آندي كوبر

أكّد مؤسس شركة "ليبفروغ إنفيستمينتس"، آندي كوبر، أنه لا يوجد أفضل من الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، للمساعدة رسمياً في إطلاق مشروع تجاري عالمي، وعبّر كلينتون  في سبتمبر/أيلول عام 2008 عن إعجابه بتلك الشركة من خلال حديثه عنها في كلمة افتتاحية كان يلقيها خلال الاجتماع السنوي لمؤسسة "كلينتون للمبادرات العالمية"، ما يعني أن يطلب من آندي كوبر، البالغ 33 عاما آنذاك، أن يصعد إلى المنصة للتحدث إلى بضعة مئات من الحاضرين في المؤتمر في مدينة نيويورك.

وكشف كوبر أنه "كنت قد ألقيت الكثير من الخُطب في لقاءات عامة سابقاً، لكن ذلك اللقاء كان مختلفا تماما، وكنت أخشى أن أتعثر على درجات السلم وأقع على الرئيس"، لكن لحسن حظ كوبر أنه تمكن من الوقوف على قدميه وإلقاء كلمة لم يطغ عليها كثيراً فن الخَطابة الذي عُرف عن بيل كلينتون، وأضاف كوبر أنه "كان الرئيس كلينتون مدهشاً، فهو متحدث رائع في المؤتمرات العامة، وأنا أدين له بالكثير".

وقدّم كوبر خططًا طموحة لإحداث نقلة نوعية في حياة مئات الملايين من البشر في البلدان النامية، بهدف انتشالهم من حالة الفقر، فبدلاً من منحهم المساعدات، كانت خططه ترمي إلى الاستثمار في شركات محلية، ومساعدة أصحابها في إدارتها وتوسيعها، وكان أغلب الدعم يقدم في مجال التأمين والرعاية الصحية، حتى لا يُبتلي السكان بالأمراض والعلل، وبدلا من أن تكون المؤسسة خيرية أو غير ربحية، كان المخطط لشركة "ليبفروغ" أن تُدر الأرباح بشكل مؤكد، وتقدم للمستثمرين فيها معدلاً جيداً من العائدات، كان الغرض من الفكرة إنجاح العولمة والرأسمالية لصالح أكثر السكان فقراً في العالم، وبعد بداية بطيئة جداً، وصلت الأرصدة المسجلة اليوم في سجلات الشركة إلى أكثر من مليار دولار أميركي، وتستثمر الشركة حالياً في 16 شركة أخرى عبر 22 بلدًا في أفريقيا، وآسيا، ويصل مجموع العاملين فيها قرابة 100 ألف موظف، وتقدم خدماتها لنحو 91 مليون إنسان.

ونشأ كوبر، وهو ابن أحد النشطاء المعارضين لنظام الفصل العنصري في جمهورية جنوب أفريقيا، في مزرعة تقع خارج مدينة جوهانسبرغ، وعند إلقاء نظرة أولية على سيرته الذاتية، ربما لن يبدو مؤهلاً لإدارة شركة استثمارات عالمية، بهذا الحجم، فهو لم يمتلك مؤهلات علمية سابقة في إدارة الأعمال، وكان يدرس الفلسفة في الجامعة قبل أن يُحاضر في نفس المجال، لكن رغم ذلك، بدأ كوبر في الاستثمار في سوق الأسهم وهو في سن العاشرة، ليستثمر في الأموال التي كان يجمعها من بيع محاصيل مزرعة العائلة، وعندما بلغ 13 سنة، كان يجني عائدا لصالح عدد من زبائنه الذين يتعاملون معه.

وبعد دراسته في جامعة "ويتواترسراند" في مدينة جوهانسبرغ، انتقل كوبر إلى جامعة كامبريدج البريطانية، وخلال دراسته كان يقضى فصل الصيف وهو يعمل لصالح منظمة غير حكومية في الهند، قال عن عمله فيها إنها "كانت إحدى أفضل الفرص"، وكانت اللبنة الأولى التي استلهم منها فكرته المستقبلية لتأسيس شركة "ليبفروغ"، مشيرًا إلى أنه "كنا نحاول إقناع المزارعين الهنود بتبنّي الريّ بالتنقيط، والذي يمكنه مضاعفة الإنتاج ثلاث مرات، وبالتالي انتشالهم من فقرهم، لكنهم لم يفعلوا ذلك، وقد ظننت وقتها أنهم غير منطقيين، لكنني أدركت أنهم لم يكونوا كذلك، بل لم يكونوا مهيئين لخوض مجازفة ما، فتضعف محاصيلهم نتيجة لذلك، مما سيعني أن أطفالهم سيلاقون الجوع، لذلك تأملت، وقلت لنفسي 'لِمَ لا نوفر لهؤلاء الناس ضماناً يمكّنهم من انتهاز الفرصة لتحسين أوضاعهم'، مثل اشتراكهم في نظام للتأمين."

