القاهرة – قنا
في حسرة وأسى قابل أبو طارق، وهو والد فتاة فقدت بصرها ضمن 12 آخرين نتيجة الحقن بمادة طبية خاطئة، قرار المسؤولين بتعويض بـ500 جنيه (63 دولارا).
بدأت القصة حسب أبي طارق -الذي طلب أثناء حديثه عدم الكشف عن اسم ابنته المريضة- حين قرر أطباء مستشفى رمد طنطا بمحافظة الغربية حقن المرضى بمادة جديدة أدت إلى ضمور بصر 13 مريضا ليتبين لاحقا أنه غير مصرح بها دوليا.
وفي تلك اللحظة التي صُدم فيها المتضررون وذووهم برد فعل المسؤولين الفاتر على هذه الكارثة، وبات حال المبصرين منهم أشبه بحال فاقدي البصر، فكلهم، حسب وصف أبي طارق، قد 'زاغت أبصارهم وبلغت قلوبهم الحناجر، لكن في صمت بعد أن عقدت ألسنتهم عن الحديث'.
أحمد صبري نجل أحد ضحايا الحادثة قال في مداخلة تلفزيونية إنه بينما اضطر هو وغيره من ذوي مرضى المستشفى للاستدانة في محاولة منهم لمعالجة هذا الخطأ اتهمهم أحد المسؤولين في وزارة الصحة بالمبالغة.
ولم تكن هذه الكارثة هي الأولى من نوعها، فقد سبقتها حالات شبيهة، كان أبرزها واقعة وفاة أربعة أطفال وإصابة 26 آخرين بعد تلقيهم محلول معالجة جفاف غير مطابق للمواصفات بعدد من مستشفيات محافظة بنى سويف (جنوب القاهرة) في يوليو/تموز الماضي.
وحسب تقرير صادر عن الجمعية المصرية للدفاع عن ضحايا الإهمال الطبي أواخر عام 2013 يموت 2100 مصري سنويا بسبب الإهمال الطبي، كما تنظر النيابة العامة في 900 قضية إهمال كل عام.
وتعليقا على هذا قال الباحث الحقوقي أحمد مفرح إن قضايا الإهمال الطبي في العامين الماضيين زادت كثيرا في ظل عدم توافر المساءلة الجنائية وتجنب العديد من الأسر الشكوى الجنائية لما جرى لذويهم مما يدخل في إطار الجريمة.
وأضاف أن تحول طرد المرضى من المستشفيات بسبب عدم مقدرتهم على دفع العلاج إلى ظاهرة ممنهجة، ما دفع رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي لإصدار قرار بعلاج الحالات الطارئة والحرجة أول 48 ساعة مجانا، غير أن المستشفيات رفضت تنفيذ القرار، وهو دليل على ضعف الرقابة وفشل الدولة في حماية الحق في العلاج أحد الحقوق الأساسية للمواطن.
ولفت إلى أنه من حق المتضرر نتيجة الإهمال الطبي التظلم أمام القضاء واستخلاص حقه بالقانون، لكن الأزمة في التحرك الفعلي للدولة وإلزام الجهات الحكومية والخاصة بتنفيذ قرارات المحاكم, وأضاف أنه إذا ثبت التعمد في حالات الإهمال الطبي يحال مرتكب الواقعة إلى المحاكمة الجنائية.
في السياق يقول الحقوقي والقيادي في جبهة الضمير عمرو عبد الهادي إن هناك سوابق لمثل هذه الأفعال التي تصدر عن جهات حكومية، معتبرا أن الخطأ لا ينحصر في الإهمال والتسيب وإنما يتجاوزه لوجود الفساد الذي يعد العامل الأول المدمر في مصر.
وأضاف أنه مع انحدار قيمة الإنسان فالتعويض عن حياته مرتبط ارتباطا فعليا بقدره في المجتمع، فإذا كان من طبقة 'الباشوات' (الجيش والشرطة والقضاء والإعلام) فهنا تُدفع الملايين، أما إذا كان من العامة فالتعويض لا يتخطى خمسة آلاف جنيه (625 دولارا).