رئيس الجزائر عبد العزيز بوتفليقة

أدخل حلفاء للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تعريفًا جديدًا للمعارضة، يعتقد أنه يستمد حيثيته من الدستور الجديد الذي يلمح إلى اعتراف بالمعارضة البرلمانية من دون غيرها، فيما يستخدم مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، مصطلحات "قاسية" ضد معارضي الرئيس خارج البرلمان ويمعن في وصفهم بـ"الفاشية" و"بقايا الربيع العربي". وأمام انسحاب تام للتيارات السياسية التي تختار الشارع لمناهضة خيارات السلطة، أتى الدستور الجديد مكرسًا لموقف بدا أنه تبلور في تفكير أنصار الرئيس، يقر فقط بالمعارضة التي تمتلك تمثيلًا برلمانيًا. ويستمد هذا الموقف تشدده من مشهد الاستقطاب بين السلطة والمعارضة منذ 2011، عندما اختار قطاع واسع من خصوم سياسة بوتفليقة مقاطعة جميع جلسات الحوار السياسية حول الدستور والقوانين.

ويشكل خطاب مدير ديوان الرئاسة ولو من موقعه كزعيم ثاني أحزاب الموالاة، مرجعًا في متابعة خطاب السلطة تجاه معارضيها، فأويحيى وصف أولًا معارضي الدستور بـ"الحركات الفاشية"، مشددًا على تغليظ الوصف. وعاد مجددًا إلى انتقاد المعارضة حين وصفها من دون ذكرها بالاسم بـ"جرثومة من مخلفات الربيع العربي" تريد تحطيم البلاد.

ويفرق دستور الجزائر الجديد في شكل واضح بين المعارضة والمعارضة البرلمانية، وأتى بعض بنوده كأنه اعتراف فقط بالأحزاب الممثلة في البرلمان، ثم منحها "حقوقًا" انتقدها مراقبون في شكل حاد من باب أن دور المعارضة موجود ولا يحتاج إلى دسترة.

ويروج موالون للرئيس أن مواد الدستور الجديد "عززت صلاحيات المعارضة في البرلمان ولديها حق الإخطار وفي حال عدم رضاها على مادة أو قانون بإمكانها تقديم تعليل سبب رفضها وتخطر به المجلس الدستوري الذي يتكفل بالرقابة الدستورية اللاحقة على القوانين".

ويوحي ذلك بأن السلطة تضع صندوق الانتخاب بينها وبين معارضيها، ومن لا يملك التمثيل في البرلمان يكون أخفق في كسب تأييد الناخبين وبالتالي لا يملك الحق في الوجود. وعلق المعارض الإسلامي البارز عبد الله جاب الله على منحى خطاب السلطة، قائلًا إن "حقوق المعارضة في الدستور والتي يتباهى بترسيمها أنصار الرئيس، كانت موجودة من قبل وتعالج من طرف القانون وليس في الدستور".

بيد أن ما يشبه "تغول" أحزاب الموالاة على معارضيهم، وجد الطريق سالكًا قياسًا إلى تراجع التيارات السياسية المنافسة التي تستمد خطابها المعارض من الشارع، لصالح صعود معارضين يقتصر حضورهم على "غرف الاجتماعات" إلى سدة المشهد.

ويناقش تكتل معارض هو الأكبر منذ سنتين كاملتين، الخيارات المتاحة لمواجهة السلطة من دون التوصل لخيار اتفاق، ومنذ اجتماع هذا التكتل المعروف بـ"تنسيقية الانتقال الديموقراطي" في حزيران/يونيو 2014 تعددت اجتماعاته، وهو يحضر لثاني مؤتمر في غضون أيام بحضور الوجوه السابقة ذاتها.