الجزائر ـ الجزائر اليوم
دخلت الأستاذة سيديا مرابط، معلمة ابتدائية بن زرجب بولاية وهران، التاريخ من بابه الواسع، بعدما أهانها والي وهران لدى زيارته إلى المؤسسة منذ أيام، حيث “انقلب السحر على الساحر” وحقّقت قضيتها تفاعلا وطنيا ودوليا وسجلت تضامن ملايين الجزائريين الذين كرّموها وشكروها على حرقتها وتشريفها الأسرة التربوية لدفاعها عن مصلحة التلميذ، وتحرّك لأجلها المسؤولون والوزراء، معبرين عن احترامهم للمعلمة ومكانتها التي لا يقبل المساس بها أبدا تحت أي ظرف…
حققت قضية معلمة ابتدائية بن زرجب تفاعلا غير مسبوق وتداولت حيثياتها وتفاصيلها وسائل إعلام أجنبية عديدة، حيث انتصر لها الملايين بعد أن أدار لها والي وهران ظهره لمجرد أن عبارة “طاولات منذ عهد الاستعمار “لم تعجبه، لكنه للأسف لم يتوقف أبدا عندما قالت له أنها وزملاءها ظلوا إلى غاية الـ11 ليلا ينظفون المدرسة ويعقمونها لاستقبال آمن للتلاميذ.. لم يتوقف أبدا عندما قالت له ان ولي تلميذ سدد تكاليف صيانة المراحيض وأظهر “رجولته” على معلمة تحدثت بحرقة عن واقع مرير ومؤلم يأبى هذا المسؤول وأمثاله التصريح به ويفضلون الذين يثنون على سقطاتهم ويغطون الشمس بالغربال وينافقونهم بامتياز.
المعلمة عرّت كثيرا من الحقائق لمؤسسة ليس لها منظفات ولا حارس دائم مؤسسة يزيد عمر طاولاتها عن 30 عاما وتتواجد في حالة كارثية ومسؤولون استقبلوا مختلف الشكاوى المرفوعة إليهم بجواب واحد متكرر “لا نمتلك ميزانية كافة لتلبية انشغالاتكم”.
“بروتوكول” الوالي للمعلمة “تيزي فو”
أثارت عبارة “تيزي فو” التي وجهها مسؤول التشريفات الخاص بالوالي أو ما يعرف “بالبروتوكول” للمعلمة استياء وامتعاض الجميع والمعنية على وجه الخصوص.
وأكدت المعلمة أن البروتوكول خاطبها عندما حاولت إثارة الانشغالات التي تعاني منها المؤسسة، بالقول “تيزي فو” بالفرنسية وهو ما معناه بالعربية “أسكتي”.
وتطرقت المعلمة إلى عديد المشاكل التي تعرفها الابتدائية في غياب النظافة في الأقسام وعدم وجود منظفة قارة منذ 10 سنوات كاملة حيث يتم الاستعانة بمنظفات في إطار التعاقد، حيث يضطر الأساتذة إلى التنظيف بأنفسهن.
الوزير الأول ينتصر للمعلمة ويأمر بتأثيث جديد للمدرسة
كتب الوزير الأول عبد العزيز جرّاد ، في تغريدة على حسابه بموقع “تويتر” “أرفض رفضاً قاطعاً إهانة المعلم وهو يدافع عن مستقبل أبنائنا.. تحية شكر وتقدير للمعلمة السيدة سيديا مرابط من مدرسة بن زرجب بوهران، التي فضحت الممارسات القديمة” ووعد الوزير الأول بتحديث أثاث جميع المدارس القديمة على مستوى الوطن.
وبعد تغريدة الوزير الأولى بساعات وصلت شاحنات محملة بالطاولات الجديدة لمدرسة بن زرجب بوهران وبهذا تحولت إهانة الأستاذة إلى خير وبركة على جميع المدارس بعدما وعد الوزير الأول بإعادة تأثير جميع المدارس التي تعني من العتاد المهترئ والقديم ..
وزير الداخلية ينصف المعلمة ويرفض الإهانة
بدوره أعلن كمال بلجود وزير الداخلية والجماعات المحلية عن رفضه القاطع لإهانة المعلم وهو يدافع عن مستقبل أبنائنا، داعيا كل المسؤولين في قطاعه للترفع عن هذه الممارسات، حيث أفاد “أرفض إهانة المعلم وهو يدافع عن مستقبل أبنائنا وتحية شكر للمعلمة التي فضحت الممارسات القديمة ونقول لها “واصلي عملك”، وسيتم وضع برنامج لتحديث الطاولات عبر مختلف ولايات الوطن.”
وقال بلجود “بكل صراحة الأستاذة المحترمة تكلّمت بعفوية وبقلب مفتوح وقالت حقيقة عن مدرستها التي قضت فيها أكثر من 32 سنة وقالت هذا الشيء أمام المسؤول الأول للولاية”.
وأضاف بلجود “الوالي لاحظ ميدانيا وضعية الطاولات وكان من الأجدر عليه أن يتخذ إجراءات لتغييرها أو يعطي تعليمة صارمة لتغييرها”.
والي وهران يبرّر سقطته دون اعتذار
حاول والي وهران مسعود جاري الرد على السيل الهائل من الانتقادات التي تعرض لها بشكل غير مباشر لتوضيح رؤيته، خاصة وأنه لم يكن يتصور أن تصل الأمور إلى هذا المستوى.
