تدشين القسم الجديد في محطة الحاويات في مرفأ بيروت، كان مناسبة لاطلاق رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مواقف متعددة من مختلف القضايا في البلاد، مشددا على ان "اللامركزية الإدارية تشكل الإطار الصالح للإنماء المناطقي الفعلي، بعيداً من المحسوبيات ومن التداعيات الناتجة من أزمات الحكم والحكومة والتعقيدات المرافقة لقرارات السلطة المركزية المشبعة بالتسييس والنفعية"، داعيا "السلطتين التشريعية والإجرائية الى الإسراع في إنجاز مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإقراره في أقرب فرصة بالتوازي مع وضع الإصلاحات البنيوية والإدارية التي وافق عليها مجلس الوزراء. اما وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال، غازي العريضي، فقال "نحن أمام أهم مشروع حضاري في المنطقة على مستوى حركة الموانئ العربية والإقليمية، لبنان يتصدر الموقع الأساس في هذا المشروع الذي ينجز اليوم. الدولة تثبت بمثل هذا العمل أنها قادرة وحاضرة". أما رئيس مجلس ادارة مرفا بيروت حسن قريطم، فكشف أن "المرحلة الثانية من المشروع تتضمن توسعة المحطة غربا، إضافة الى المشروع الجاري إعداده لتشجيع حركة السياحة عبر المرفأ". وكان رئيس الجمهورية رعى أمس الاحتفال الذي أقيم في حرم مرفأ بيروت، لإطلاق العمل في القسم الجديد من محطة الحاويات، والذي تم إنجازه بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع الحالي لتوسعة المحطة. حضر الاحتفال العريضي، ووزير الصناعة فريج صابونجيان، ووزير الدولة مروان خير الدين، ووزير البيئة ناظم الخوري، ووزير الاقتصاد نقولا نحاس، والنواب: ميشال فرعون، سيرج طورسركيسيان ودوري شمعون، ورئيس مدير عام إدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم وأعضاء مجلس الإدارة، وسفير الصين جيانغ جيانغ، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، وحشد من الفعاليات الاقتصادية والنقابية والرسمية. قريطم بداية، عرض وثائقي عن مشروع التوسعة، ثم تحدث قريطم فقال "إن القسم الجديد من محطة الحاويات الجاري افتتاحه في هذه المناسبة يدخل في عداد الإنجازات الحاصلة في مرفأ بيروت خلال السنوات الأخيرة، والتي تمثلت بعدد من المشاريع الهامة، قسم منها جرى تنفيذه بالكامل وقسم آخر هو قيد الاستكمال". وقدم لمحة عن الانجازات لافتا الى انها "ساهمت في استحداث نمو مطرد في حركة المستوعبات المتداولة عبر المرفأ، بحيث زاد عددها من 300 ألف مستوعب نمطي لعام 2003 الى مليون ومئتي ألف مستوعب كما هو مرتقب للعام الجاري". وقال: "انعكس هذا النمو في حركة البضائع زيادة في الأرباح مما مكن هذه الإدارة من تمويل جميع مشاريع المرفأ الإنمائية بالتمويل الذاتي دون تحميل الدولة أي أعباء بهذا المجال". وإذ أشار قريطم الى أن المرحلة الثانية من المشروع ستتضمن توسعة المحطة غربا، أوضح أن ما تم إنجازه في المحطة "يضاهي ما هو معتمد في أهم المرافئ العالمية". ولفت الى أن الإدارة "أشركت القطاع الخاص بنشاطات مرفئية عدة لتأمين الخبرات اللازمة لتطوير العمل، واستحدثت مجالات عمل جديدة داخل الحرم المرفئي كأعمال المنطقة الحرة اللوجستية، إضافة الى أعمال المسافنة". ولفت الى المشروع الجاري إعداده لتشجيع حركة السياحة عبر المرفأ، لافتا الى أنه "لهذه الغاية وضع مخطط توجيهي يتضمن إنشاء باحات مكشوفة بمحاذاة الحوض الأول يجري تخصيصها كمحطة تلاقي تعرض فيها الحرف والصناعات اليدوية من جميع المناطق اللبنانية، لإطلاع السياح فور وصولهم الى المرفأ على ما يذخر به هذا البلد من فنون وحرف وتراث". العريضي ثم تحدث العريضي منوها بدور رئيس الجمهورية على مختلف المستويات، وقال "منذ سنوات كنا نتابع هذا المشروع الذي تباركون تنفيذه اليوم. كان الخلاف قائما بين أن ننفذ في طرابلس أو في بيروت. إنطلق في طرابلس وتأخر وتعثر ولم ينطلق في بيروت. وكان إيماننا من الأساس أن باستطاعتنا تنفيذ المشروعين وأن التكامل بين المرفأين يعود بالنفع العام للبنان. الحمد لله انطلق في طرابلس وانتهى ومنذ أيام أعلنا الى جانب الرئيس نجيب ميقاتي رغم كل الصعاب والعراقيل والتحديات، البدء