الجزائر ـ الجزائر اليوم
أثرت الناقدة والشاعرة راوية يحياوي المكتبة الجزائرية بمؤلف جديد يحمل عنوان “الإنصات لمختلف الخطابات”، الصادر عن دار ميم للنشر والتوزيع، والذي سلطت في الضو عن التحولات التي عرفها النقد في نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة وأكدت أنه يسير نحو المعرفة المركبة والمتداخلة.
قالت راوية يحياوي في مقدمة كتابها أنه جاء ثمرة ثلاثة عقود من دراسة والبحث في مختلف الخطابات الأدبية في ممكناتها الإبداعية وفي تحولاتها، وأيضا في الخطاب النقدي في طاقاته العارفة، قالت أنها حاولت من خلالها إصدارها إطلاق على تلك المفاهيم عبارة “المفاهيم الميتة”، لأنها تُشبه “الأطراس الممسوحة”، كمفهوم “الناقد” الذي كان شاملا ومتجاوزا الزمان والمكان، فقد كان في التراث العربي، وبقي مستقرا إلى الآن، كما كان في التراث العالمي، واختزل في ما بعد كل جهود المدارس النقدية، وظل هذا المفهوم حسبها يصاحب الأنساق التي تشكلت في التاريخ التكويني للخطاب النقدي، في تحولاته من مركزية السياق إلى مركزية النسق، ثم مركزية النسق المفتوح والمتعدد.
وتضيف المؤلفة أن التحولات التي عرفها النقد في نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة، تسير نحو المعرفة المركبة التي تشمل التخصصات البينية، إذ ظهر النقد المعرفي، والنقد الثقافي الذي لا يُمكنه أن يعول على مهام الناقد المحدودة.
ووفقا ليحياوي، مر النقد بحقب مفصلية، من مرحلة الحداثة، إلى مرحلة ما بعد الحداثة التي زحزحت المركزيات، وعولت على التفكيك والتقويض، لهذا لا يعقل أن يبقى مفهوم الناقد مع كل هذه الرهانات مُعولا عليه.
وترى المؤلفة أن التأمل في الوظائف التي أسندت إلى الناقد عبر كل الأزمنة، تؤدي إلى اكتشاف ذلك التحول المتواصل، حتى وصل إلى هذا الموت المؤقت، فالناقد في المناخ العربي، انتقل داخل وظائف متنوعة، حتى الناقد في التراث لم يكن ثابتا معولا عليه من أجل أهداف محددة، بل كان متعددا أو متنوعا، يتملص في كل مرة من مهامه التي حددت له، وكذلك الحال بالنسبة إلى الناقد الحديث والمعاصر الذي وفدت عليه النظريات والمناهج التي تراكمت وتصادمت في بعض طروحاته، وبقي يراهن على معرفة مركبة تحتاج إلى وعي بالصيرورات، ويغامر في فهم المعرفة الوافدة التي هاجرت من مناخ إلى مناخ آخر، حتى يتسنى له تقليم ما يستقبل بحسب ما يحتاجه.
للإشارة، راوية يحياوي شاعرة، وباحث أكاديمية جزائرية، لها عدة إسهامات في مجال الأدب والشعر على المستوي المحلي الجزائري، والدولي، ساهمت في العديد من المجلات الأكاديمية المحكمة، وعضو في عديد الهيئات والمخابر، في رصيدها كتب إبداعية على غرار: كتاب شعر أدونيس البنية والدّلالة الصّادر عن اتحاد الكتّاب العرب بدمشق 2008. البنية والدلالة في شعر أدونيس،” من القصيدة إلى الكتابة”، دراسة في تحوّلات النص الشعري في “الكتاب” لأدونيس، كتاب “من قضايا الأدب الجزائري المعاصر، قراءات في مختلف الخطابات”، كما لها مؤلفات مشتركة منها كتاب”الشّعر النّسوي والفنون، جماليات التلاقي، مقالات ونصوص شعريّة”، “المرأة والثورة … الحركيّة والإبداع، مقالات ونصوص شعريّة”، ولها أيضا مجموعات شعرية منها مجموعة “ربّما” و “كلك في الوحل وبعضك يخاتل”.
قد يهمك ايضا:
"الواقع والتحديات فى التراث العربي" ندوة في مكتبة المستقبل السبت