وجاء في بيان صادر عن ولاية وهران “تداولتْ بعض مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للسيد والي ولاية وهران خلال تفقده لظروف الدخول المدرسي ببعض مدارس بلدية وهران يشير في أحد مقاطعه إلى تدخل الأستاذة الكريمة ر . سيديا بمدرسة بن زرجب التي صرحت – أثناء عرضها لمختلف الانشغالات – بأنّ الطاولات تعود ” إلى عهد الاستعمار ” .
وأضاف البيان أن الوالي الذي تابع عرض الأستاذة بكل اهتمام، اضطر – عند هذا الوصف – للتوضيح بصفته ممثلا للدولة بأنّهَ وصفٌ غيرُ ملائم وأنه لا يعكسُ – لا حقيقةً ولا واقعًا – المجهودات التي قامت بها الدولة الجزائرية منذ الاستقلال في جميع القطاعات، وأوّلُها في قطاع التربية الوطنية. بل إنَّ هذا المصطلح يذكرُ الجزائريين والجزائريات بما زرعه النظام الاستعماري من تجهيل وتفقير وأميةٍ وظلمٍ وسلبٍ لكرامة الإنسان”.
النائب البرلماني عمراوي: أصبحنا فضيحة بين الدول
أكد النائب البرلماني مسعود عمراوي عن لجنة التربية والتعليم العالي في تصريح للشروق أنّ تصرف الوالي غير طبيعي، خاصة وأنه جاء في اليوم الأول من الدخول المدرسي وهو يدل أن المسؤولين في بلادنا لم يغيروا أساليبهم، موضحا أنه إذا أردنا جزائر جديدة فعلينا تغيير الأساليب القديمة البليدة وعلى المسؤولين أن يحسنوا التواصل بأساليب راقية مع المواطنين وأن يتخلوا عن عنجهيتهم وتعجرفهم.
واستطرد عمراوي قائلا “تعامل الوالي مع المعلمة أثار الاستياء وأصبحنا فضيحة أمام العالم بعد تداول الخبر في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، فمن العيب أن يثور مسؤول في وجهه مربية الأجيال”
وتساءل النائب البرلماني”إذا كان هذا تصرف الوالي مع نخبة الوطن ومعلميه، فكيف سيكون مع مواطن عادي قد يخطئ في انتقاء عباراته أو مفرداته”.
وخلاصة القول، يضيف عمراوي، أنّ الجزائر لا تبنى بالشعارات، بل بالممارسات بدء من واجهة الدولة الممثلة في مسؤوليها المحليين، فكيف يكون حال الآخرون وكيف ستكون سلوكاتهم في عالم بات قرية كل ما يحدث هنا يشاهد ويتناقله الدول”.
قصف مدوّ لوالي وهران وفايسبوكيون يمطرونه بالانتقاد
أمطر الفايسبوكيون وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي والي وهران بالانتقاد والذم واستحضروا في زلّته مواقف رداءة التسيير في الجزائر وسقطات غيره من المسؤولين.
وعبر الفايسبوكيون عن امتعاضهم الشديد من المعاملة المهينة للمعلمة التي أبانت عن شجاعة وكاريزمة قوية لم تهتز لها شعرة وهي تنقل النقائص لمسؤول يفترض انه جاء ليطلع على الواقع وليس ليسمع عبارات المدح والثناء.
وتحولت الابتدائية إلى قبلة لعديد من سكان الولايات المجاورة الذين قصدوها باحثين عن المعلمة والتقطوا معها صورا تذكارية، فيما أهداها آخرون باقات من الورد امتنانا وعرفانا.
وكتب رواد الفايسبوك وتويتر تعليقات عديدة أنصفت المعلمة ورفعت شأنها عاليا تفاعل معها العالم ومنها ما ورد على لسان أحدهم “لقاها سبة باش يتهرب منها لان الأستاذة حطاتو في موقف محرج وماعرفش كيفاش يخرج منها وكي قالها زيدي واش عندك مشاكل كان يريد أن تقع في زلة لسان ويصطاد في المياه العكرة ويبحث عن فرصة لتقزيم الأستاذة أمام الناس وإحراجها وتقزيم شكواها ويكون بهذا انتصر عليها….وهذا طبعا كما يظن هو ولغبائه ولكن للأسف أمثال هؤلاء في مناصب حساسة ويعتبر من النخبة والى الله المشتكى ولهم من الله ما يستحقون”.
وكتبت أخرى “لها كل ورود مدينة الورود.. سيدة فاضلة واعية مربية قوية في الحق .. أراد أن يهينك لكن الله أعزك أنت وأهانه”.
وأضاف تعليق آخر “ينزعجون من الحقيقة.. مسؤولونا عندما يترأسون منصب لا يحبون سماع الحقيقة” وكذا “الأصبع الذي كنت ترفعه كي تستأذن منها لتعطي الإجابة ترفعه الآن أمام الملأ رافع صوتك مهينا لها”
وكتبت أخرى “يا سيدي يفترض أن تقبل رأسها وأن توفر لها ظروف جيدة للعمل..طاولات من عهد الاستعمار ولا من عهد الفراعنة المهم أنها لا تصلح للاستعمال” وكذا “المسؤول عندما يفقد الإجابة يتصيد الكلمات ليهرب ويمارس البيروقراطية”.
قد يهمك ايضا:
الوزير الأوّل يهنئ الصحفيين في يومهم الوطني
عبدالعزيز جراد يُؤكّد أنّ "الجزائر الجديدة هي للشباب" والدولة تعول عليهم