من إنشاء الكوبري، بشظية متطايرة وهو بين جنوده، وكانت الإصابة الوحيدة والمصاب الوحيد لكنها كانت قاتلة وقُتل البطل وسط جنوده كما كان بينهم دائما.
وكرمت مصر ابنها البار بأن منحت أسمه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى وهو اعلى وسام عسكرى مصري، كما أُختير يوم وفاته ليكون يوم المهندس، وافتتح الرئيس الراحل انور السادات النفق الذي يربط بين سيناء بأرض مصر وأطلق عليه اسمه كأول نفق يحفر أسفل قناة السويس

ميلاده وبدايته
وكان أحمد حمدي كان من مواليد مدينة المنصورة  20 مايو عام 1929، لأب يعمل في حقل التعليم، وتخرج من كلية الهندسة جامعة القاهرة قسم الميكانيكا، وفي عام 1951 التحق بالقوات الجوية، ومنها نقل إلى سلاح المهندسين عام 1954،وحصل الشهيد على دورة القادة والأركان من اكاديمية (فرونز) العسكرية العليا بالإتحاد السوفيتي بدرجة امتياز.

وأظهر أحمد حمدي أثناء العدوان الثلاثى سنة 1956 بطولة واضحة حينما فجر بنفسه كوبري الفردان حتى لا يتمكن العدو من المرور عليه، واطلق عليه زملاؤه لقب "اليد النقية" لأنه أبطل الآف الالغام قبل انفجارها. وكان صاحب فكرة اقامة نقاط للمراقبة على ابراج حديدية على الشاطئ الغربي للقناة بين الاشجار لمراقبة تحركات العدو ولم تكن هناك سواتر ترابية أو أي وسيلة للمراقبة وقتها، وقد نفذت هذه الفكرة واختار هو مواقع الابراج بنفسه.

وتولى قيادة لواء المهندسين المخصص لتنفيذ الأعمال الهندسية بالجيش الثاني وكانت القاعدة المتينة لحرب أكتوبر 1973،وفى عام 1971 كلف بتشكيل واعداد لواء كباري جديد كامل وهو الذي تم تخصيصة لتأمين عبور الجيش الثالث الميداني،تحت إشرافه المباشر وتم تصنيع وحدات لواء الكباري واستكمال معدات وبراطيم العبور، كما كان له الدور الرئيسي في تطوير الكباري الروسية الصنع لتلائم ظروف قناة السويس.

واسهم البطل بنصيب كبير في ايجاد حل للساتر الترابي، وقام بوحدات لوائه بعمل قطاع من الساتر الترابي في منطقة تدريبية واجرى عليه الكثير من التجارب التي ساعدت في النهاية في التوصل إلى الحل الذي استخدم فعلا.

وكان الشهيد اللواء أحمد حمدي ينتظر اللحظة التي يثأر فيها هو ورجاله بفارغ الصبر، وجاءت اللحظة التي ينتظرها الجميع وعندما رأى اللواء أحمد حمدي جنود مصر الأبرار يندفعون نحو القناة ويعبرونها في سباق نحو النصر ادرك قيمة تخطيطة وجهوده السابقة في الاعداد لوحدات المهندسين والكباري على نحو خاص.

وأدرك البطل أن التدريبات التي قام بها مع افراد وحدات الجيش الثالث الميداني على أعظم عمليات العبور واعقدها في الحرب الحديثة قد اثمرت، تلك التدريبات التي افرزت تلك العبقرية في تعامل الجنود مع اعظم مانع مائي في التاريخ وهو ما شهد له العدو قبل الصديق.