وزير الداخلية الإسرائيلي غدعون ساعار

بدأت بوادر الانهيار لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالظهور بشكل أكثر وضوحًا، بعد إعلان وزير الداخلية الإسرائيلي ، عن الاستقالة من منصبه، وترك الحياة السياسية.

وجاءت الاستقالة المفاجئة لوزير الداخلية الإسرائيلي غدعون ساعار ، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على دخول وقف إطلاق النار على غزة حيز التنفيذ، لتهدأ أصوات المدافع على الحدود مع القطاع، وتشتعل الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية على وقع فشل تلك الحرب في تحقيق أية أهداف عسكرية روّجتها الحكومة، مثل القضاء على المقاومة وقدرتها العسكرية ووقف إطلاق الصواريخ الفلسطينية ، التي ظلت تتساقط على المدن والمستوطنات الإسرائيلية حتى اللحظة الأخير قبل بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار .

وأشارت المعطيات السياسية في إسرائيل إلى أنَّ تبعات الحرب "الفاشلة" على قطاع غزة ستطيح بالحكومة الإسرائيلية، التي شهدت تصدعات عديدة بين أطرافها الائتلافية، خلال العدوان وبعده.

واحتلت الاستقالة المفاجئة لغدعون ساعار ، الخميس، العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام الإسرائيلية، انطلاقًا من أنَّ نتنياهو هو الذي يتحمل المسؤولية، في حين يؤكد مسؤولون في حزب "الليكود" أنهم "يشعرون بأنَّ السفينة تغرق وأن موعد الانتخابات المبكرة يقترب".

وأبرزت صحيفة "يديعوت أحرونوت" النبأ على صفحتها الرئيسية، مشيرة إلى أن "ساعار لم يشرك أحدًا في قراره سوى زوجته وبناته، كما أطلع الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين على قراره، بيد أنه لم يبلغ نتانياهو، حيث أنه علم بذلك من خلال وسائل الإعلام".

ولفتت الصحيفة في صفحتها الرئيسية إلى أنَّ نتنياهو سيواجه صعوبة في تعيين وزير مكانه، كما تساءلت عن إمكان العدول عن قراره مع اقتراب الانتخابات.

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن أحد كبار المسؤولين في "الليكود" قوله إن "ساعار قرر أن يتخلى عن منصبه عوضًا عن مواجهة نتنياهو، وأنه سيعود مع مغادرة الأخير".

وكشف مسؤولون في " الليكود " أنَّ "استقالته تعود إلى العلاقات السيئة مع نتنياهو في العام الأخير، وأنه فقد ثقته برئيس الحكومة، ولم يعد قادرًا على مواصلة العمل معه"، معتبرين أنَّ "نتنياهو يخسر الليكود".

وأوضحت الصحيفة أنَّ "التوتر بين الاثنين قد بلغ أوجه أثناء الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، حيث هاجم ساعار، في جلسات داخلية، قرار الحكومة بعدم السعي إلى إسقاط حركة حماس من السلطة في قطاع غزة ".

وعلى الصعيد ذاته، كتب ناحوم برنيع في الصحيفة، تحت عنوان "سيعود"، أنَّ "ساعار أدرك ما سبق وأن أدركه موشي كحلون، وهو أنه طالما ظل نتانياهو في رئاسة الحكومة فلا يوجد أي فرصة لأحد أن يتقدم".

وأضاف برنيع أنه "في الجهاز السياسي الإسرائيلي يمكن التقدم فقط من الخارج، وليس من الداخل"، مستندًا إلى ما حصل ليائير لبيد، وموشي يعالون، وأفيغدور ليبرمان، ويتسحاك هرتسوغ، في حين أن نفتالي بيني يجلس في الداخل ويتصرف كأنه في الخارج.

ورأى أنه "يجب على الليكود ومؤيديه أن يشعروا بالقلق، حيث أن كحلون وساعار اختاروا المغادرة في أوج شعبيتهم وحزبهم في السلطة، ما يشير إلى وجود أزمة عميقة داخل الحزب".

وكتب شمعون شيفر أن "استقالة ساعار تأتي من تقديراته بأن زمن نتانياهو قد ولى، وأن سفينة الائتلاف التي يقودها على وشك الغرق، ولذلك قرر مغادرة السفينة قبل فوات الأوان".

وأشار يوسي فيرطر، في صحيفة "هآرتس"، إلى أنَّ "ساعار، الذي كان في السابق مقربًا من رئيس الحكومة وأمين سره، وساعده في تشكيل الحكومة، لم يأت على ذكر اسمه في خطاب استقالته"، مبرزًا أنَّ "الاستقالة تأتي في ضوء أنباء تتحدث عن منافسته المحتملة على رئاسة الليكود".

ولفت إلى أنَّ "ساعار حاول في العامين الأخيرين الاستقالة 3 مرات، كانت الأولى قبل الانتخابات الأخيرة، وعندها سبقه موشي كحلون، فاختار ساعار الانتظار لتجنب وقوع أضرار للحزب نتيجة استقالة شخصيتين، أما المرة الثانية فقد كانت بعد الانتخابات بقليل، ولكن طلب منه رؤوبين ريفلين عدم التخلي عنه في أوج منافسته على رئاسة الدولة، فاستجاب له، وأجل قرار إلى ما بعد انتخابات الرئاسة، ولكن اختطاف المستوطنين الثلاثة وقتلهم ونشوب الحرب على غزة حالا دون ذلك".

وأردف "أما بالنسبة للتوقيت الراهن، فقد اتخذ قراره قبل أسبوع"، مشيرًا إلى أنَّ "نتانياهو كان يعلم بما يفكر به ساعار، ولكنه فضل عدم تصديق ذلك".

واستطرد "استقالة ساعار ربما تحمل أنباء جيدة لنتنياهو باعتبار أنه التهديد الجدي له في التنافس على رئاسة الحزب، وفي المقابل، فإن الليكود لن يكون في حالة جيدة بعد استقالة كحلون وساعار"، لافتًا إلى أنَّ "الشخصية الثالثة في قائمة الحزب للكنيست، غلعاد أردن، ينوي مغادرة البلاد في الشتاء المقبل، ليعين مندوبًا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، وبالنتيجة فإن الليكود سيبقى دون النخبة النوعية والشابة نسبيًا، لاسيّما بعد دفع الحزب، قبل عامين، كل من بيني بيغين ودان مريدور وميخائيل إيتان إلى الخروج من الحزب أيضًا".

وخلص الكاتب إلى نتيجة مفادها أن "أحدًا لن يتقدم في داخل الحزب طالما ظل نتانياهو في رئاسته".