تُوفي الكاتب البريطاني، باتريك سيل، بعد دخوله في غيبوبة طويلة، جراء فشل الجراحة التي كان يجريها لاستئصال ورم بالكامل، ومن المقرر أن يشيع جثمانه في 22 نيسان/ أبريل، ليدفن في مقبرة غنزال غرين، في لندن.
وينتمي باتريك سيل، الذي توفي عن عمر يناهز الثالثة والثمانين، إلى جيل الصحافيين البريطانيين الذين عايشوا من قُرب أحداثَ المنطقة العربية وانغمسوا فيها، وساعده تخصصه في تاريخ الشرق الأوسط من جامعة "أكسفورد" على اكتساب الخلفية الأكاديمية.
كانت معايشته الدقيقة لأحداث المنطقة العربية سمة غالبة على مقالاته وحواراته، فلم يكن متابعاً فقط من موقع الصحافي الأجنبي أو حتى من موقع المؤرخ، بل كان يعتبر نفسه شريكاً في القرار، من خلال الأحكام والتقويمات التي كان لا يوفرها في تغطيته للأحداث أو كتابته عنها. وهكذا، تحولت كتبه إلى مراجع، سواء تعلق الأمر بحافظ الأسد أو برياض الصلح أو أبو نضال، إضافة إلى مساهمته في صياغة كتاب "مقاتل من الصحراء" الذي يروي فيه الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز سيرته الذاتية وصولاً إلى دوره في حرب تحرير الكويت، كما كانت لسيل مواقف واضحة في دعم القضية الفلسطينية وانتقاده إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الاستيطان.
وقدم باتريك سيل، كتابه "الأسد والصراع على الشرق الأوسط"، الذي أصبح مرجعًا لكل باحث في التاريخ السوري، فضلا عن كتابه "الصراع في سورية"، وربما بسبب ما حققه الكتابان وما حظي به سيل من تقرب من الأسد ومن دائرة القرار السوري في ذلك الحين، شعر أنه مدين بالوفاء لسورية، وظل يدفع تكاليف هذا الدّين حتى النهاية، وهو ما يفسر الخلاف الذي يدور بعد غيابه، حول ما يعتبره البعض مواقف باتريك سيل التبريرية للنظام السوري.