بأعمال إنجاز البنى التحتية والتشغيل في مرفأ طرابلس وها نحن أمام أهم مشروع حضاري في المنطقة على مستوى حركة الموانئ العربية والإقليمية، لبنان يتصدر الموقع الأساس في هذا المشروع الذي ينجز اليوم. هذا هو منطق الدولة وخيارها بقيادتكم ورعايتكم يا فخامة الرئيس. الدولة تثبت بمثل هذا العمل أنها قادرة وحاضرة". أضاف العريضي "استطيع القول بكل فخر واعتزاز، أننا اثبتنا هنا وفي طرابلس وفي كل لبنان أن الدولة قادرة وحاضرة لخدمة الناس دون تفرقة أو تمييز لأن منطق الدولة هو الذي يجب ان يسود وعندما تثبت الدولة حضورها وقدرتها تعبر الى الناس ويعبرون إليها، ويكون العبور متبادلا بين الدولة وأبنائها ويكون كريما"، مؤكدا ان "الدولة لا تقوم بالاعتداء على أملاكها البحرية أو أملاكها العامة أو بالشهوات التي تحكم تصرف هذا أو ذاك أو بالمخالفات أو بيد المد على المال العام أو بالفساد أو بالتسيب والفلتان في الإدارة. الدولة تقوم بالقانون والعدالة والرعاية والإنماء المتوازن في شؤون أبنائها. هذا هو التحدي وهذه هي المسؤولية وهذا يحتاج الى رجال كبار نعتز بأننا بجانبكم في هذه المسيرة يا فخامة الرئيس". سليمان وأخيرا تحدث رئيس الجمهورية فقال: " قد يبدو حدثاً عادياً إفتتاح مشروع جديد في مرفق عام، غير أن ما جعل الحدث يستحوذ قدراً عالياً من الإهتمام، هو الإرادة الجماعية للسير قدماً بالإنماء والإعمار، بدل التقوقع في قاعات الإنتظار، أسرى للصراعات الإقليمية والخارجية ورهائن لنتائج الأحداث فيها. واكد سليمان ان "اللامركزية الإدارية تشكل الإطار الصالح للإنماء المناطقي الفعلي، بعيداً من المحسوبيات ومن التداعيات الناتجة من أزمات الحكم والحكومة والتعقيدات المرافقة لقرارات السلطة المركزية المشبعة بالتسييس والنفعية. إنها لامركزية قادرة على استثمار الموارد المحلية وتحقيق العدالة في توزيع الثروات والتوازن في الإنفاق في ظل تعثر التنمية الإقتصادية التي تعيشها الدولة المركزية". واعتبر ان ما يميز هذا الحدث أيضاً انه أتى ثمرة تعاون بين الدولة والقطاع الخاص بالتكافل والتضامن لإنجاز المرحلة الأولى من مشروع التوسعة في مرفأ بيروت، ما يجعل منه مثالاً يحتذى للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتجربة يمكن تعميمها على المشاريع والإستثمارات التي خططت لها الدولة"، داعيا "السلطتين التشريعية والإجرائية الى الإسراع في إنجاز مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وإقراره في أقرب فرصة بالتوازي مع وضع الإصلاحات البنيوية والإدارية التي وافق عليها مجلس الوزراء عند إقراره سلسلة الرواتب في أطرها القانونية اللازمة لوضعها موضع التنفيذ والعمل على وضع نظام ضريبي حديث يخفف عبء الضرائب غير المباشرة على المواطنين ويؤمن الايرادات للموازنة". وقال "بالرغم من الأحداث المؤلمة التي شهدتها منطقتنا فإن مؤشرات المؤسسات العالمية لحظت نمواً في هذا العام يفوق نسبة اثنين في المئة وارتقبت إرتفاع هذه النسبة الى اربعة في المئة العام المقبل". وأوضح ان صورة عن سلبيات التدخل السياسي في الادارة هي استمرار الشغور في ادارات الدولة ومجالس ادارة مؤسساتها، وإن أكثر شاهد على ذلك ما تعانيه الإدارات العاملة في مرفأ بيروت من شغور فيها بعدما عجزنا عن تعيين أعضاء المجلس الأعلى والمدير العام للجمارك، لعدم تمكن الحكومة من الاستمرار بتطبيق آلية التعيينات بسبب تنكر البعض لروح هذه الآلية وربط تنفيذها بطلبات ذات طابع سياسي لا تتماشى معها. وإذ نوه بالجهود التي بذلت لانجاز المشروع، دعا الى "المزيد من العطاء والجهد لتطوير البنى التحتية وتحديثها في هذا المرفأ الكبير الذي ارتبط وجوده بوجود لبنان منذ أقدم العصور، والذي تم تصنيفه في طليعة المرافئ في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، وعاملاً محورياً في تعزيز الاقتصاد الوطني". وفي نهاية الحفل، سلم العريضي ومجلس إدارة المرفأ برئاسة قريطم درعا تكريميا لرئيس الجمهورية، ثم قام الجميع بجولة على محطة المستوعبات الجديدة حيث اطلعوا ميدانيا على الأشغال المنجزة في إطار المرحلة الأولى من مشروع توسعتها.