عبادي الجوهر

سكب الفنان عبادي الجوهر الطرب ليلة البارحة في أقداح المحبين فنهلوا من فنه حد الارتواء، وأثبت من على مسرح مركز الملك فهد الثقافي أنه وإن توارى عن المشهد قليلاً إلا أنه لا يزال صمام الأمان لهوية الأغنية السعودية في وجه الحداثة التي تقدم فناً لم تتشكل ملامحه بعد.

عبادي أو "أبو سارة" كان متعطشاً للوقوف على مسرح العاصمة وحجم العطش 3 عقود وهو ينتظر إطلالة ندية بحجم الحلم، صبّ أغنياته الشهيرة، ومال عوده فتمايل معه المكان، وعندما يكون ملهوفاً فإن المسرح لا يتسع لأحد سواه، ضجت الحناجر تنادي "خلاص ارجع.. ارجع" وإذا بان الشوق "يبقى الدمع تذكار الأحبة" يا عبادي، وأعاد الأخطبوط ليلة البارحة جيلاً كاملاً إلى ذكرياته ودفاتره القديمة، عبادي الذي لا يشعر باليتم في حضرة العود كان منتشياً في مقطوعته "الإسبانية" يخبئ دمعة قديمة لأن "الجرح أرحم" من الفراق، واللافت أن كلاسيكيات عبادي التي طرحها منذ سنوات، ما زال لها نفس التأثير والقوة ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم وهي تمدد قاعدته الجماهيرية من "السمّيعة" بسخاء، وذلك قياساً بأعمار الحضور في المسرح.

حالة الطرب الشجي التي شكّلت حضوره في الرياض هي امتداد وتتماهى مع الحالة التي عاشها في جدة قبل يومين، وترجمها بابتسامة النصر العريضة التي رسمها قلبه على محياه فالتقطتها عدسة المصور "مشعل الزهراني"، لتكون شاهداً على مرحلة جديدة لفنان مهم عندما يريد أن يتجلى يضع أحزانه في ريشة عوده ويقلبها على الأوتار، فمن صالح الأغنية السعودية أن يكون عبادي حاضراً في مهرجاناتها وأمسياتها الرسمية والخاصة، فتاريخه لا يقبل التهميش أو النسيان.