حنان أبو جامع أو المهرجة خوخة

تمكنت ظهرت حنان أبو جامع أو المهرجة خوخة من إسعاد أطفال غزة وإدخال الفرحة إلى القلوب الصغيرة وبأدوات متواضعة، حيث إنهم أكثر من يعاني أزمات القطاع المتعددة، وأكثرهم عرضة للحزن والكآبة، وذلك بملابسها الملونة والشعر المستعار وبأنف أحمر كبير وبحجابها المندمج مع ملابس عملها وحركات خفيفة .

وظهرت حنان أبو جامع "25عاما" أمام جمهور من الأطفال وأهلهم معهم، والجميع كان ينظر لها بدهشة واستغراب، لم تفارق الابتسامة وجهها وكانت تتنقل بين الأطفال وأهلهم كالفراشة محاولة إسعادهم بما تفعله وتشجعهم على التصفيق والفرح.

عمل تطوعي لسعادة الأطفال

وكان لحنان دور فاعل في أنشطة الأطفال ودعمهم النفسي وعمل فعاليات ترفيهية من أجلهم قائلة "منذ عام 2012 بعد انتهاء الحرب الأولى على غزة كنت أهتم بالعمل التطوعي من مؤسسات مختلفة من أجل إسعاد الأطفال، ولدي خبرة في التعامل معهم وكيفية كسر الحاجز بيني وبينهم من أجل الوصول الى قلوبهم وأن يتقبلوا مني الأنشطة والاندماج معي فيها".

وكانت حنان من المنطقة الشرقية لمدينة خان يونس شرق قطاع غزة، حيث تعرضت هذه المنطقة للقصف بشكل كبير في الحرب الأخيرة على غزة مما دفع حنان إلى الاهتمام بالترفيه عن الأطفال، هذه الأنشطة جعلت شخصيتها مرحة جدًا وهذا الذي شجعها على أن تكون مهرجة بزي مختلف وشكل مميز أمام الأطفال.

شخصية خوخة المحبوبة

وكشفت حنان أسرار بدايات نشاطها الترفيهي مع الأطفال وقالت "في أحد الأنشطة التي أقدمها كان فريق تينا وكلمتينا يقدم عرضا لهم مع الأطفال، وعندما رأيتهم أعجبت بهما كثيرًا وتشجعت بأن أكون من فريق مسرح فلسطين الذي يتكون من أكثر من أربعة عشر شابًا، ولم يجعلني ذلك أن أتردد في المشاركة بل أصبحت أكثر اصرارًا على العمل معهم وهذا كله من أجل إسعاد الأطفال.

وعُرفت حنان "بخوخة" في العروض والفعاليات كافة، وأصبح هذا الاسم يناديها به الأطفال والكبار، حيث تشعر حنان بأن "خوخة" هي شخصيتها الثانية التي تعودت بأن تكون بها طفلة مع الأطفال ناسية عمرها الحقيقي وشخصتها العادية، قائلة "أنا أتعامل مع الأطفال وكأني طفلة معهم أكون سعيدة ومبتسمة من قلبي، وأشعر بأنهم مسؤوليتي وقطعة من روحي لهذا أعمل المستحيل من أجل إسعادهم وأتقبل أسالتهم البريئة حول لبسي، وأحيانًا يعتقدون بأني لعبة مصنوعة ولكن أخلع النظارة والأنف والشعر المستعار من أجل أن يلمسوا وجهي ويعرفوا أني مثلهم، ولكن تواجدي معهم هو لإسعادهم ورسم الابتسامة على وجوههم".

فن التهريج.. ونظرة المجتمع

وكشفت حنان عن نظرة المجتمع والتقاليد لما تقوم به، بخاصة وأنه من المعروف أن قطاع غزة لديه عادات وتقاليد مقيدة بعض الأحيان، ولكن هذا الأمر لم يجعل حنان تتردد أبدًا عن عملها، موضحة ذلك: "في غزة الشاب مثل الفتاة لا يوجد فرق بينهما كلاهما يعمل في مجالات مختلفة وإن كان هذا المجال هو تقديم عروض بهلوانية بلباس مختلف فهذا يعتبر عمل أيضًا، أنا أعمل بأقل الإمكانيات الممكنة من أجل إسعاد الأطفال وبهذا الزي البسيط الذي قد يكون مميزا بعض الشيء من ناحية الألوان والشكل ولكنه يجذب الأطفال ويجعلهم يبتسمون".

وقالت حنان بشأن الانتقادات التي تعرضت لها في المجتمع، "عملت كمهرجة في كافة مناطق قطاع غزة من شماله إلى جنوبه وفي كل منطقة كنت أواجه مواقف تتناسب مع تفكير هذا المكان، فالبعض منهم كان يرى أن عملي شيء طبيعي وجميل ويشجعني عليه، وبعض المناطق الأخرى كانت لا تتقبل وجودنا في المكان وتطردنا لأسباب خاصة بفكرهم وعاداتهم، ولكن بكل صدر رحب كنت أتقبل هذا الموقف وأحاول توضيح طبيعة عملي من أجل تقبل وجودي بينهم".

وتضيف قائلة "الأهالي يتقبلون "خوخة" ويكونوا سعداء بتفاعل أبنائهم معي وأنا لا أتردد أبدًا في التقاط الصور معهم بل أحيانا كنت أشعر أن ولي أمر طفل يخجل أن يطلب مني التصوير مع طفله ولكني أبادر بالقيام بهذا من أجل طفله، وبعد انتهاء العرض أبقى لساعة من أجل التقاط الصور مع الأطفال ويكونوا سعداء جدًا ويتمسكوا بي من أجل البقاء معهم مدة أطول".

دعم العائلة وتشجيعها

وتنال حنان تشجيع كبير من عائلتها التي تتفهم طبيعة عملها ومشاركتها في أنشطة وفعاليات من أجل الأطفال خاصة بعد أن أصبحت مهرجة وهذا قد يجعلها تتأخر لساعات الليل، هذا التفهم جعلها تكون مصرة أكثر على تحقيق النجاح في هذا المجال قائلة:" والدتي من أكثر الناس المشجعين لي وتتفهم عملي بشكل كبير وتدعمني، بالإضافة الى أنها تقترح علي بعض الأفكار لعمل زي مناسب وأفكار من أجل تنفيذها مع الأطفال".

وبدورها تقول والدتها زهرة أبو جامع "أنا أحب الفتاة التي شخصيتها قوية وأشجعها على أن تقوم بما تحب، بما أنها لا تخالف العادات والتقاليد وتخرج من أجل عملها وخدمة مجتمعها، أشجعها على ذلك كثيرًا وأدعمها أيضًا وهذا ما أفعله مع حنان ومع أخواتها أيضًا مع إعطائهم النصائح المفيدة من أجل تجنب انتقادات المجتمع والبقاء على شخصيتهم القوية".