وقضى كوبر عشرينيات عمره وهو يحاضر ويرأس منظمة تدعم رواد الأعمال الاجتماعيين، وشرع بعدها في تأسيس شركته "ليبفروغ"، في البدايةً، لم يصل كوبر إلى أهدافه بسرعة لكون الفكرة جديدة بالكامل، مشيرًا إلى أنه "بدا وكأنه من المستحيل البدء في ذلك المشروع، ولكنني آمنت جوهرياً بالفكرة، والتي أسميها الربح الهادف، وهي الاستثمار في شركات تخدم النصف الآخر من البشرية، أي نحو 4 مليارات شخص ممن لم تقدّم لهم الخدمات بشكل تقليدي"، ولعدم وجود موارد مالية كافية، كان على كوبر أن يعيش من مدخراته ومدخرات زوجته، حتى نالت شركة "ليبفروغ" أول استثمار صغير بعد عام ونصف من نشاطها،

وبعد ذلك، بدأت الشركة في تكوين صلة قوية مع "مؤسسة كلينتون"، بفضل معرفة كوبر لشخص يعمل في تلك المؤسسة، ومع ذلك، لم تنجح الكلمة التي ألقاها كلينتون في سبتمبر/أيلول عام 2008 في فتح باب الاستثمارات على الفور أمام الشركة، نظراً للأحداث العالمية التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي بشكل عام بعد ذلك، فبعد أسبوع من ذلك، انهار بنك "ليمان براذرز" للاستثمارات، ودخل العالم بعدها في الأزمة المالية العالمية.

واستطاعت "ليبفروغ" تأمين مبلغ 135 مليون دولار أميركي كاستثمار في أواخر عام 2009، واليوم، تشمل المؤسسات الاستثمارية التي تتعامل مع الشركة كلا من "غولدمان ساكس"، و"جَي بي مورغان"، و"سويس ريه"، و"أكسا"، و"بنك الاستثمار الأوروبي"، أما الشركات التي تستثمر فيها "ليبفروغ" وتساعد في إدارتها فتشمل "أوول لايف"، وهي شركة تأمين في جمهورية جنوب أفريقيا تمنح ضمانات قليلة الكلفة لأشخاص مصابين بفيروس الإيدز، وسلسلة الصيدليات الكينية "غوودلايف"، والشركة الهندية "وسطاء ماهيندرا للتأمين"، ويقول كوبر إن "ليبفروغ" تساعد في زيادة إيرادات هذه الشركات بمعدل يصل إلى 43 في المئة في السنة.

وأوضح رئيس مجموعة الشركات التجارية "إيميرجينغ ماركت برايفت إيكويتي أسّوشيشن" التي تستثمر في الدول النامية، روبرت فان زويتن، أن كوبر وشركته "يشقان طرقاً" تساعد في إنشاء قطاعات جديدة تسمى "الاستثمارات المؤثرة"، وتستثمر شركتا كوبر وزويتن لهدفين، ربح المال، وإحداث تأثير اجتماعي إيجابي، وأضاف زويتن أنه "يكافح المنتدى الاقتصادي العالمي، وهو مؤتمر سنوي يعقد في دافوس، منذ سنوات عديدة لإنجاح فكرتي العولمة والرأسمالية لصالح ملايين البشر، وليس فقط لقلة منهم، في وقت ينجز فيه بوكر وفريقه في شركة 'ليبفروغ' هذا الأمر بالفعل."

وقال بوكر، الذي يقيم الآن في سيدني في أستراليا بعد أن كان يقيم في نيويورك فيما مضى: "يمكنك عمل المزيد من أعمال الخير إذا كنت تحقق الربح، وستربح أكثر لأنك إنسان خيِّر تنجز أعمالًا صالحة".