الجزائر ـ الجزائر اليوم
أطلق الفنان التشكيلي عبد الهادي طالبي، مؤخرا عبر حسابه الإلكتروني، بعض لوحاته الفنية الراقية، للجمهور، الذي تجاوب معها وأعجب بمواضيعها، التي كانت، في غالبها، تثمينا للأصالة والتراث الجزائري عبر مختلف المناطق. وبالمقابل، يعرض متحف نصر الدين ديني بعض لوحات هذا الفنان الجزائري، الذي تجاوزت شهرته الحدود.
إنه فنان تشكيلي من مدينة وهران عاصمة الغرب الجزائري، من مواليد نوفمبر 1959. زاول دراسته الابتدائية في مدرسة ابن بطوطة بالباهية. كان حبه كبيرا؛ حيث بادر برسم أبطال الرسوم المتحركة على الجدران. وبتجربته البسيطة آنذاك، أتقن تقنية قلم الرصاص وكذا الألوان.
وبعد انتقاله إلى ثانوية لطفي أعجب بلوحات أستاذه في مادة الرسم السيد (مستاري)، فانطلق عبد الهادي في مغامرته الجديدة لتعلم تقنيات الرسم الزيتي، فبدأ في الغوص في الفن، وتأثر وأعجب بأعمال الفنان العالمي نصر الدين ديني التي قلدها وأعاد رسمها كثيرا، حسب طلب الكثير من محبي أعمال الفنان ديني. أكمل دراسته، وتحصّل على ليسانس في اللغة الإسبانية سنة 1984. حبه للرسم الزيتي وإتقانه له مكنّه من إقامة معرض سنة 1987 بمدينة وهران. كما تحصل على الجائزة الأولى في الصالون الرابع للجواد بمدينة تيارت سنة 1988، فأصبح لأعماله صدى وإعجاب كبيران من قبل الكثير من هواة وجامعي اللوحات الفنية.
أعمال الفنان عبد الهادي طالبي ومواضيعه تشبه إلى حد كبير، أعمال الفنان ديني من حيث اللمسة واختيار الألوان، وهي متواجدة في الكثير من دول العالم (أمريكا، كندا، فرنسا، هولندا، إسبانيا، المغرب.. وغيرها). كما عرض في الكثير من المتاحف وأروقة الفن.
الفنان المتواضع والهادئ استوحى أعماله من الواقع المعاش، ومن الأصالة والتراث. تجذب الجميع بجمالها وإتقانها وتنوع مواضيعها، تلك المواضيع التي يعرضها أيضا المتحف العمومي الوطني نصر الدين ديني، بهذه المدينة، التي كانت وستبقى مدينة الفن والفنانين.
المدرسة التأثيرية انعكاس لمشهد الحياة
شرب هذا الفنان من نبع المدرسة التأثيرية، التي هي بداية الفن الحقيقي للفنون الحديثة، وتسمى أيضا بالمدرسة الانطباعية، واستخدمها النقاد بهذا الاسم من أجل أن يصفوا لمسات الفرشاة غير المتصلة، أو كي يتم وصف التناول التحليلي للضوء في الأعمال القديمة، أو لإشباع العين من الطبيعة، أو من أجل رؤية وقتية للعالم، أو لمحة عن الأشياء الخارجية، فلقد استُخدمت لوصف الصور الحائطية الرومانية.
ويتأثر فنانو المدرسة التأثيرية بالحياة الجديدة والضوء والألوان؛ حيث تم رؤية الألوان المتجاورة على بعضها البعض والتي لم يلاحظها غيرهم.
ومن أهم مظاهر التجديد عند التأثيريين في لوحاتهم، ترك آثار الفرشاة واضحة الألوان، مثلما هي الحال مع طالبي، ودمجها. وهناك الاهتمام بالظلال والمناطق المظلمة في اللوحات؛ حيث كان يتم ملء لون داكن فقط. أما الفنان التأثيري فاهتم بالظلال نفسها، وعمل على إيضاح انعكاس الألوان، والعمل على إهمال الخطوط الخارجية للأشكال.
طالبي من الفنانين الذين يخرجون معدّاتهم إلى الهواء الطلق، ويضيف ما يراه في الحياة اليومية؛ من حياة العامة في الأسواق والمنتزهات، إلى لوحاته. كما يرسم عصره وتراث بلده بطرق تتميز بالمرونة والحيوية.
ويتطلب اعتماد رموز وعناصر التراث الشعبي والهوية، حرصا وحذرا عند الابتكار حتى لا يقع في المسخ والتشويه؛ لأنه دلالة ثقافة ومقاومة وسلاح بمختلف معانيها، تثير فكرة الأرض والهوية والأصل، ولا يمكن للتعبير أن يحمل نفس الرموز الجاهزة واعتمادها بلا أي روح تجددها وتلازم فكرة التعبير المقصودة؛ لأن مسألة الابتكار الفني لتلك العلامات هامة جدا لدورها في أن تبعد المنجز عن التكرار والجمود والعجز الفعلي؛ إذ تحيل على روح الفهم للمعنى الماضي في مراحله السابقة ومعانيه الجديدة.
وتعكس لوحات طالبي معالم الفن التشكيلي خلال حقبة الماضي، وإبراز تأثر الفنانين المستشرقين بالثراء والتنوع في الثقافة الجزائرية آنذاك، على غرار الفنان التشكيلي المستشرق نصر الدين ديني.
وعكست كل اللوحات الهوية الجزائرية التي أراد المستعمر طمسها يوما ما. واستطاع هذا الفنان من جيل ما بعد الاستقلال من الفنانين التشكيليين الجزائريين، أن يثروا تيارا فنيا استمد عمقه من التراث الجزائري.
قد يهمك ايضا:
التراث الجزائري حاضر في مأدبة العشاء التي أقيمت على شرف أردوغان
مشاركة الجزائر في سوق عكاظ الـ11 تمثل التراث الجزائري الأصيل