القمة العربية 2015

أعلن المغرب قراره عدم استضافة القمة العربية 2016، لتجنّب تقديم أي "انطباع خاطئ بالوحدة والتضامن" في خضم تحولات يمر بها العالم العربي، وكان مقررًا عقد الاجتماع الدوري رقم 27 للقادة العرب في 29 آذار/مارس من العام الماضي في مدينة مراكش السياحية في المغرب، لكنه تأجل إلى 7 نيسان/أبريل المقبل، بناءً على طلب من السعودية قبل إلغائه.

وتعود وقائع إرجاء المغرب استضافة إحدى القمم العربية إلى عام 1981، حين استضافت مدينة فاس أقصر قمة عربية، اكتفى خلالها الملك الراحل الحسن الثاني بالترحيب بالحضور، معلناً إرجاء عقدها إلى وقت لاحق. وعزت أوساط رسمية الحدث المفاجئ إلى غياب قادة كل من سورية والعراق ولبنان، فيما كانت القاهرة أُبعِدت من جامعة الدول العربية، على خلفية إبرام اتفاق كامب ديفيد.

وكان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أوفد نائبه عبدالحليم خدام، فيما انتدب الرئيس العراقي صدام حسين، نائب رئيس مجلس الوزراء وقتذاك طارق عزيز، بينما كانت النقطة المحورية في جدول أعمال القمة تتعلق بالتصديق على مشروع السلام الذي اقترحه ولي العهد السعودي آنذاك الأمير فهد بن عبدالعزيز. وتوالت الاتصالات خلال الأشهر اللاحقة، لتسفر عن التئام أول قمة عربية في مدينة فاس المغربية، صاغت الأسس الأولى لخيار السلام التي جاءت بديلاً عن لاءات الخرطوم.

وتميزت أعمال المؤتمر بالتئام مصالحة تاريخية بين الرئيسين العراقي والسوري، في حضور العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، الذي كشف مرة أن القائدين تبادلا الانتقادات في ما بينهما إلى درجة عرض محاولات كل واحد منهما لجهة إطاحة نظام الآخر. وانتهت قمة فاس بالتصديق على خطة السلام، وتشكيل ما عُرف بـ"اللجنة السباعية" التي جالت على عواصم الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن، بهدف دعم خيار السلام العادل الذي أقرته القمة، إلا أن اللافت أن "مؤتمر فاس" جاء بعد الخروج الفلسطيني من بيروت، واستقرار قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها في تونس، بينما كان الشاذلي القليبي سيتولى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

بعد تولّي ملك المغرب محمد السادس مقاليد الحكم في تموز/يوليو من عام 1999، شارك في قمم عربية محدودة، مثل قمة بيروت التي أقرت خطة السلام العربية، وقمة الجزائر التي شكلت مناسبة لالتئام قمة ثانية بينه وبين الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة.

وكانت القمة العربية التي كان مقرراً أن تستضيفها مدينة مراكش العام الماضي، أُرجئت إلى نيسان المقبل، بمبرر التزامات ملك المغرب الذي أفادت المصادر بأنه يشارك في مؤتمر دولي تستضيفه واشنطن، مع الاحتفاظ بحقه في رعايتها، متى تهيأت الظروف الملائمة لذلك.

وعرض بيان الخارجية المغربية لأسباب اتخاذ القرار بالقول إنه يتماشى ومقتضيات ميثاق الجامعة العربية، وبناءً على المشاورات التي أُجريت مع دول عربية عدة، وبعد تفكير واعٍ ومسؤول، ملتزم نجاعة العمل العربي المشترك، وضرورة الحفاظ على صدقيته، ونظراً إلى التحديات التي يواجها العالم العربي اليوم، لا تشكل القمة العربية غاية في حد ذاتها، أو "تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي"، وخلص البيان إلى أن الظروف الموضوعية "لا تتوافر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع، ويستجيب لتطلعات الشعوب العربية".
وشرح البيان الموقف بأنه يطاول "غياب قرارات مهمة، ومبادرات ملموسة، يمكن عرضها على قادة الدول العربية"، ما يعني من وجهة نظر الرباط أن القمة "ستكون مجرد مناسبة للتصديق على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي"، الذي أكد البيان أنه يمر بظروف عصيبة، تشكل "ساعة الصدق والحقيقة التي لا يمكن فيها قادة الدول العربية الاكتفاء بمجرد القيام، مرة أخرى، بالتشخيص المرير لواقع الانقسامات والخلافات