الجزائر ـ الجزائر اليوم
دعت الباحثة الجزائرية فاريزة شماخ إلى ضرورة توثيق الأعمال المسرحية سواء كانت ناطقة باللغة العربية أو الامازيغية والأبحاث الأكاديمية وذلك من أجل الحفاظ على الذاكرة الجماعية، وحتى تكون مصدرا ومرجعا هاما للأجيال القادمة والمهتمة بحفظ ذاكرة المسرح الجزائري بشكل عام والأمازيغي بشكل خاص.
تناولت الباحثة فاريزة شماخ، خلال مشاركتها في الندوة الافتراضية نظمها الجهوي لبسكرة، بعنوان “مسار فن العرض الأمازيغي عبر التاريخ” أشكال المسرح الأمازيغي والتي عرفها شمال أفريقيا عبر العصور، والفرق بين المسرح الأمازيغي والمسرح الناطق بالأمازيغية، وقد دعت بالمناسبة جميع المهتمين بالمسرح الأمازيغي إلى استنطاق المسرح بشتى أشكاله وألوانه وتوجهاته، على أن يكون الفن المسرحي ابن بيئته ومصدر إلهام لكل المهتمين، وأن يكون قاعدة هامة لملامسة الواقع بحذافيره.
وفي حديثها عن المسرح، أكدت أنّ التعاقب الزمني الذي شهده هذا الفن كان عنصرا مهمّا في حضور المسرح في كل ربوع العالم، ومن خلال ذلك تباينت الأشكال والطقوس الخاصة بممارسة هذا الفن.
ومن خلال مداخلتها قدمت الباحثة اضاءات حول المسرح وكيفية ظهوره في بلاد الإغريق إبان القرن السادس قبل الميلاد، حيث عرف ذلك النوع من المسرح ممارسات وطقوسا وقرابين لآلهة الإغريق، من حيث الرقص والغناء والأقنعة، وهي احتفالات كانت تقام في المعابد، ممهّدة بذلك للطقوس اللاحقة والتطوّرات عبر العصور التي رافقت الفن الرابع وتفرّدت به.
وأكدت الباحثة في مداخلتها أنّ التعاقب الزمني كان عنصرا مهمّا في حضور المسرح في كل ربوع العالم، ومن خلال ذلك تباينت الأشكال والطقوس والممارسات، ومن ثمة عرف شمال إفريقيا المسرح وكان يزخر بكل تلك الطقوس، وتقول بهذا الصدد ” “إذا تحدثنا عن منطقة القبائل فقد استعرضت فيها ومن خلالها العديد من الاحتفاليات، منها احتفالية معروفة بأنزار، وهو طقس يقدّم من خلاله الناس قربانا لإله المطر أنزار حيث يتمّ من خلالها تقديم فتاة حسناء عذراء ليكون إله المطر كريما ويغدق على المنطقة وأهاليها بالغيث، ومع مرور الوقت تغيّر الطقس ليضحى مجرد احتفالية يلبسون فيه الدمية، وبات ذلك الطقس رمزيا وتطوّر مع الرقصات والأغاني وغير ذلك من الأدوات الفرجوية”.
وأشارت الباحثة الجزائرية إلى نوع آخر من الطقوس اشتهرت به محافظة جانت يدعى “السّبيبة”، التي تعتبر تراثا عالميا منذ ثلاثة آلاف سنة، وهي اتفاقية سلام بين قبائل الطوارق في الصحراء الجزائرية، بالإضافة إلى احتفالية “أيراد” التي تتواصل على امتداد شهر جانفي من كل سنة، حيث تُقام حفلة تنكرية يلبس فيها المحتفلون بأيراد -وهم الممثلون- أزياء خاصة مصنوعة من جلود الحيوانات، إضافة إلى الماكياج والأقنعة الخاصّيْن بتلك الحفلة، وهي حفلة لا تزال قائمة إلى اليوم.
ومن بين الاحتفالات الأمازيغية يحضر أيضا احتفال خاص بفصل الربيع، فيه طقوس متفرّدة وخاصة باستقبال الربيع، وهي نوع من السيناريو يقام على مستوى الحقول والبساتين. وكل تلك الاحتفالات قد تناولها الأدب الشعبي، حيث حصرها في ثيمة الحكايات والأساطير، وجميع تلك المؤشرات أسهمت في تطوّر فن العرض الأمازيغي عبر العصور.
وأشارت من جهة أخرى المتحدثة إلى أن المسرح الناطق بالأمازيغية، عرف من خلال مجموعة من الأعمال والشخصيات التي دأبت على ذلك، ومنها السعيد زعنون الذي ترجم العديد من الروايات الجزائرية والمغاربية، وحوّلها إلى الأمازيغية وعرضها مسرحيا ضمن أصول مسرحية من خلال المسرح الإذاعي، بالإضافة إلى أعمال كل من الراحلين سليمان عازم والشيخ نورالدين اللذين كانا يقدّمان “سكاتشات” عبر أمواج الإذاعة الوطنية.